في عقر دارهم.. «بلديات» ليبيا تكشف انتكاسة الإخوان
مُني تنظيم الإخوان بالهزيمة في الانتخابات البلدية الليبية بحسب نتائج أولية رغم محاولات الحشد، وإرهاب الناخبين والمنافسين.
وأظهرت نتائج الاقتراع الذي أُجري في 26 بلدية تراجع قوائم الإخوان في عقر دارهم في بلديات الغرب الليبي بطرابلس وزليتن وغيرها.
وكان من المقرر إجراء الانتخابات في 62 بلدية لكنها عُلِّقت في عدد من البلديات جراء اعتداءات وتوجيهات بمنع الاقتراع.
ووفقًا لمحاضر الفرز والنتائج الأولية المعلنة، تعرضت قوائم الإخوان في طرابلس لهزيمة واضحة، في مقابل تقدم القوائم المستقلة، ففي بلدية طرابلس المركز فازت قائمة السارية المنافس الشرس لقائمة تنظيم الإخوان.
كما فازت قائمة عودة الحياة ببلدية الزهراء، وأظهرت النتيجة المبدئية للانتخابات في بلدية سواني بن آدم فوز قائمة القلم رقم (1) رغم الفوضى والخروقات الأمنية.
وفي بلدية العزيزية جاءت النتائج الأولية على نفس المنوال، حيث فازت قائمة السلام (1)، ما يعني تراجع فرص تنظيم الإخوان في الفوز بأي من بلديات طرابلس الرئيسية.
وفي زليتن التي تشهد تنافسًا شرسًا بين التيارات الإسلامية المختلفة، والتي عُرفت خلال الأيام الماضية بإطلاق الرصاص وقذائف الهاون على مقر المفوضية العليا للانتخابات، تراجع تنظيم الإخوان رغم كل ذلك، حيث تُظهر النتائج الأولية فوز قائمة البصمة.
خروقات
ويأتي ذلك في حين شهدت الانتخابات عدة خروقات دفعت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا للمطالبة بوقف الاقتراع بعد رصدها مخالفات جوهرية ببلديات سواني بن آدم وحي الأندلس وطرابلس المركز.
وأوضحت المؤسسة أن أبرز المخالفات تمثلت في منع مراقبين ووكلاء القوائم من دخول بعض المراكز الانتخابية في طرابلس المركز، واعتداءات مسلحة وإطلاق رصاص لترهيب الناخبين والمراقبين في السواني، وشطب قائمة الإصلاح في حي الأندلس من بعض المراكز.
وأضافت المؤسسة أن غياب البصمة الإلكترونية في بعض المراكز فتح المجال للتزوير، مع وقوع تلاعب في الأعداد وشكاوى من منع وكلاء القوائم من متابعة العملية.
لجنة انتخابية في اقتراع البلديات الليبية بمرحلتها الثانية
افتعال الأزمات
ورأى المحلل السياسي الليبي محمد صالح أن تنظيم الإخوان، مع شعوره بخطر احتمالية إزاحته من المشهد السياسي وفقدان قاعدته في السلطة، لجأ إلى افتعال الأزمات وتحريك الكتائب المسلحة الموالية.
وأوضح صالح في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن المشهد الانتخابي الحالي أظهر بوضوح حجم الخسارة الكبيرة التي مُني بها تيار الإسلام السياسي، وأن الخروقات خير دليل على الفشل، مشيرًا إلى أن هذا لم يتجسد فقط في محاولات التخريب، بل سبقه هجوم مباشر على المفوضية العليا للانتخابات، إضافة إلى استهداف مراكز اقتراع في كل من الزاوية وزليتن، فضلًا عن عرقلة العملية عبر وسائل مختلفة.
انحسار شعبية الإخوان
وأكد صالح أن كل المؤشرات تدل على أن جماعة الإخوان، مع بداية تراجع نفوذها السياسي، تسعى إلى إفشال العملية الانتخابية أو إرسال رسائل تفيد بأن البيئة غير ملائمة لإجراء الانتخابات.
وحذّر صالح من أن الخطوة القادمة التي يجهز لها الإخوان قد تتجاوز التخريب إلى محاولات إزاحة الخصوم السياسيين بشكل مباشر.
وفي السياق نفسه، رأى المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي أن انتخابات المجالس البلدية في مرحلتها الثانية حملت ملفين أساسيين، أحدهما كان مفاجئًا وهو إلغاء الانتخابات في عدد من البلديات على عكس ما حدث في المرحلة الأولى، فيما كان الملف الثاني متوقعًا، وهو خسارة القوائم المحسوبة على تيار الإسلام السياسي وتحالفاته في غرب البلاد.
وأوضح الأوجلي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن هذه الخسارة تعكس إدراك الشعب الليبي بخفايا هذا التنظيم والأفكار التي تبناها، والتي عانى منها الليبيون في مناطق واسعة من البلاد حتى اليوم، مشددًا على أن الوعي الشعبي بخطورة وصول مثل هذه الجماعات – سواء كانت مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين أو تيارات إسلامية أخرى – هو ما ساهم في هذا التراجع.
وأضاف أن نتائج الانتخابات، رغم كونها صادمة لكثير من المتابعين، تعكس في الوقت ذاته تطورًا في وعي الناخب الليبي ورفضه لهيمنة من وصفهم بـ"المتطرفين أو المتسترين بالدين".
وفيما يتعلق بتأجيل الانتخابات في بعض البلديات الكبرى، أكد الأوجلي أن ذلك قد يصب في مصلحة العملية الانتخابية ككل، موضحًا أن التأجيل سيمنح المفوضية والمترشحين والناخبين وقتًا أكبر للإعداد، خاصة مع ضعف الإقبال على التسجيل مطلع العام الجاري. وتابع: "قد يكون هذا التأجيل فرصة لزيادة أعداد الناخبين، وهو ما سينعكس إيجابًا على نجاح هذه الانتخابات في النهاية".