اخبار الإقليم والعالم
الحكومة الأردنية تقترح تعديلات على الدستور لاستكمال التحديث السياسي.
توصيات اللجنة الملكية في الأردن مشاريع خلافات مستقبلية في البرلمان
تستعد الحكومة الأردنية لاقتراح تعديلات على الدستور من أجل استكمال منظومة التحديث السياسي المنبثقة عن توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية،. إلا أن التوصيات ستكون بدورها مشاريع خلافات داخل البرلمان الأردني، ما يؤجل اعتمادها -إن كانت هناك إرادة صادقة- إلى أكثر من ثلاث سنوات حسب ترجيحات خبراء.
وقال رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة الخميس إن حكومته ستقترح تعديلات إضافية محدودة على الدستور لاستكمال منظومة التحديث السياسي.
وأوضح الخصاونة أن “الحكومة ستحيل مشاريع القوانين المتعلقة بمخرجات لجنة التحديث السياسي والتعديلات الدستورية إلى مجلس النواب بصفة الاستعجال قبل انعقاد الدورة العادية المقبلة”.
وإثر تسلم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية مؤخرا، ينتظر الأردنيون نقاشات وخلافات شائكة بشأن ما جاء فيها تحت قبة البرلمان للوصول إلى إقرارها. ورغم أنه لم يسبق للبرلمان أن رفض مشاريع قوانين يدعمها الملك لا تزال هناك مخاوف من أن يكون مصير توصيات اللجنة مثل سابقاتها من توصيات اللجان.
وفي حال أريد تمرير مخرجات اللجنة الملكية بناء على ضمانة الملك، يجب أن تتبنى الحكومة الأردنية التوصيات كمشاريع قوانين، وترسلها إلى ديوان الرأي والتشريع، ثم إلى مجلس النواب لإقرارها، ومن ثم إلى مجلس الأعيان للموافقة عليها، وتوشح بعد ذلك بالإرادة الملكية، ثم تُنشر بالجريدة الرسمية لتصبح قانونا نافذا.
ويحتفظ الأردنيون بذكرى سيئة تجاه ورشات الحوار والإصلاح السابقة والتي وضعت على الرف ولم تفعّل توصياتها بعدما شغلت الأردنيين وخلقت ديناميكية سياسية واجتماعية أملا في تغيير يلبي تطلعات الأردنيين إلى ديمقراطية تشاركية وأكثر تمثيلية.
وهذه هي اللجنة الملكية الرابعة التي يتم تشكيلها على مدار السنوات الأخيرة، وجميع مخرجات هذه اللجان مازالت في أدراج الحكومة إلى اليوم.
ويقول المحلل السياسي عريب الرنتاوي إن هناك “فجوة الثقة بين الأردنيين ومؤسسات الدولة”، ويضيف “الأردن نظم العديد من المبادرات، وشكل عددا كبيرا من اللجان التي لم يلق عملها طريقه إلى التنفيذ”.
واعتبر الرنتاوي أن “هناك قوى معادية للإصلاح السياسي في البلاد ستحاول إفشال هذه التوصيات”.وأظهر استطلاع أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية أن 68 في المئة من الأردنيين لا يثقون باللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وتزامن ذلك مع بيان أصدرته 111 شخصية وطنية، وصفت فيه مشاريع الإصلاح التي تطرحها الجهات الرسمية بأنها “مفرغة من مضمون الإصلاح”.
وأثارت توقعات الناطق باسم اللجنة الملكية، مهند مبيضين، بحصول ردود فعل على مخرجات اللجنة تساؤلات حول مصير هذه المخرجات، والعوائق التي قد تقف في طريقها، ومدى جدية تنفيذها على أرض الواقع.
وتؤكد مصادر سياسية أردنية أن التفاصيل الكثيرة في توصيات اللجنة الملكية ستستغرق وقتا طويلا للخوض فيها والمصادقة عليها، حيث يقول هؤلاء إن مناقشة هذه التوصيات لتفعيلها تنذر بخلافات مستقبلية داخل المنظومة السياسية الحالية.
وإثر نشر توصيات اللجنة استعدادا لعرضها على البرلمان كي يتم إقرارها بدأت مشاورات حزبية بغية إقامة تحالفات داخل المجلس وتوحيد المواقف مما جاء فيها، ما يجعل النقاشات بشأنها تستغرق وقتا طويلا لمناقشة التفاصيل الكثيرة التي جاءت بها.
ويتوقع محللون أن تلقى بعض توصيات اللجنة رفضا حزبيا واسعا من أطراف سياسية قد تعتقد أن إدراج مثل هذه التوصيات في القانون الانتخابي الجديد على سبيل المثال سيقلص حظوظها الانتخابية.
ومنحت لجنة التحديث السياسي على سبيل المثال الأحزاب حصة كبيرة في البرلمان يقول منتقدون إنها لا تعادل وزنها الحقيقي، بينما استهدفت المكون العشائري القوي اجتماعيا في المملكة.
وتنذر هذه الأجواء بابتداء معركة قوية داخل المنظومة السياسية، حيث يتوقع مراقبون أن يبرز مجددا مصطلح “قوى الشد العكسي” التي تمثل في العرف السياسي الأردني التيار المحافظ الذي يسعى للحفاظ على الوضع الراهن، ويكرس الواقع شبه الريعي للدولة، والذي يساعد هذه القوى على احتكار السلطة والمال.
ويرى هؤلاء أن هذه القوى ستسعى لإعاقة الدورة الدستورية لهذه المخرجات، وتوظف حالة اليأس العام والعزوف الشعبي لإضعاف الحالة السياسية بشكل متزايد ووضع العصي في دواليب الإصلاح والتغيير.
وسبق للخصاونة أن لمّح إلى هذه النقطة حينما قال “للنخب السياسية والمجتمع دور أساسي في ترجمة هذه المخرجات إلى واقع ملموس يشهد شحذاً لهممنا التي ستكون دائماً عالية في إطار هذا التأطير البرامجي للعمل السياسي ضمن سياقات جماعية وحزبية برامجية ووطنية، تلبي تطلعات واحتياجات المواطنين”.ويقول المحلل السياسي رامي عياصرة “تبقى الشكوك قائمة في تحقيق تحديث المنظومة السياسية الذي تنشده اللجنة الملكية طالما لم ترافق مخرجاتها بيئة سياسية تساعدها على أن تؤتي ثمارها”.
وأضاف عياصرة أن “التحدي القائم أمام صاحب القرار وجميع أجهزة الدولة يتمثل في إقناع المواطن الأردني بأننا مقبلون على مرحلة جديدة، تشمل تنمية العمل الحزبي ورفع القيود الأمنية المفروضة عليه، بما ينعكس إيجابا على شكل البرلمان القادم”.