الجزائر تحت الضغط: تحركات في الكونغرس لتصنيف بوليساريو منظمة إرهابية

وكالة أنباء حضرموت

يتحرك أعضاء في الكونغرس الأميركي لتصنيف جبهة بوليساريو منظمة إرهابية، حيث تقدم النائب عن الحزب الجمهوري جو ويلسون إلى جانب النائب الديمقراطي جيمي بانيتا بمقترح قانون يهدف إلى تصنيف بوليساريو منظمة إرهابية أجنبية، وهو مقترح يعكس نقلة في الموقف الأميركي من التعامل مع ملف الصحراء كقضية سياسية إلى النظر إليه من جانب مقاربة الحرب على الإرهاب.

ويعتبر المراقبون أن المقترح لا يقف عند تعميق الدعم لمقاربة المغرب، ولكن يتعداه لممارسة ضغوط على الجزائر من بوابة رعاية تنظيم إرهابي في وقت تسوّق فيه لشراكة مع أميركا في هذا الجانب.

وما يزيد من حدة هذه الضغوط ربط الجبهة الانفصالية بأنشطة إيران في غرب أفريقيا في وقت يستنفر فيه الأميركيون سياسيا وشعبيا وعسكريا ضد النفوذ الإيراني في مختلف المناطق، وهو ما يجعل الجزائر في مرمى العقوبات بسبب هذه العلاقة المتشابكة مع بوليساريو وإيران.

وقال ويلسون في تدوينة على منصة إكس إن بوليساريو توفر “موطئ قدم إستراتيجي لطهران في أفريقيا وتزعزع استقرار المملكة المغربية، الحليف لأميركا منذ 248 عاما“. وأكد النائب الجمهوري أن بوليساريو “ميليشيا ماركسية مدعومة من إيران وحزب الله وروسيا“.

◙ المقترح يعكس نقلة في الموقف الأميركي من التعامل مع ملف الصحراء كقضية سياسية إلى النظر إليه من جانب مقاربة الحرب على الإرهاب

وقدم ويلسون مقترحه مستندا على تقارير ووثائق تشير إلى تورط الجبهة في أعمال إرهابية والتحالف مع أطراف معادية للولايات المتحدة مثل إيران، من بينها وثائق تُظهر صورا لعناصر من ميليشيات بوليساريو إلى جانب صورة الخميني في سنة 1980، في محاولة كان الهدف منها حشد الدعم الإيراني للجبهة الانفصالية.

ومنح ويلسون مقترحه بعدا توثيقيا حيث ركز على ما أكده عدد من التقارير الإعلامية لعل أهمها ما نشر في مجلة “جون أفريك” الفرنسية بشأن قيام 3 ضباط من حزب الله بإجراء تدريبات عسكرية في تندوف لفائدة عناصر بوليساريو، وأحد هؤلاء الضباط كان من الذين خططوا لهجمات في مدينة كربلاء العراقية سنة 2007 وأدت إلى مقتل 5 جنود أميركيين إضافة إلى ما صرّح به ما يُسمى “وزير الداخلية” في صفوف جبهة بوليساريو في 2022، بأن عناصر بوليساريو يتدربون على استخدام طائرات مسيّرة، ثم ظهر عناصر بوليساريو لاحقا وهم يستخدمون مسيّرات إيرانية.

كما أشار ويلسون في مقترحه، الذي اطلعت عليه “العرب”، إلى ما نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية في أبريل الماضي، في تقرير أفادت فيه بأن إيران درّبت عناصر بوليساريو وزودتهم بطائرات مسيّرة، الأمر الذي يزيد من مخاطر تزايد قوة وقدرات الجبهة الانفصالية حسب تعبير ويلسون.

وتطرق النائب الأميركي أيضا إلى حضور فرع حزب العمال الكردي “البي بي كي” في سوريا المصنف منظمة إرهابية، إلى قمة نظمتها بوليساريو في تندوف تحت مسمى “قمة التضامن الصحراوي”.

ويرى محمد الطيار، رئيس المرصد المغربي للدراسات الإستراتيجية، أن المقترح المقدم ستكون له انعكاسات واسعة على بوليساريو إذا تم اعتماده رسميا، حيث سيؤدي إلى عزلها على المستوى الدبلوماسي بشكل كامل وستتحول إلى منظمة غير شرعية في نظر الولايات المتحدة، وهو ما سيقلص هامش تحركها في أميركا وأوروبا، خاصة إذا قامت دول أخرى بتبني نفس الموقف والإعلان عن تصنيفها تنظيما إرهابيا، حيث سيُمنع التعامل معها أو تمويلها كما سيتقلص دعم المنظمات غير الحكومية أو الجمعيات التي تتعاون معها.

أما عن الأثر السياسي لهذا المقترح على العلاقات الجزائرية – الأميركية، فقد أكد الطيار لـ”العرب” أنه سيشكل ضغطا على الجزائر لمراجعة إستراتيجية دعمها لبوليساريو. ورغم أن المشروع لم يُعتمد بعد، إلا أنه يُعد تطورا نوعيا في الخطاب السياسي الأميركي تجاه بوليساريو، كما يمثل فرصة إستراتيجية للمغرب لتعزيز موقعه الدبلوماسي وتضييق الخناق على بوليساريو والجزائر.

ويهدف مقترح القانون، حسب تغريدات ويلسون إلى تجميد أصول بوليساريو في الولايات المتحدة، وحرمانها من الدعم أو الترويج على التراب الأميركي، ومحاسبة داعميها، بما في ذلك الجزائر، التي وصفها التقرير بأنها توفر التمويل والملاذ الآمن وتغذي صراعا يُستخدم كقناة للجماعات الإرهابية في الساحل.

ومن المنتظر أن يُحال مشروع القانون إلى لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس، قبل أن يُعرض على التصويت ما قد يمثل سابقة في الموقف التشريعي الأميركي من نزاع الصحراء، ويُعزز موقف المغرب داخل الساحة الدولية في مواجهة أجندات انفصالية مدعومة من قوى خارجية.

وكان ويلسون قد التقى في شهر أبريل الماضي وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة، وقال في تغريدة عبر منصة إكس آنذاك إن المباحثات تعلقت بـ”شراكتنا العريقة والتزامنا لفائدة السلام في المنطقة، لاسيما الاستقرار في الصحراء في مواجهة إرهابيي بوليساريو“.

وسجل جو ويلسون في المقترح، بأنه “فخور بتقديم مشروع قانون من الحزبين مع النائب البرلماني الديمقراطي جيمي بانيتا لتصنيف بوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية،” في إشارة إلى توافق بين الحزب الجمهوري الحاكم والحزب الديمقراطي على هذه الخطوة ضد منظمة تتحرك عكس المصالح الأميركية بشكل عام، إذ يمتلك الجمهوريون الأغلبية في الكونغرس، بـ220 نائبا مقابل 215 في مجلس النواب، و53 سيناتورا مقابل 47 في مجلس الشيوخ.

وأكد الطيار أن هذا المقترح يعكس وجود دعم كبير في أوساط النخب السياسية الأميركية للمغرب، وتيار قوي داخل الكونغرس الأميركي يتبنى موقفًا متشددا تجاه الجماعات المسلحة والانفصالية، ويدعم بشكل غير مباشر موقف المغرب في قضية الصحراء، وهو مدفوع بالأساس من عوامل جيوإستراتيجية مرتبطة بانتشار الجماعات الإرهابية في الساحل، وبالقلق الأميركي من العلاقات الواضحة بين بوليساريو والجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة في المنطقة.