سلاح الحوثي و«كذبة التصنيع».. «شحنات الموت» تعرّي النوايا والخسائر
قدّم ضبط أكبر شحنة أسلحة حتى الآن دليلًا إضافيًا على استمرار تهريب مليشيات الحوثي للأسلحة، لتعويض خسائرها إثر الضربات الأمريكية الأخيرة.
وكشفت الشحنة الضخمة، التي ضبطتها مؤخرًا قوات المقاومة الوطنية اليمنية، عن مواصلة الحوثيين عمليات التهريب في محاولة لتحديث ترسانتهم وتصعيد اعتداءاتهم، وفقًا لخبراء ومراقبين.
وكانت المقاومة الوطنية قد ضبطت مؤخرًا شحنتي أسلحة، إحداهما تضم نحو 750 طنًا من الأسلحة، كانت في طريقها للتهريب إلى الحوثيين.
وتضمنت الشحنة منظومات صاروخية بحرية وجوية، ومنظومة دفاع جوي، ورادارات حديثة، وطائرات مسيّرة، وأجهزة تصنّت، وصواريخ مضادة للدروع، ومدفعية «بي 10»، وعدسات تتبُّع، وقنّاصات، وذخائر، ومعدات حربية متنوعة.
الحاجة إلى تنسيق مؤسسي
يرى الباحث اليمني ومدير مركز «ساوز 24» للدراسات في عدن، يعقوب السفياني، أن «ضبط هذه الكمية الكبيرة من الأسلحة يُعد مؤشرًا وضربة بالغة الدلالة على استمرار شبكات التهريب الحوثية في تحديث ترسانة المليشيات، رغم الضغوط الإقليمية والدولية».
وقال في حديث لـ«العين الإخبارية» إن العملية تعكس تطورًا لافتًا في القدرات الاستخباراتية والعملياتية للقوات اليمنية والأجهزة الأمنية، سواء على مستوى تتبّع المسارات البحرية أو تفكيك الخلايا المرتبطة بالحوثيين.
وأكد السفياني أن «كبح التهريب لم يعد أمرًا مستحيلًا كما يُروّج أحيانًا، بل يتطلب تفعيل الإرادة والتنسيق المؤسسي المستدام».
وأضاف أن كل شحنة يتم ضبطها تقابلها –وفق تجارب سابقة– شحنات أخرى قد تنجح في الوصول، ما لم تُفكّك شبكات التهريب من المنبع حتى المصب. وهذا، بحسبه، يتطلب استجابة أكثر فاعلية من الشركاء الإقليميين والدوليين، خاصة في ما يتعلق بفرض الرقابة البحرية على الممرات المشبوهة، وتحديث قواعد الاشتباك على اليابسة.
نطاق المواجهة
وحول أهمية تحرير السواحل الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أشار السفياني إلى أن ذلك «مرتبط بالإرادة السياسية».
وقال: «القدرة موجودة، والبيئة المحلية مهيأة لتوسيع نطاق المواجهة، لكن ما ينقص هو الضوء الأخضر لإطلاق عملية شاملة لتجفيف منابع الدعم العسكري للحوثيين، سواء عبر البحر أو البر».
وشدد على أن «بدون هذا القرار، ستظل الإنجازات الأمنية الميدانية مُعزولة، وغير قادرة على إحداث التحوّل الاستراتيجي المطلوب لإنهاء النزاع واستعادة الدولة».
كشف زيف مزاعم التصنيع الحوثي
من جانبه، قال رئيس تحرير صحيفة «الثوري» اليمنية سابقًا، خالد سلمان، إن «ما تم ضبطه في البحر الأحمر ليس مجرد شحنة، بل ترسانة أسلحة. 750 طنًا تكشف زيف مزاعم الحوثي بالتصنيع المحلي، وتضع إيران كمصدر وحيد لتسليح الجماعة».
وأضاف في حديثه لـ«العين الإخبارية» أن الشحنة تُثبت أن «الحوثي لا ينتج الصواريخ الباليستية ولا يدير العمليات البحرية، بل مجرد مستهلك نهائي لمنتجات المصانع الإيرانية، وربما أيضًا محطة وسيطة لإعادة تهريب هذه الأسلحة إلى شبكات إرهابية أخرى في المنطقة».
وأشار إلى الحاجة لتطوير القوات البحرية، ورفع سقف التدريب والتأهيل والتسليح بدعم دولي، مع منحها مسؤولية حماية المضائق البحرية والممرات الدولية.
مرحلة جديدة من التهديد الإيراني
أما المحلل السياسي اليمني، سمير اليوسفي، فاعتبر أن الشحنة المضبوطة تمثل «ترسيمًا واضحًا لمرحلة جديدة من العلاقة بين طهران والحوثيين، قوامها بناء قدرة عسكرية هجومية متقدمة، متنقلة، ومتعددة المهام».
ولفت إلى أن الذاكرة اليمنية لا تنسى السفينة «جيهان 1» عام 2013، التي كانت تحمل صواريخ «سام» وبعض الأسلحة الخفيفة بوزن لم يتجاوز 48 طنًا. حينها، أحدثت صدمة سياسية وأمنية واسعة، أما اليوم فالشحنة المضبوطة تمثل قفزة هائلة من حيث الكم والنوع، وهي أخطر عملية تهريب يُعلَن عنها رسميًا حتى الآن.
وختم بالقول: «هذه العملية تُظهر تطورًا ملحوظًا في أداء المقاومة الوطنية وقدرتها على الرصد والتنفيذ، ما يعكس نضوجًا أمنيًا واستخباراتيًا، ويفتح الباب لمرحلة جديدة من التعاطي مع التهديد الإيراني في المنطقة».