اخبار الإقليم والعالم
وداعا للصحة المجانية لكن هل يأتي المرضى
قطر: لا رعاية صحية مجانية للوافدين
الدوحة - قررت قطر التخلي عن نظام تأمين الرعاية الصحية المجانية للوافدين وأسرهم، بموجب قانون أصدره أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في وقت سابق، وسيجري تفعيله بعد نحو ستة أشهر من تاريخ نشره في الصحيفة الرسمية.
وتأتي الخطوة في وقت تتعرض فيه هذه الإمارة، التي تملك أحد أفضل نظم الرعاية الصحية في المنطقة، لانتقادات واسعة من قبل منظمات دولية بشأن الأوضاع الصحية للعمال الأجانب الذين يعيشون على أراضيها.
وقال مسؤول قطري كبير إن جهات العمل في الدولة الخليجية ستكون ملزمة بتوفير تأمين صحي للعمال والموظفين الوافدين وأسرهم.
وعزت وزارة الصحة في بيان صادر الأربعاء القرار إلى محاولة تخفيف التحديات التي تواجه قطاع الرعاية الصحية المترتبة على زيادة النمو السكاني في الإمارة، وذلك من خلال إشراك القطاعين العام والخاص في تقديم خدمات الرعاية الصحية للسكّان.
ولدى قطر عدد ضخم من العمالة الوافدة، إذ لا يشكل القطريون سوى عشرة في المئة من إجمالي عدد السكان في البلاد. وكانت الإمارة سجلت زيادة سريعة في العمالة الأجنبية بدءا من عام 2010، الذي مُنحت فيه حق تنظيم بطولة كأس العالم لعام 2022. وقفز عدد سكان البلاد من 1.6 مليون نسمة في ديسمبر 2010 إلى 2.7 مليون نسمة في أكتوبر 2018.
وفي الوقت الحالي، يمكن للمقيمين الأجانب والزوار الحصول على رعاية صحية أساسية مجانا بدفع قيمة رمزية مقابل بطاقة صحية حكومية، ولا تلزم جهات التوظيف بتقديم أي تأمين صحي إضافي خاص للعاملين فيها.
وقالت وزارة الصحة في بيانها "بناء على القانون الجديد، سيتم تطبيق نظام تأمين صحي لجميع الوافدين إلى الدولة والزائرين لها، والذي يقدم خدمات الرعاية الصحية الأساسية لهم عبر مقدمي خدمات الرعاية الصحية في عدد من المرافق الصحية الحكومية والقطاع الخاص، وفقا لنظام التغطية التأمينية لهم".
ويستهدف القرار جميع الوافدين سواء من المستقدمين بالمنازل أو العمالة المهنية أو الموظفين أو القادمين للزيارة، وسيكون إلزاميا بحيث أي شخص سيقوم بتجديد الإقامة أو يزور البلاد لأول مرة سيستوجب عليه أن يكون لديه تأمين صحي.
وأوضح مستشار وزير الصحة خالد المغيصيب أنه سيطبق نظام إلكتروني لمراقبة تنفيذ التأمين الصحي ومنع أي استغلال من بعض الشركات التي قد تفسد التجربة، مشيرا إلى أنَّ التجربة جديدة، ولكن شركات التأمين الخاصة هي من ستتحمل المخاطر.
ويرى متابعون أن القرار يستهدف تخفيف العبء الاجتماعي الملقى على كاهل الدولة، كما يأخذ القرار بالاعتبار استضافة البلد لكأس العالم، حيث من المرتقب أن يجلب هذا الحدث مئات الآلاف من المشجعين والزوار، الأمر الذي سيترتب عليه ضغط كبير على القطاع الصحي الحكومي في الإمارة الصغيرة، وسط خوف من عجز القطاع عن توفير التغطية للوافدين.
ولا يخلو القرار من دوافع تتعلق بمحاولة تحسين الرعاية الصحية المقدمة للعملة الأجانب، في ظل اتهامات للإمارة بالتقصير في هذا الجانب.
وتعرضت قطر، التي لم يعد يفصل عن احتضانها نهائيات كأس العالم سوى أشهر، إلى انتقادات على مدار السنوات الأخيرة بشأن أوضاع العمال الوافدين على أراضيها، وهناك من المنظمات الدولية من ذهبت حد المطالبة بإلغاء احتضان الدوحة لهذا الحدث الكروي، جراء معاناة هذه الفئة واشتغالها في ظروف لاإنسانية.
وكشفت تقارير استندت على بيانات حكومية أن أكثر من 6500 عامل أجنبي من الهند وباكستان ونيبال وبنغلاديش وسريلانكا، توفوا في قطر منذ أن حصلت الدوحة في العام 2010 على حق تنظيم بطولة كأس العالم، ووصفت الغالبية العظمى من هذه الحالات بأنها ناتجة عن وفاة طبيعية، الأمر الذي لا يلاقي قبولا من قبل المنظمات الحقوقية.
ووفقا لتقرير سابق نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية فإن السفارة الباكستانية في الدوحة كشفت عن أن 824 عاملا باكستانيا توفوا ما بين عامي 2010 و2020. وذكرت الصحيفة أن العدد الحقيقي يمكن أن يكون أكبر من ذلك بكثير، مشيرة إلى أن الأرقام تضمنت إحصائية لحالات وفاة من خمس دول آسيوية فقط هي الهند، باكستان، نيبيال، بنغلاديش وسريلانكا، بينما لا توجد معطيات عن حالات الوفاة من بين العمال الذين قدموا من دول أخرى إلى قطر خلال تلك الفترة.
وحسب منظمة “العفو الدولية” يمثل العمال الأجانب 95 في المئة من القوة العاملة في قطر، وهم يفدون إليها من بعض أكثر بلدان العالم فقرا، ويعملون في قطاعات مثل البناء والفنادق والعمل في المنازل. لكن مع التزايد السريع لأعداد العمال الذين يفدون للاستفادة من الفرص الاقتصادية، سقط المزيد منهم ضحايا لنظام العمل الذي يتسم بالاستغلال في قطر.