مفارقة مالية.. شركات تتفوّق على فرنسا في سباق الاقتراض الرخيص
في ظاهرة غير مسبوقة، كشفت تقارير مصرفية أن بعض كبرى الشركات الفرنسية، مثل مجموعة الأزياء الفاخرة LVMH، وشركة الطيران إيرباص، ومجموعة لوريال لمستحضرات التجميل، باتت تحصل على قروض بأسعار فائدة أقل من تلك التي تقترض بها فرنسا.
وقالت إذاعة "إر.تي.إل" الفرنسية هذا التطور الغريب رصدته غولدمان ساكس وأكدته صحيفة "فايننشال تايمز"، حيث أصبحت "توقيعات" رؤساء هذه الشركات، مثل الملياردير برنار أرنو (مالك LVMH)، أكثر موثوقية لدى المقرضين من توقيع وزير المالية الفرنسي. ففي نظر المستثمرين، احتمال استرداد أموالهم من هذه الشركات العالمية بات أكبر من فرص استردادها من الخزانة الفرنسية.
أزمة ثقة في المالية الفرنسية
ولفتت الإذاعة الفرنسية إلى أنه حتى وقت قريب، كان الاقتراض الحكومي الفرنسي يتم دائماً بشروط أفضل من الشركات الخاصة، باعتبار الدولة الأكثر استقرارًا وضمانًا في السوق.
وأوضحت أن تزايد الديون، وتكرار العجز، إضافة إلى تخفيض وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني الفرنسي، فضلاً عن حالة الجمود السياسي التي تعرقل خطط خفض العجز، كلها عوامل أدت إلى تراجع ثقة الأسواق.
الفارق بين الشركات العالمية والمحلية
وأشارت الإذاعة الفرنسية إلى أن هذا الوضع يمثل فرصة للشركات الفرنسية الكبرى متعددة الجنسيات، التي تستفيد من انتشارها العالمي وتحقق أرباحًا ضخمة تجعلها أكثر أمانًا في نظر المستثمرين.
وتشير البيانات إلى أن نحو 80 شركة في منطقة اليورو تقترض حالياً بأسعار فائدة أقل من الدولة الفرنسية. لكن الصورة ليست وردية للجميع، إذ تعاني الشركات الأصغر والأكثر اعتمادًا على السوق الفرنسية من ارتفاع تكاليف التمويل بسبب حالة عدم الاستقرار.
هل فرنسا مهددة بالإفلاس؟
ورغم القلق الحالي، لم تشهد فرنسا "إفلاسًا كاملًا" منذ الثورة الفرنسية عام 1797، حين تم إلغاء ثلثي ديون الدولة. لكن البلاد لجأت عبر التاريخ إلى ما يُعرف بـ"الإفلاس المقنّع"، مثل تخفيض قيمة العملة بشكل كبير كما حصل بعد الحربين العالميتين لتخفيف عبء الديون.
اليوم، ومع وجود فرنسا في منطقة اليورو، فإن هذا الخيار بات مستحيلًا، مما يجعل المعادلة المالية أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.