أحمد حلمي: أرغب في التمثيل مجددا مع منى زكي
احتفى مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي، في دورته السادسة، بالفنان المصري أحمد حلمي، أحد أبرز وجوه السينما والمسرح والتلفزيون في العالم العربي، إذ جاء هذا التكريم تقديرًا لمسيرته الحافلة بالعطاء والتجديد، ووسط حضور وازن من الفنانين والنقاد والمثقفين، وعبّر حلمي عن سعادته الغامرة، واستعرض في لقاء مع صحيفة “العرب” جوانب مختلفة من تجربته، وقدم قراءته الخاصة للسينما المغربية، وعلاقته بجمهورها، ورؤيته لما يشهده المشهد الفني العربي.
عبّر أحمد حلمي عن سعادة كبيرة غمرت قلبه لحظة تكريمه في الدار البيضاء، مؤكدًا أن هذا التقدير العربي يحمل في طياته الكثير من المعاني التي تتجاوز القيمة الرمزية للمكافآت والجوائز.
ويرى الممثل المصري أن التكريم ليس نهاية الطريق، وإنما بداية لمسؤولية جديدة، تجعل الفنان أكثر التزامًا تجاه جمهوره وأكثر وعيًا بقيمة ما يقدمه من أعمال.
ويضيف أن اختياره ضمن المكرّمين في مهرجان يحمل خصوصية مغربية وعربية، كونه يُعد تتويجًا لمسيرة طويلة من الاجتهاد في السينما والمسرح والتلفزيون.
ويصف حلمي السينما بأنها فن جامع ومؤثر في آنٍ واحد، ويجسّد قصص الناس وهمومهم ويترجم أحلامهم وآمالهم إلى صور حية. ويؤمن بأن الفيلم الحقيقي ينبع من الإحساس العميق بالحياة، ومن التفاعل الصادق مع القضايا اليومية والإنسانية.
ويعتبر أن المبدع الحقيقي هو الذي يمنح من ذاته ومشاعره، ويُخلص للحكاية التي يرويها، لأن المتفرّج يشعر بصدق العمل حين يكون نابعًا من القلب.
وفي تصريحاته لـ”العرب”، أشاد حلمي بالسينما المغربية بوصفها تجربة أصيلة تتميّز بحساسية جمالية وإنسانية لافتة. يشبّهها بـ”الدانتيل” نظرًا لما تحمله من دقة فنية ونعومة في الطرح، مع قدرة على اختزال الواقع ضمن سرد بصري يمزج بين البساطة والعمق.
كما أشار إلى أن العديد من الأفلام المغربية التي شاهدها تنطلق من مواضيع بسيطة في ظاهرها، لكنها محمّلة بدلالات وجدانية وإنسانية تجعلها تحاكي مشاعر المتلقي العربي أينما كان.
واستعرض علاقته القديمة والمتجددة مع المغرب، حيث اعترف بأنه كلما زار مدينة مغربية، سواء كانت الدار البيضاء أو غيرها، يشعر بانتماء خاص ودفء إنساني لا يشبه غيره، واصفا الجمهور المغربي بأنه جمهور مثقف ومحب للفن، ويتعامل مع الفنان بعفوية وصدق، ويمنحه دفعة قوية من الطاقة الإيجابية. ومعربا عن امتنانه العميق لكل اللحظات التي جمعته بجمهور المغرب، مؤكدًا أن العلاقة بينهما أصبحت وجدانًا مشتركًا لا يُمحى بسهولة.
وقال حلمي إنه يفضل التواصل المباشر مع الناس على قراءة تعليقاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، موضحًا أنه رغم التطور الرقمي وانتشار المنصات، إلا أن التفاعل الواقعي مع الناس يظل أكثر عمقًا وصدقًا. ويرى أن اللقاء المباشر مع الناس يمنح الفنان فرصة لرؤية الأثر الحقيقي لأعماله، بعيدًا عن الضوضاء الرقمية والانطباعات السطحية. ويضيف أن الفن، في جوهره، لا يتحقّق إلا عبر التفاعل الإنساني المباشر.
اللقاء المباشر مع الناس يمنح الفنان فرصة لرؤية الأثر الحقيقي لأعماله، بعيدًا عن الضوضاء الرقمية والانطباعات السطحية
وأقرّ بأن التخطيط لإنتاج ثلاثة أفلام في كل عام كان تحديًا طموحًا شرع فيه قبل ثلاث سنوات، لكن الواقع العملي واجهه بتعقيدات عديدة، سواء على مستوى كتابة السيناريو أو تنفيذ الإنتاج. رغم هذه التحديات، يُبدي حلمي تفاؤله بالمستقبل، ويُعبّر عن رغبته في توسيع تجربته الفنية لتشمل أنماطًا سينمائية متعددة بين الكوميديا والدراما الاجتماعية والتجريبية، بما ينسجم مع تطلعاته كممثل ونجم محتوى بصري.
وتحدّث عن رغبته القوية في التعاون مجددًا مع زوجته الفنانة منى زكي، مشيرًا إلى أن أي عمل فني يجمعهما سيكون محمّلًا بجرعة عالية من العاطفة والتناغم، لأنه نابع من علاقة إنسانية وفنية متينة، إذ يصف الكيمياء التي تجمعهما بأنها لا تحتاج إلى جهد كبير لتظهر على الشاشة، ويثق أن الجمهور ينتظر مثل هذا اللقاء، تمامًا كما يتشوّقان هما معًا للعمل المشترك.
كما اعترف “كنت في بداياتي أنظر إلى الإيرادات والمؤشرات التجارية باعتبارها مقياسًا لنجاح الفيلم، لكنني اليوم أكثر ميلا إلى تقييم العمل من خلال قيمته الفنية ورسائله المجتمعية،” ويعتقد أن ما يبقى في ذاكرة الجمهور هو الأثر الجمالي والفكري الذي تتركه التجربة السينمائية.
وشدد الممثل المصري على أنه يعتزّ بتجربته الإعلامية من خلال برنامج “لعب عيال”، الذي وصفه بأنه كان بوابة ذهبية لدخول قلوب الجمهور بطريقة مختلفة. ويرى أن البرنامج منحه أفقًا جديدًا للتواصل، وساهم في ترسيخ حضوره الإعلامي، وفتح أمامه فرصًا لفهم نبض الناس بطريقة أقرب وأكثر تلقائية.
أحمد حلمي هو اليوم ممثل، ومقدم برامج، وكاتب، ومنتج أفلام مصري، مواهبه بدأت مع أولى خطواته في التلفزيون كمخرج لبرنامج أطفال، قبل أن يُطلب منه تقديم البرنامج بنفسه، لتشكّل نقطة انطلاقه كمقدم وممثل. لاحقًا، دخل عالم السينما من خلال مشاركته في أفلام لاقت صدى جماهيريًا، ليواصل بعد ذلك مسيرته مع مخرجين بارزين مثل شريف عرفة، حيث كان أحد أفلامه معه بمثابة انطلاقة فعلية نحو النجومية.
وشارك أحمد حلمي في أكثر من خمسة وعشرين فيلمًا سينمائيًا، إضافة إلى أعمال تلفزيونية ومسرحية وإذاعية. وحصل خلال مسيرته على جوائز عدة، من بينها جوائز من مهرجانات سينمائية مرموقة. كما قدم عددًا من البرامج التلفزيونية التي لاقت رواجًا، وشارك كعضو لجنة تحكيم في برنامج اكتشاف المواهب الشهير “أرابز غوت تالنت” في عدة مواسم. وهو أيضًا مؤسس شركة “شادوز” للإنتاج الفني، ومؤلف كتاب بعنوان “28 حرف.”
كانت بدايته في التمثيل من خلال مسلسل تلفزيوني إلى جانب فنانين كبار، ثم توقف لفترة بسبب تأديته الخدمة العسكرية. بعدها عمل مهندس ديكور، قبل أن يتحول إلى الإخراج التلفزيوني، وتحديدًا برامج الأطفال، ليُفتح له باب التقديم التلفزيوني الذي قاده إلى السينما. منذ ذلك الحين، توالت أعماله السينمائية التي تنوعت بين الكوميديا والدراما والرومانسية، وحقق من خلالها شهرة واسعة.
ومن أبرز أفلامه تلك التي جسد فيها أدوار البطولة، والتي حققت نجاحًا جماهيريًا ونقديًا، كما حصل من خلالها على عدد من الجوائز المهمة. شهدت مسيرته الفنية محطات بارزة في عدة أفلام ناجحة على مستوى الإيرادات والتقدير الفني. وفي أحد أفلامه، حقق العمل أعلى الإيرادات في موسمه السينمائي، وتم اختياره ضمن أفضل خمسة أفلام من قبل لجنة مهرجان مهم.
وشارك حلمي في مسلسلات تلفزيونية وأعمال إذاعية، كما خاض تجربة المسرح في عمل كوميدي شهير. وتُعد مسيرته مثالًا لفنان متعدد المواهب، استطاع أن يترك بصمته في مجالات عدة داخل الوسط الفني.