البرهان يضغط على التشكيلات المسلحة لإخلاء الخرطوم قبل تولي حكومة إدريس مهامها

وكالة أنباء حضرموت

تضغط قيادة الجيش السوداني على التشكيلات المسلحة لإخلاء العاصمة الخرطوم قبل تولي الحكومة الجديدة برئاسة كامل إدريس مهامها.

ومنذ أن استعادها الجيش من قوات الدعم السريع في مارس الماضي، يشكو سكان الخرطوم من تنامي ظاهرة العنف والنهب وسط اتهامات للتشكيلات المسلحة التي ينتمي بعضها للحركة الإسلامية على غرار كتيبة البراء بن مالك، وأخرى لحركات دارفور، بالتورط في تلك الأعمال.

ويعتزم رئيس الوزراء الجديد إعادة مؤسسات الحكومة إلى الخرطوم في أكتوبر المقبل، بالتزامن مع إعادة فتح مطار الخرطوم الدولي أمام حركة الطيران. وتفرض هذه الإجراءات ضبط الوضع الأمني واستعادة الطابع المدني للعاصمة.

وأكدت لجنة إخلاء الخرطوم من التشكيلات العسكرية والقوات المشتركة وجمع السلاح، خلال اجتماعها الخامس الذي انعقد برئاسة الفريق ركن عبدالمحمود حماد حسين، أن جميع القوات المعنية بتنفيذ قرار رئيس مجلس السيادة رقم (153) قد أبدت التزامها الكامل بإخراج كافة المظاهر المسلحة من المدينة ونقلها إلى المواقع والمعسكرات المحددة مسبقًا.

وشددت اللجنة خلال الاجتماع الذي عقد الأحد على أن أي قوة عسكرية تتواجد في ولاية الخرطوم بعد انتهاء المهلة المحددة ستواجه بإجراءات رادعة، مشيرة إلى أن قادة القوات المعنية وافقوا على تنفيذ خطة الخروج من العاصمة.

الحركات المسلحة ترى بأن الجيش ومن خلفه الحركة الإسلامية يسعيان من خلال قرار إخلاء الخرطوم، إلى تحجيمها

وشكّل رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، في 18 يوليو الماضي لجنة بقيادة مساعده إبراهيم جابر، تعمل على تهيئة الأوضاع لعودة النازحين إلى الخرطوم، وتشمل مهامها إخلاء الولاية من التشكيلات العسكرية والجماعات المسلحة خلال أسبوعين.

ولاقى تشكيل اللجنة اعتراضات واسعة لاسيما من كتيبة البراء بن مالك التي تحدت القرار بالتأكيد على أنها ستتواجد في أي مكان.

وتعد كتيبة البراء بن مالك أحد أبرز الأذرع العسكرية للحركة الإسلامية، وقد لعبت دورا رئيسيا في استعادة الجيش السيطرة على الخرطوم والمدينة التوأم أم درمان، وولاية الجزيرة.

وتصر الكتيبة على البقاء في المناطق التي سيطر عليها الجيش بما في ذلك الخرطوم، لضمان نفوذها، وفرض حصتها في السلطة ما بعد الحرب، رغم أن قيادتها تنفي أن يكون لها أطماع في الحكم.

ولا تنحصر الاعتراضات في كتيبة البراء بل وأيضا في حركات دارفور، التي تقلص نفوذها في معاقلها الرئيسية، وترى بأن خروجها من العاصمة، سيفقدها المزيد من النفوذ وسيترتب على ذلك تحولها إلى مجرد رقم هامشي في المعادلة السودانية.

وتعتبر تلك الحركات أن الجيش ومن خلفه الحركة الإسلامية يسعون من خلال قرار إخلاء الخرطوم من التشكيلات العسكرية، إلى تحجيمها.

وترفض الحركات الاتهامات الموجهة لعناصرها بارتكاب تجاوزات في الخرطوم، معتبرة أن هناك عملية تضليل تجري لتشويهها.

وحتى الاثنين، لم يصدر عن تلك الحركات كما هو الحال بالنسبة لكتيبة البراء بن مالك أي تعليق على تصريحات اللجنة لجهة التعهد بالانسحاب من العاصمة.

وبحسب اللجنة المعنية، فقد ناقش الاجتماع الترتيبات العملية لتنفيذ قرار الإخلاء، لافتة إلى أن قادة القوات أكدوا على التزامهم التام بإخراج التشكيلات العسكرية من الخرطوم إلى المواقع المتفق عليها، وفقًا لما ورد في قرار رئيس مجلس السيادة.

كتيبة البراء بن مالك تعد أحد أبرز الأذرع العسكرية للحركة الإسلامية، وقد لعبت دورا رئيسيا في استعادة الجيش السيطرة على الخرطوم

ووفقا لما صدر عن تلك اللجنة، فقد شدد القادة العسكريون على أنهم لا يتحملون أي مسؤولية تجاه أي قوة لا تلتزم بمغادرة العاصمة خلال المهلة المحددة، مؤكدين أن الأجهزة الأمنية ستتعامل بحزم مع أي مظاهر مسلحة تظهر بعد انتهاء فترة توفيق الأوضاع.

وأوضح الفريق عبدالمحمود حماد حسين أن تنفيذ القرار يمثل خطوة محورية نحو تطبيع الحياة المدنية في محليات العاصمة، ويسهم في تيسير عودة المواطنين إلى منازلهم في بيئة آمنة ومستقرة، مشيرًا إلى أن اللجنة تعمل وفق جدول زمني واضح لتنفيذ الإخلاء الكامل بالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة.

وأشار حسين إلى هذا التوجه يأتي انسجامًا مع توجيهات رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش، الذي شدد مطلع أغسطس الجاري على ضرورة إنهاء كافة المظاهر العسكرية داخل الخرطوم، لتمكين المواطنين من استئناف حياتهم الطبيعية دون تهديدات أمنية.

وأكد العميد شرطة فتح الرحمن محمد التوم، الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة ورئيس اللجنة الإعلامية، أن اللجان الميدانية تواصل تنفيذ مهامها وفق الخطط المعتمدة، بهدف بسط الأمن وفرض هيبة الدولة، إلى جانب توفير الخدمات الأساسية للمواطنين في المناطق التي تم إخلاؤها.

وأشار إلى أن العمل الميداني يجري بوتيرة متسارعة لضمان نجاح عملية الإخلاء وتحقيق الاستقرار الأمني في العاصمة، بما يتماشى مع التوجيهات العليا الرامية إلى إنهاء مظاهر التسلح داخل المدن السودانية، وإعادة بناء الثقة بين المواطنين والمؤسسات الأمنية.

ويشكك الكثير من سكان الخرطوم في أن تلتزم كل التشكيلات بالانسحاب، مشيرين إلى أن معضلة الأمن في العاصمة لا تقتصر فقط على هؤلاء بل أيضا على الخلايا الأمنية المنتشرة في الخرطوم، والتي ترتكب العديد من الانتهاكات منها خطف المدنيين والنشطاء لمجرد إصداحهم برفض الحرب.

واتهم حزب التجمع الاتحادي سلطة الأمر الواقع بممارسة انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في العاصمة الخرطوم، مشيرا إلى أن ما يُعرف بـ”الخلية الأمنية” تشن حملات اعتقال واسعة تطال المواطنين والناشطين، وعلى رأسهم أعضاء لجان المقاومة، في استهداف سياسي واضح يهدف إلى إسكات الأصوات المطالبة بوقف الحرب.

وقال الحزب في بيان، إن هذه الخلية المدعومة بعناصر من حزب المؤتمر الوطني المحلول، تقوم برصد النشطاء في الأحياء عبر مخبرين محليين، ليتم اعتقالهم ونقلهم إلى مقر حزب المؤتمر الوطني المحلول بالخرطوم خلف جهاز المغتربين، حيث يتعرض المعتقلون للتعذيب الوحشي والإهانات، قبل تقديمهم لمحاكمات صورية تفتقر لأدنى معايير العدالة.

وأضاف الحزب أن هذه الممارسات تمثل خرقًا صارخًا للدستور والقوانين السودانية وانتهاكًا فاضحًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومخالفة صريحة لاتفاقية مناهضة التعذيب التي صادق عليها السودان.

وطالب التجمع الاتحادي بـالإيقاف الفوري لهذه الحملات وإطلاق سراح جميع المعتقلين فورًا، وفتح تحقيق شفاف ومستقل تحت إشراف جهات حقوقية دولية ومحلية ومحاسبة جميع المتورطين في هذه الانتهاكات، أياً كانت مواقعهم.