ترامب.. ظل بوش الجديد

وكالة أنباء حضرموت

وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض حاملا معولا لهدم إرث جورج دبليو بوش، آخر جمهوري في البيت الأبيض، إلا أنه فعل النقيض.

فبينما كانت تشير التوقعات إلى أنه سيشن ثورة على إرث الجمهوريين، عزز بقوة العديد من الاستراتيجيات القانونية والتكتيكية والسياسية التي استخدمها بوش بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001.

فمن ضربات عسكرية استباقية في الشرق الأوسط، مرورا بنقل أشخاص إلى سجون محلية وأجنبية، والتذرع بالأمن القومي لإخفاء معلومات عن المحاكم، إلى تصنيف الناس كـ«إرهابيين»، ملامح استراتيجية انتهجها دونالد ترامب، تشابهت إلى حد كبير مع تلك التي اتبعها بوش، لكن بصيغة أكثر حدة، بحسب موقع أكسيوس الأمريكي.

ويقول الموقع الأمريكي، إن جهود ترامب لترحيل مهاجرين غير شرعيين وضرباته على المنشآت النووية الإيرانية على وجه الخصوص تشبه إلى حد كبير «حرب بوش على الإرهاب».

وأشار إلى أن ترامب يراسل المهاجرين غير الشرعيين إلى سجون شديدة الحراسة في الولايات المتحدة وخارجها - ويحرمهم في بعض الأحيان من الإجراءات القانونية الواجبة.

وبينما أرسل بوش إرهابيين مزعومين - بمن فيهم أشخاص غير موثقين في الولايات المتحدة - إلى سجون حول العالم وإلى المنشأة العسكرية الأمريكية في خليج غوانتانامو بكوبا، استخدمت إدارة ترامب، الآن «غوانتانامو» للمعتقلين الذين تدّعي أن لديهم سوابق إجرامية.

إيران والعراق
أوجه الشبه نفسها كانت في طريقة تعاطي الرئيسين مع إيران والعراق؛ فلقد هاجم ترامب بشكل استباقي ومن جانب واحد إيران بـ14 قنبلة خارقة للتحصينات وأطلق صواريخ على مجموعة بالوكالة مدعومة من إيران في اليمن، مما أسفر عن مقتل العشرات .

وقال ترامب إنه أمر بالهجوم الأول بدافع القلق من اقتراب إيران من امتلاك سلاح نووي، في وازع استخدم بوش مبررًا مشابهًا له لـ«غزو» العراق، مع أنه، على عكس ترامب، حصل على موافقة الكونغرس مسبقًا.

التشابهات لا تتوقف عند هذا الحد:
فلقد استعان ترامب بشركة التكنولوجيا والمقاول الدفاعي «بالانتير» للمساعدة في مراقبة وتتبع المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة، فيما استعان بوش بشركات اتصالات مثل AT&T وSprint في معظم عمليات المراقبة الداخلية التي كان ينفذها، بحجة مكافحة الإرهاب.

ويوفر مشروع قانون ترامب "One Big Beautiful" مليارات الدولارات لتوسيع نطاق هذه البرامج. (أبلغت "بالانتير" موقع «أكسيوس» أن برنامجها لا يجمع البيانات بشكل استباقي، وأن عملها متوافق مع القانون).

واستشهدت إدارة ترامب ببعض الأوامر التنفيذية التي أصدرها بوش بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول لتبرير إجراءاته المتعلقة بالهجرة.

ووصف ترامب أعضاءً مزعومين في عصابات أمريكا اللاتينية بـ«الإرهابيين» و«الأعداء الأجانب» لتبرير عمليات الترحيل السريعة. وقال إن إدارته تركز بشكل رئيسي على «أسوأ السيئين» - وهي العبارة نفسها التي استخدمتها إدارة بوش في حملتها لمكافحة الإرهاب.

المحاكم:
أخفت إدارتا ترامب وبوش بإخفاء معلومات عن القضاة وجلسات المحكمة باستخدام «امتياز أسرار الدولة»، زاعمتين أن ذلك سيشكل خطرا على الأمن القومي فيما يتصل بالشفافية.

أمر الإحضار القضائي:
طرح ترامب فكرة تعليق أمر الإحضار القضائي، وهو حق المشتبه بهم في اللجوء إلى المحاكم لمواجهة الاحتجازات غير القانونية. وحاول بوش القيام بذلك عام 2006 قبل أن تُلغيه المحكمة العليا.

فهل من استثناءات للمقارنات بين ترامب وبوش؟
يقول «أكسيوس»، إن جهود ترامب في مجال الهجرة أوسع نطاقًا بكثير من جهود بوش، التي ركزت بشكل كبير على الرجال المشتبه في صلتهم بجماعات إرهابية. وتستهدف جهود ترامب لترحيل ملايين غير المواطنين في المجتمعات المحلية في جميع أنحاء البلاد.

وكان بوش يستجيب أيضًا لصدمة هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وكان خائفًا من وقوع هجوم جماعي آخر.

حتى الآن، كانت هجمات ترامب ضد إيران أكثر محدودية بكثير من الغزوات التي شرع فيها بوش لإسقاط الحكومة.

وقال فينس وارن، المدير التنفيذي لمركز الحقوق الدستورية، أول منظمة تمثل المعتقلين الذين أرسلوا إلى خليج غوانتانامو بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول: «ترامب يقول بصوت عالٍ ما فعلته إدارة بوش خلف الأبواب المغلقة».

ولقد رحب معظم الجمهوريين بتحركات ترامب العدوانية بشأن الهجرة، في حين كان الديمقراطيون صامتين في الغالب في الرد، مدركين أن تعامل جو بايدن مع الحدود كلفهم سياسيا.

وانتقد بعض أنصار ترامب، مثل تاكر كارلسون، التدخلات العسكرية للرئيس في الشرق الأوسط، نظرا لأن ترامب ترشح بناء على وعد بتجنب الانخراط في حروب مثل تلك التي كانت في أفغانستان والعراق.

وأعرب نائب الرئيس جي دي فانس عن تفهمه لهذه المخاوف، وصرح لبرنامج «واجه الصحافة» على قناة إن بي سي الشهر الماضي بأن «الفرق يكمن في أنه في الماضي كان لدينا رؤساء أغبياء، أما الآن فلدينا رئيس يعرف بالفعل كيفية تحقيق أهداف الأمن القومي الأمريكي. لذا، لن يكون هذا الأمر مسألة مطولة وممتدة».

«أخطاء»
ارتكبت إدارة بوش أخطاء في تحديد الأشخاص الذين اعتقلتهم واتهمتهم بالارتباط بالإرهاب في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

واعتقلت إدارة بوش بشكل استباقي مئات من المهاجرين العرب والمسلمين في الولايات المتحدة، وأرسلت بعض الرجال إلى سجون أجنبية.

وفي عام 2003، أشار تقرير المفتش العام إلى أنه «حتى في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول المحمومة، فإننا نعتقد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي كان ينبغي له أن يولي المزيد من العناية للتمييز بين الأجانب الذين يشتبه بالفعل في ارتباطهم بالإرهاب، وأولئك الذين، على الرغم من احتمال إدانتهم بانتهاك قانون الهجرة الفيدرالي، لم تكن لهم أي صلة بالإرهاب».