قبة العمودي وميناء رأس عيسى: حكاية المخا من الازدهار إلى الاندثار
قبة العمودي (حي العمودي، باب العمودي، قلعة العمودي) بمدينة المخأ، وميناء رأس عيسى بمحافظة الحديده ..
تاريخ آثري عريق وّثق في الوادي التهامي (تهامه) منذوا مئات السنين ...
معالم ومواقع الأثرية تم طمسها ولم يتبقى منها سوى بقايا أساسات من الحجارة المطمورة بالرمل، على الرغم من أنها كانت تعتبر إحدى المعالم التاريخية الهامة، وكانت تضم كثيراً من المواقع الأثرية ...
مدينة المخأ :
مدينة المخا خلد اسمها البن اليمني ودمّرها التهميش ..
وأنت تبحث عن التاريخ في زوايا مدينة كانت يوماً محطة تصدير وسفر لكثير من المنتجات الطبيعية اليمنية إلى مختلف دول العالم. في المخا اليمنية كل شيء يستدعيك لأن تجلس معه، قوارب الصيادين الصغيرة، وقهوة البن الشهيرة، وأحياؤها الطينية العتيقة، وإنسانها البسيط المكافح ..
وفي رحلة التجوال بين أحيائها البسيطة تستعيد ذاكرتك التاريخ المميز لهذه المدينة ومينائها الشهير، الذي يعطيها شخصيتها ويمكن للعين الخبيرة أن تترجمه إلى دلالات اجتماعية وبيئية واقتصادية وسياسية وعسكرية أيضاً ..
وأينما اتجهت في أي مقهى كبير في دول الغرب تجد (موكا كوفي Mocha Coee) وأيضا (موكا لاتيه Mocha Latte) من أبرز علامات القهوة التي تقدم فيه، دون أن يعرف الكثيرون جذور هذه التسمية، التي تعني (بُن المخا) وأصبحت تطلق على أشهر ماركات البن البرازيلية وغيرها ..
قد لا يتبادر الى الأذهان أن هذه التسمية العالمية مأخوذة من شهرة الميناء الذي كان يصدر منه البن اليمني ذو الجودة العالية لعقود مضت، وهو ميناء المخا، الذي كان من أشهر موانئ اليمن على ساحل البحر الأحمر، غربي اليمن، والذي خلّد اسمه البن الذي كان يصدّر منه وتراجع دوره التجاري كمدينة وميناء مع تراجع الانتاج اليمني من البن ..
كان للمخا المدينة والميناء دور تجاري حيوي في القرون الوسطى حين كان أهم وأشهر موانئ اليمن على الإطلاق، خلّد ذكره الرحّالة والمؤرخون الأوروبيون بما دوّنوهُ في كُتبِهم وفي سير رحلاتهم للعربية السعيدة، والذين أعطوا لمحات تاريخية هامة توضح كم كان لهذا الميناء ولهذه المدينة العريقة مِن أهمية وكم لَعِبَتْ مِن أدوار في تاريخ واقتصاد اليمن الحديث ..
تقع مدينة المخا غرب محافظة تعز على بعد حوالي (94 كيلومتراً) على ساحل البحر الأحمر وتتبعها إدارياً ..
وقوعها على خط سير القوافل التجارية، وخلجانه الواسعة المؤهلة لاستقبال السفن التجارية العملاقة، والبيئة المخائية الهادئة والمسالمة تزيد من فرص نجاح الإستثمار المحلي والخارجي ..
وجغرافياً يحتل ميناء المخا الاستراتيجي أهمية كبيرة، لقربه من ممر الملاحة الدولي بمسافة تقدر بستة كيلومترات. ويعتبر ملتقى يربط بين الثالوث القاري (أوروبا وشرق أفريقيا وجنوب غربي آسيا) ..
وفي المخا جنوباً تبدأ سلسلة القمم الجبلية الغربية المسماة "جبال السراة" والممتدة شمالاً حتى جبال حجة في ميدي التي تشرف بدورها على سواحل البحر الأحمر بما طوله 442 كيلومتراً، ناهيك بموقعه المتميز بالنسبة إلى المناطق الجنوبية والوسطى اليمنية .. وسور مدينتها الذي يضم خمسة أبواب (الشاذلي والعمودي وفجير وصندل والساحل) ..
واشتهرت المخا لأنها كانت الميناء الرئيسية لتصدير البن (القهوة) بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر وأخذت قهوة (الموكا) تسميتها من هذا الميناء اليمني العريق ..
وبلغت مدينة المَخا، أوجّها الاقتصادي كمركز تجاري لليمن نهاية القرن السابع عشر الميلادي، حين بلغت ازدهارها في ذلك القرن، وكان البن أهم سلعة يمنية تصدر عبرها إلى العالم الخارجي، إضافة إلى تصدير البخور والصبر والزبيب وأعواد الأراك ..
بدأ ميناء المخا يفقد أهميته تدريجيا أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، مع ازدهار ميناء عدن "جنوبي اليمن" الذي اهتم به البريطانيون، وميناء الحُديدة، غربي اليمن، الذي أنشأه العثمانيون آنذاك كما زاد من تراجع مكانة مدينة المَخا ما عانته خلال حربين متقاربتين دمرتا قلاعها وهدمت منازلها وقصورها الفخمة ومتاجرها الكبيرة، الأولى الحرب العثمانية الإيطالية عام 1911 ميلادية، والثانية الحرب العالمية الأولى حين دمرها البريطانيون في قتالهم ضد العثمانيين عام 1915 ميلادية، يضاف إلى ذلك تراجع إنتاج البن في اليمن بسبب ظهور منتجين جدد للبن في العالم مثل البرازيل والمكسيك ..
وعرفت المخا تاريخيا بأنها مدينة وميناء قديم مشهور، ذكرتها النقوش الحميرية باسم (مخن) وقامت بأدوار تاريخية هامة قبل وبعد الإسلام، وقد سجل اسم المَخا في نقوش يمنية قديمة بخط المسند، مثل نقش للملك يوسف أسار، المشهور بـ(ذو نواس الحميري ..
وذكرت مصادر تاريخية عديدة أن مدينة المخا تعرضت لعدة حملات عسكرية من قبل الطامعين في اليمن، أهمها حملات البرتغاليين التي انتشرت مطلع القرن السادس عشر الميلادي على سواحل البحر الأحمر، وكانت هذه الحملات سبباً رئيسياً في تنافس الدولة العثمانية والحكومة البريطانية على منطقة الخليج العربي ..
وميناء المخا القديم يقع على الساحل الغربي من المدينة في موقعها الحالي، ولم يتبق من معالم الميناء القديم سوى بقايا أساسات من الحجارة المطمورة بالرمل، على الرغم من أنها كانت تعتبر إحدى المدن التاريخية الهامة، وكانت تضم كثيرا من المواقع الأثرية ..
معالمها التاريخية ومنها المدينة القديمة التي تشهد أطلالها على مرحلة مزدهرة عاشتها المخا خلال فترات تاريخية متعددة، ويحكي حاضرها عن قصور وإهمال كبيرين رافق المدينة لعقود من الزمن ..
وارتبطت المخا منذ القدم بحضارات اليمن القديمة كالسبئية والمعينية والحميرية وغيرها، ونالت شهرة واسعة في التاريخ القديم وقد عرفت "بمخن" بخط المسند ..
أما في العصر الإسلامي فأصبحت المخا مدينة أشعرية بعد مجيء أبي موسى الأشعري إلى اليمن، لنشر الإسلام. وأصبحت تابعة لحكام زبيد خصوصاً الدولتين الزيادية والنجاحية ودولة آل مهدي، ثم للأيوبيين والرسوليين والطاهريين في تعز وكان ميناؤها من أشهر الموانئ في العالم ..
وتنافست الإمبراطوريات التجارية العالمية على إيجاد موضع قدم لها في المخا خصوصاً بعد ازدهار تجارة البن، وأصبحت المدينة وميناؤها مقراً لفروع شركات الهند الشرقية الأوروبية المختلفة، حين افتتحت تلك الشركات وكالات تجارية ثابتة لها في المخا وكانت مسؤوليتها تقع مباشرة تحت إدارة الوكالات الرئيسة في سورات وبومباي ..
وفي العصر الحديث كانت من أهم المدن والمراكز التجارية على البحر الأحمر بين القرنين الـ16 والـ18 حينما تنافس عليها العثمانيون والإنجليز ..
وطبقا لرواية الرحالة (جيرونيمو لوبو) الذي أبحر في البحر الأحمر عام 1625م كانت المخاء مدينة صغيرة وذات شهرة ضيقة لكن منذ أن سيطر العثمانيون على معظم أجزاء الجزيرة العربية أصبحت مدينة هامة بالرغم من أنها لم تكن مكان إقامة الباشا العثماني، وأيضاً اكتسبت أهميتها من القانون العثماني الذي كان يطالب جميع السفن بأن ترسوا فيها وتدفع ضريبة للمرور إلى البحر الأحمر ..
وقال الرحالة الأوروبي (نيبور) في يومياته التي سجلها عند زيارته لمدينة المخأ بين عامي (1762 - 1763م) : ان المَخا مدينة مأهولة بالسكان ومسورة، بالإضافة إلى السور توجد أبراج للحراسة على طريق مَوْزع منتشرة بين المدينة وبير البليلي، وعلى البحر تطل قلاع مزوده بمدافع، وهم قلعة طيار، وقلعة عبدالرب بن الشيخ الشاذلي، وقلعة العمودي، وبعض البيوت داخل سور المدينة مبنية بالحجارة بطريقة جميلة مشابهة لطريقة بناء بيوت بير العزب في العاصمة صنعاء، أما أكثر البيوت سواءً داخل السور أو خارجه فإنها عبارة عن أكواخ مخروطية من العشش المبنية بالقش، وفي خارج المدينة تنتشر أشجار النخيل بكثرة، وبين هذه الأشجار توجد حدائق جميلة وكان يضم سور المدينة خمسة أبواب هي : (باب العمودي، باب الشاذلي، باب فجير، باب صندل، وباب الساحل)، وأوضح أنه يستدل من الأساسات الحجرية وجود آثار مبنى لمسجد وأحجار دائرية الشكل كانت تستخدم لطحن الحبوب، أمَّا فناء الميناء الذي تصل مساحته حوالي (40 12 متراً)، بُني على أساس خرساني، وفي قمته صحن دائري من معدن النحاس يرتبط بسلم حديد إلى أسفل. ومن مآثر هذه المدينة قبة العمودي وجامع الشيخ الشاذلي وضريحه الذي يعد من أهم المعالم الأثرية فيها، وينسب إلى الشيخ أبوالحسن الشاذلي وهو أحد مشائخ الطريقه الشاذلية في اليمن خلال القرنين الرابع والخامس عشر الميلادي ..
وشكلت المخا ملتقى لمطامع الدول الاستعمارية المختلفة وتعرضت المدينة إلى حملات عسكرية متعددة ومنها حملات البرتغاليين في نهاية القرن الـ11 الميلادي (الخامس الهجري)، التي هدفت إلى السيطرة العسكرية على السواحل اليمنية، واحتلال العثمانيين واستيلائهم عليها، وقبل ذلك الأحباش الذين احتلوا اليمن واتخذوا من المخا مركزاً لهم، وتم طردهم من اليمن ثم عودتهم إليها مرة آخرى ..
لمدينة المخأ أبراج وقلاع ، ترافقها أشجار النخيل، فيها ثمار للناس وصد من الأتربة والرمل الزاحف، تجار يبيتون على مقربة منها وآخرون يدخلونها على حين غفلة من الغرب، قبل أن يغلق الحراس أبوابها لتسكن المدينة ويسكن معها النوارس والأمواج ..
وآخرون اختاروا بناء منازلهم خارجها فيما كانت جمالهم المحملة، بالصوف واللبان والتوابل والبخور والعطور والعنبر وأشياء أخرى أفضلها القهوة الشاذلية تشق طريقها إلى وجهتها، هم خليط من أحباش، ويهود، أتراك، وفرنسيين، هنود، وصومال كانت تحميهم تلك القلاع، وبقوا في المخا وأسسوا عائلات جديدة فيها، واليوم تضم المدينة تجارا من اليمن قاطبة، هنا الحضرمي والتعزي والصنعاني والتهامي والعديني والعدني، جميعهم يشاركون نهضة المدينة ويضبطون إيقاع حركتها التجارية من جديد ..
تحميهم قلاع المدينة وقلعة الساحل وقلعة العمودي وقلعة طيار المخصصة للدفاع عن المدينة من الغزو الخارجي بحرا غربيَّ المدينة، وقلعة المواصلات التي لا تزال صامدة تعانق أفق المدينة ..
هناك من طالتها أيادي الغدر كقلعة العمودي التي سويت بالأرض وسرقت أحجارها كما يقول جيرانها، حدث ذلك بوعي وبغير وعي، واليد التي سرقت قد لا تدرك حجم الجريمة التي ارتكبتها بحق الآثار والتاريخ والحضارة، الدولة يومها شاركت الجريمة لإنها غيبت من جدول اهتماماتها آثار المخا ...
قبة العمودي في المخا :
إحدى معالم المخا ومآثرها الحميمية والروحية تحفة تاريخية بديعة طمستها يد الهدم، والتي باتت ركاما الآن وسوتها بالأرض أياد استسهلت الهدم في كل ما هو أثري ورمزي ..
ورغم كل هذه الشواهد التاريخية التي بقيت تقاوم الزمن والجغرافيا والإهمال في المخا، إلا أنها لم تسلم من اليد البشرية لطمسها فمنذ عدة أشهر تعرضت هذه القبة التاريخية الأثريه للهدم من قبل ضعفاء الأنفس وسويت بالأرض ..
إستسهال مفزع في هدم المعالم التاريخية والاعتداء على الشواهد والمآثر التاريخية وعلى روح وطبيعة ونكهة المدينة والساحل التهامي عامة ..
وكانت قبة العمودي تُعتبر من أبرز المعالم التاريخية الرئيسية لمدينة المخأ ، وتُمثل طرازاً متميزاً لفن العمارة الإسلامية التاريخية الآثريه القديمه ..
منظر القبة المدمرة وركام التراب الذي كان إلى وقت قريب قبة غاية في الإبداع والتحافة الفنية والعمرانية، هو أمر يبعث كثيرا على الأسى والحزن ..
سميت القبة بإسم (قبة العمودي) نسبة إلى الشيخ العلامه / جمال الدين محمد (مولى المخأ) بن عمود الدين الشيخ سعيد بن عيسى العمودي، الذي قدم إلى المدينة زائراً لنشر العلم الشرعي في القرن السابع الهجري أتاها من حضرموت ومعه مجموعه من طلابه وأتباعه الباقيه ذرياتهم منتشره على طول الوادي التهامي إلى اليوم ومازالوا محافظين على ألقاب أسرهم الحضرميه رغم مرور القرون والسنين الطويله ..
وهو أكبر أبناء الشيخ الكبير / عمود الدين سعيد بن عيسى العمودي، الجد الجامع للمشائخ آل العمودي في حضرموت، كما تذكر المصادر التاريخية الموثقة والذي خلفه على منصبه بعد وفاته رحمهم الله وكانوا من أهل القرآن والعلم والصلاح والتقوى ..
توفي الشيخ / جمال الدين محمد في مدينة المخا ودفن فيها رحمه الله "وبني على مقامه قبة غاية في الابداع وتعد من شواهد الحضارة والآثار في مدينة المخأ بحسب كتب التاريخ والطبقات ..
ويوجد أيضاً في نفس المنطقه قبر إبنه الثاني الشيخ / علي بن سعيد بن عيسى العمودي بمنطقة حيس التابعه لمحافظة الحديده اليمنيه ..
وبعد وفاة الشيخ العلامه / جمال الدين محمد (مولى المخأ) بن عمود الدين سعيد بن عيسى العمودي، سمي الحي القريب من مكان قبره (حي العمودي) ، وسميت البوابة القريبة من الحي (بوابة العمودي أو باب العمودي) ..
وبعد ذلك بنيت قلعة قريبة من البوابة وسميت (قلعة العمودي) وسميت عدة آثار بالعمودي في مدينة المخا بإسمه والقريبة منه نذكر منها :
1- حي العمودي :
يقع (حي العمودي) في الناحية الشمالية لمدينة المخا ..
وقد ورد اسم (حي العمودي) (Quartier De Elamoudy)
في خريطة فرنسية قديمة مؤرخة عام 1737م، أي قبل أكثر من 280 عاماً تقريباً ..
2- باب العمودي :
يقع (باب العمودي) في الناحية الشمالية لمدينة المخا ..
وقد ورد اسم (باب العمودي) (Porte De Babelamoudy)
في خريطة فرنسية قديمة مؤرخة عام 1737م، أي قبل أكثر من 280 عاماً تقريباً ..
3- قلعة العمودي :
تقع (قلعة العمودي) في الناحية الشمالية لمدينة المخأ شمال حارة العمودي ..
ويحدها من الغرب ساحل العمودي (الكورنيش) ، ويحدها من الشرق سهل الرعيني ، ويحدها من الجنوب حي العمودي ، ويحدها من الشمال أشجار (الان كهرباء المخا البخارية) ..
على الضفة الغربية لمدينة المخا الساحلية، غرب اليمن، تشمخ قلعة العمودي صامدة بوجه التضاريس والزمن، رغم الإهمال وتقادم السنون ..
قلعة العمودي من المعالم التاريخية التي ساهمت في حماية مدينة القهوة وشاهدة على نهضتها ..
سكنها في منتصف القرن الماضي أفراد حماية المدينة في عهد المملكه المتوكليه اليمنيه خلال حكم الإمامين الإمام يحيى حميد الدين والإمام أحمد بن يحيى حميد الدين، كان الحراس يجلسون على سطح قلعة العمودي في المخا يرقبون الأعداء وأسلحتهم بنادق عادية من تلك التي تطلق رصاصة واحدة ..
كان البحر يبادلهم تحيته صباحاً والسماء تبارك أعمالهم ليلاً، وهم يحرسون مدينة التجارة والبن والقهوة ..
كما كان الجنود ينصبون مدفعاً في فناء القلعة ويطلقون القذائف عند موعد الإفطار في رمضان وأيضاً للصلاة في أيام الجمعة، كما يروي سكان الحي المجاور للقلعة ..
قلعة بنيت بالحجارة بشكل دائري، شأنها شأن القلاع الأخرى، وهي واحدة من قلاع عدة، تناثرت على رقعة تقدر بأربعة كيلو مترات مربعة، هي مساحة المخا المدينة ..
تتكون قلعة العمودي من دورين وسطح مفتوح، وبنيت بأحجار سوداء، وزينت جدرانها الخارجية بـ الجبس الأبيض ، وطرزت بمادة القضاض من الخارج والداخل وتضم عدة غرف للسكن المخصص للحماية ومصعداً ملفوفاً من الداخل إلى السطح ..
قلعة العمودي كانت لا تزال بنصف مبنى، تصارع وحيدة للبقاء، تحاصرها المباني والبيوت في ظل غياب الرقابة الحكومية عنها، كانت تلك القلعة جزءاً من حزام يحمي المدينة من الشمال، أما الجنوب فبقلعة صغيرة جوار البوابة الجنوبية ..
أجريت آخر عملية ترميم للقلعة في عقد الأربعينيات من القرن الماضي ..
وإلى جانب قلعة العمودي ثمة أربع قلاع أخرى موزعة على أطراف مدينة المخا، ثلاث منها ما زالت صامدة حتى اليوم، أما الرابعة، وموقعها في الجهة الشرقية للمدينة، فقد هدمت وأخذ المواطنون أحجارها ..
وإلى جانب هذا المعلم التاريخي فثمة معالم أخرى فيها إلا أنها مندثرة ودارسة وطي النسيان والإهمال، يشدك الحنين إليها ما دونته مذكرات الرحالة "نيبور" الشهير (الدنماركي الألماني)، في يومياته التي سجلها أثناء زيارته لمدينة المخأ مابين عامي (1762- 1763)، بقوله : إن المخا مدينة مأهولة بالسكان ومسورة وتوجد فيها أبراج للحراسة ..
وطبقا لرواية الرحالة "جيرونيمو لوبو" الذي أبحر في البحر الأحمر عام 1625م كانت المخاء مدينة صغيرة وذات شهرة ضيقة لكن منذ أن سيطر العثمانيون على معظم أجزاء الجزيرة العربية أصبحت مدينة هامة ..
قُصفت المدينة على فترات وغزوات متلاحقة عثمانيين انجليز برتغاليين وقبلهم الأحباش، فيما طمر بقيتها الباقية، سيل قادم من الشرق أخفى معالمها وجرف جزءاً منها إلى البحر وبعضها بقت لتصارع ما بعد السيل وازدهرت حتى القرن الماضي ..
قلعة العمودي خير شاهد على تاريخ مدينة المخا الضارب في أدغال الزمن، وإرث حضاري مهدد بفعل التجاهل الرسمي لتاريخ اليمن ....
رأس عيسى :
ميناء رأس عيسى يقع هذا الميناء على البحر الأحمر في محافظة الحديدة كخزان عائم مؤهل لتحميل وشحن السفن بالنفط الخام لأغراض التصدير، ويتم عبره ضخ نفط مأرب / الجوف وبعض الحقول المجاورة، إلى هذا الميناء عبر خط أنابيب النفط مأرب - رأس عيسى لمسافة 439 كيلو مترا، منها 9 كيلو متر في المغمورة ليرتبط بالباخرة «صافر» بالبحر الأحمر ..
وهو أول ميناء تم إنشاؤه وضخ النفط إليه في اليمن، حيث بدأ العمل عام 1985م / 1986م وتقوم شركة صافر اليمنية للنفط بتشغيل الميناء من أجل تصدير النفط عبر السفينة العائمة "صافر"، ويقع على ساحل البحر الأحمر شمال محافظة الحديدة، ويتميز بموقعه الإستراتيجي قرب مضيق باب المندب. ..
ويعود أصل تسمية منطقة رأس عيسى إلى الشيخ العلامه / سعيد بن عيسى العمودي والتي تُنسب حسب المصادر التاريخية إلى الشيخ سعيد بن عيسى العمودي ويوجد له مسجد تاريخي هناك بُني قبل أكثر من 700 عام بإسمه في راس عيسى المسمى به في الشاطئ المقابل لجزيرة كمران على سواحل مدينة الحديدة ..
وبعد تطوير الموقع للأسف الشديد أختفى مسجد الشيخ سعيد بن عيسى العمودي التاريخي الأثري وبقيت أطلال جدرانه القديمه الباقيه خير شاهد تاريخياً لمسجد الشيخ بن عيسى العمودي بمنطقة رأس عيسى التي تُنسب له ..
سيطرت قوات أنصار الله (الحوثيون) على ميناء رأس عيسى منذ عام 2015، وتعرض الميناء لغارات إسرائيلية وأميركية ردا على هجمات أنصار الله على السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى الكيان الصهيوني في أعقاب العدوان على قطاع غزة بفلسطين المحتله بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023م ..
وكانت تدير المحطة شركة صافر لإستكشاف وإنتاج النفط حتى سيطرة الحوثيين عليها، فأصبحت تتبع إدارة ميناء الصليف الذي تشرف عليه مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية ..
يعد ميناء رأس عيسى النفطي من أهم المرافئ المتخصصة في تصدير النفط الخام باليمن، ويشكل نقطة عبور رئيسية للنفط اليمني إلى الأسواق العالمية بفضل موقعه الإستراتيجي القريب من مضيق باب المندب ..
وفي 17 أبريل/نيسان 2025م شنت القوات الأميركية غارات جوية استهدفت ميناء رأس عيسى النفطي وأسفرت عن مقتل أكثر من 80 شخصا وإصابة 150 آخرين، وقد تسبب هذا القصف في أضرار كبيرة بالميناء وأدى إلى تعطيل نشاطه الحيوي، مما سينعكس سلباً على حركة الملاحة والإمدادات النفطية ويضاعف معاناة الشعب اليمني المتفاقمة