فتيات عربيات في المهجر يقتحمن عالم الـ"دي جي"

وكالة أنباء حضرموت

اتجهت فتيات عربيات مؤخرا نحو الـ”دي جي” كأداة موسيقية وغنائية جذابة، في تحد لبعض الأعراف والتقاليد في مجتمعات عربية تحرم هذا العمل على فتياتها والسماح به للرجال، وبدا اتجاه الفتيات رسالة لكسر محرمات منتشرة.

وجدت فتيات هذا المجال مفتوحًا أمامهن، حيث وقفن خلف طاولة العزف على موسيقى إلكترونية في دول غربية هاجرن إليها بسبب ظروف عائلية أو حروب وأزمات، ورغم وجود فتيات “دي جي” في مجتمعات تحترم عمل المرأة، لكن ثمة تحديات تواجههن، وهو ما كشفته تجارب في كل من بريطانيا وكندا.

السورية منار ظريفة، واحدة من السيدات العربيات اللاتي امتهن الـ”دي جي”، وتقيم في بريطانيا منذ عشر سنوات، قالت لـ”العرب” إنها منذ طفولتها تعشق الموسيقى، وتحب حفلات الزفاف، ولم تنتبه عائلتها إلى ذلك، ولم تفكر يومًا في أن الموسيقى سوف تكون مهنتها.

وأوضحت أنها كانت تعمل بالدعم الفني من إحدى شركات الاتصالات في سوريا، وعندما سافرت إلى لندن لم تجد عملًا يناسب خبرتها، وعليها أن تحصل على شهادة معتمدة ليتسنى لها الحصول على عمل، ودرست لمدة أربعة أعوام في مجال التسويق.

جاءت تجربتها الأولى كـ”دي جي” بالصدفة، حينما كانت مجموعة من صديقاتها يخططن لإقامة حفل خاص بهن، ويبحثن عن “دي جي”، فراقت لها الفكرة، واقترحت عليهن قيامها بتنسيق الموسيقى على سبيل التجربة.

وأضافت لـ”العرب” أنها تعاملت مع الأمر بجدية، وبحثت على موقع يوتيوب عن أدوات مناسبة تستخدمها كـ”دي جي”، وحصلت على دورة تدريبية سريعة لتعلم أصول العزف على الأجهزة المستخدمة، وشعرت بسعادة غامرة عند عزفها في أول عمل، ثم أحيت ثلاثة حفلات، وكان البعض يرشحها لأعمال أخرى بعد إعجابه بها.

لم تقم منار ظريفة في البداية بالتسويق لنفسها على أساس أن تنسيق الإسطوانات موهبة، وتقوم به في نهاية الأسبوع، وقت فراغها، ومع زيادة العروض نسخت بطاقات تعريفية خاصة بعملها الجديد، وأنشأت صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي تروج لها.

ورغم سعادتها بالعمل الذي أحبته واجهتها مشكلة جعلتها تعتذر عن إحياء الكثير من الحفلات، خوفًا على ابنها المصاب بالتوحد ولا تستطيع تركه فترات طويلة بلا رعاية، ومرت بضغوط نفسية كبيرة خلصها منها العزف على “دي جي” وتعاملت معه كعلاج نفسي لها، تفرغ فيه جزءا من طاقة الغضب والضيق التي تشعر بها.

وأكدت لـ”العرب” أنها تشعر بسعادة عندما ترى الحاضرين في حفلاتها سعداء، ويرقصون على الأغاني التي تعمل عليها، وتختارها بما يتناسب مع ذوق أصحاب الحفل، وتقيم جاليات عربية في بريطانيا أفراحها بنفس الطريقة في بلدانها، وتفعل ذلك لتقليل الشعور بالغربة، ولذلك تحرص ظريفة على ترك ذكرى حلوة عبر إتقان عملها.

وقالت منار ظريفة لـ”العرب” إنها رغم حضورها حفلات تجمع بين الرجال والنساء، إلا أنها لم تتعرض لتمييز أو مضايقات، وتشعر باحترام الناس لها ولفنها، مضيفة “لو كنت لازلت في بلدي سوريا، لتعامل الناس معي بشكل أقل احترامًا.”

واتفقت مع العبارة السابقة سهيلة، وهي “دي جي” جاءت من الأردن، واستقرت في بريطانيا منذ خمس سنوات كطالبة في إحدى الجامعات، ولم تتعرض لمضايقات أثناء عزفها في الأعراس والحفلات التي تقيمها جاليات عربية.

كشفت سهيلة لـ”العرب” أنها لا تنشر صورًا لها أو الحفلات التي تحضرها على صفحتها الرسمية من أجل الدعاية والتسويق، لأن العائلات التي تُقيم حفلات ترفض نشر صور النساء على السوشيال ميديا.

تعمل في مهنة العزف على “دي جي” فتيات عربيات كثيرات، يبحثن عن فرصهن في تحقيق شغفهن بالموسيقى خارج أوطانهن، وبدأن من دول غربية، بسبب هيمنة الرجال في المجتمعات العربية، وربما بسبب النظر إليهن بقلة تقدير.

ومن هؤلاء “تاليا” من إحدى الدول الخليجية، والتي سافرت إلى كندا بصحبة زوجها الذي يعمل طبيب أطفال، لكنهما انفصلا بعد عامين، ووجدت نفسها بلا عمل، وكان قرارها إما العودة إلى بلدها أو استكمال رحلتها في بلاد غريبة عنها.

وقالت لـ”العرب” إنها تعرفت على صديقة من المغرب، تعزف على “دي جي”، عرضت عليها العمل معها ودربتها على العزف، ورغم أنها لم تكن تفكر في الأمر، لكنها قابلته بحماس، وقامت بتجربة جديدة أعادت لها ثقتها بنفسها بعد الطلاق، واستمرت في التعاون مع صديقتها لمدة عام ونصف العام، ثم أصبحت تعزف بمفردها في حفلات بها سيدات فقط، وما زالت تحتفظ بارتداء “النقاب” واستعارت اسم ابنتها “تاليا” ولم تكتب اسمها الحقيقي كي لا يتعرف عليها أحد من أهلها.

وأضافت أنها تزوجت من رجل آخر، لا يمانع أن تعزف “دي جي”، طالما أن الحفلات للنساء فقط، والكثير من العائلات المسلمة في كندا تفضل اتباع نفس التقاليد والعادات في بلدانها الأصلية خلال الحفلات.