"النقد البنّاء هزّ قلبي وعلّمني التواضع"
ناصر العنبري.. فنان يروي رحلته من الفقر إلى النجومية «كان يبحث فقط عن عشاء لأولاده»
الفنان الكوميدي ناصر عيدروس محمد العنبري، القادم من مودية – أبين، صنع حضوره من مسرح المدرسة وجمعيات الخميس الأدبية، ثم كوّن فرقة مسرح وإنشاد قبل أن يفتح له “العالم الأزرق” نافذة واسعة للوصول. بين ضحكة وحكاية، روى ناصر سيرة مكابدة بدأت من الصفر عام 2017 حين غادر مودية إلى عدن “بلا مال”، وراح يبحث عن لقمة عشاء لأولاده، وصولًا إلى دور لافت في مسلسل “دروب المرجلة” وتحوّله إلى اسم جماهيري قريب من الناس.
يرى العنبري أن الأدوار المركّبة هي الأكثر جذبًا للجمهور، لذلك قَبِل نص “دروب المرجلة” فور قراءته، واشتغل على الشخصية بإضافات أدائية من عنده: حركات، نبرات، وعبارات عامية لافتة.
يعترف بأن المردود المالي في الجزء الأول لم يكن هاجسه، فـ“الرصيد الفني” كان أولوية، لكنه يقرّ أيضًا بأن النقد البنّاء غيّر سلوكه على المنصات—توقف عن إظهار موائد اللحم احترامًا لمشاعر جمهور يعاني اقتصاديًا.
خارج التمثيل، يقدّم العنبري نفسه كأب لسبعة، وشاعر وملحّن وكاتب سيناريو، وصاحب دكان صغير، وبرنامج يومي منضبط يبدأ بالنوم المبكر والقيام للفجر، ثم عمل وإعلانات ومتابعة شؤون الحارة من كهرباء ومياه ومظالم.
ينسج رؤيته الوطنية من أبسط التفاصيل: “الوطنية ليست أغاني وشعارات؛ هي أن تميط الأذى عن الطريق، وتقوم بواجبك في بيتك وحيّك”.
إنسانيًا، استعاد لحظات قاسية: إهانة بائع رمى بضاعته المتواضعة أرضًا يوم كان يحاول بيع “النارجين” لتأمين عشاء الأسرة؛ ومشهد فتى مبتور الأطراف في السعودية شاركه شراب البرتقال ودمعة الاعتراف. هذه القصص—كما يقول—صقلت لديه حسّ التعاطف، ورسّخت قاعدة محتواه: لا عنصرية، لا دم، لا تشهير.
وفي “خيال الرئاسة لساعة واحدة” يلخّص ثلاث أولويات: تحالف خارجي صادق (يميل إلى نموذج الشراكات العملية كالصين)، تطبيق صارم لقانون “من أين لك هذا” يبدأ بالرئيس وينتهي بأصغر مسؤول، وفتح أوسع مدى للتعايش والقبول بالآخر.
أما ندمه الأكبر فمتصل بتساهلٍ مع أحد الأبناء في مواصلة التعليم—قرارٌ يراه اليوم مستحقًا لمزيد من الإصرار الأبوي. وعن تقييمه لنفسه يمنحها “7/10”، ويُحيل الفضل للجمهور: “كلما لامستَ هموم الناس، زاد رصيدك”.
بعد خمس سنوات، يتمنى أن يجد اليمنيين “أقلّ جوعًا وأكثر رضا”، وأن يبقى على رسالته: ابتسامة نظيفة، ومحتوى يترك أثرًا طيبًا… “فسمعة الإنسان أطول من حياته”.