الخلافات العلنية لمشاهير مصر تقدم صورة قاتمة عن الحياة الزوجية

وكالة أنباء حضرموت

 أصبح تصدير نماذج سلبية عن شكل الخلافات الزوجية بين عدد من المشاهير في مصر سببا مقنعا لشريحة معتبرة من الشبان والفتيات للعزوف عن فكرة الارتباط والزواج، باعتبار أن لديهم وقائع حية لشخصيات فنية ورياضية وإعلامية يفترض أنها قدوة حسنة في إدارة الحياة الزوجية، لكنها عجزت عن تحقيق ذلك وانتهت علاقاتها بطريقة درامية قد تفتقد الحد الأدنى من التحضر.

ومع الوقت صارت مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام في مصر مسرحا مفتوحا للمشكلات الزوجية والأسرية للمشاهير في المجتمع، ما جعل شريحة مقبلة على الزواج تعيد النظر في الإقدام على الخطوة، لأن تلك الوقائع تترك انطباعات نفسية واجتماعية سلبية عن الحياة الزوجية بشكل عام، في ظل عدم تقديم نماذج ناجحة وسعيدة كقدوة لغيرها، تفتح أبوابا إيجابية للزواج.

وسهّل الفضاء الرقمي نشر أسرار البيوت الخاصة بالمشاهير عموما، وهناك مشكلات أسرية تتعقد بسبب الجدل الذي يُثار حولها، نتيجة إعلان أحد الطرفين عن خلافات مع شريكه، أو أنه يفكر في الانفصال بسبب المعاناة التي يتعرض لها، دون إدراك لتداعيات ذلك على جمهور النجم أو النجمة، وكيف يتسبب ذلك في دفع البعض إلى التقليد.

يؤخذ على شريحة من المشاهير في مصر أنهم يشاركون جمهورهم أغلب التفاصيل الدقيقة لحياتهم الشخصية، وآخرهم الإعلامية وصانعة المحتوى أسماء شريف منير ابنة الفنان شريف منير، والتي أصبحت تستخدم حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي للحديث عن حياتها الأسرية، وكيف انفصلت من قبل، ثم لماذا تزوجت أكثر من مرة.

وقبل زواجها الثالث مؤخرا، كانت أسماء أعلنت عن إصابتها بحالة نفسية سيئة لإخفاقها في زواجها السابق، ما دفعها إلى قص شعرها وتغيير ملامح جسدها لأنها عانت من حالة اكتئاب شديدة اضطرت معها إلى تعاطي الأدوية، ما دفع كثيرين إلى اتهامها بأنها تقدم رسائل سلبية عن العلاقة الزوجية وطريقة إنهائها بشكل غير حضاري.

وسبق الجدل الذي أثارته أسماء منير، قيام الفنان المصري أحمد السقا بالإعلان عن إنهاء علاقته بزوجته الإعلامية مها الصغير، ملمحا إلى أمور غير لائقة قامت بها كتعارفها ورغبتها في الزواج من شخص آخر بعد انفصالها، ما جعله يستقبل ردود أفعال غاضبة تطالبه بالتحدث بشكل حضاري عن طليقته وحفظ كرامتها على اعتبار أنها كانت زوجته ولا تزال أما لأولاده.

وبعدها هدأت وتيرة الخلاف المحتدم بين السقا وطليقته، عقب إصدار الأخيرة بيانا لوّحت فيه باتخاذ إجراءات قانونية ضد أي شخص تسول له نفسه الخوض في سيرتها، ما جعل البعض يستنكر طريقة الانفصال بين المشاهير، ولماذا لا يحدث ذلك بطريقة هادئة وبعيدا عن أعين الناس، واحترام كل طرف لسنوات العِشرة.

لم تكن واقعتا السقا وطليقته، وأسماء شريف وأزواجها، مجرد حالتين فرديتين بقدر ما يمكن تصنيف الأمر على أنه أشبه بظاهرة أسرية يكون أبطالها مشاهير انتهت علاقاتهم بطريقة سلبية، وهو نفس ما سبق وحدث مع المطربة المصرية شرين عبدالوهاب وزوجها الملحن حسام حبيب، والمطرب الشعبي حسن شاكوش وطليقته.

ويرى متخصصون في العلاقات الأسرية بالقاهرة أن تسليط الضوء على الخلافات الزوجية بين المشاهير ووصول بعضها إلى حدّ الفضائح والتشهير والابتزاز، ترك مبررات منطقية لدى الشريحة التي تبحث عن شماعة للبقاء في حياة العزوبية والتمرد على الزواج، لأن النماذج التي يتم تقديمها بالغة السوء ولا تحفز أي طرف على المغامرة بخطوة تكوين أسرة.

وبعض العلاقات الزوجية لمشاهير، وإن كانت بدأت عاطفيا بعد قصة حب طويلة، لكن ذلك لم يشفع للعلاقة أن تنتهي بشكل جيد، أو تكون سببا منطقيا لتكوين حياة أسرية سعيدة خالية من الصراعات، وهو ما كشفت عنه تراشقات بعض الفنانين الذين حدث بينهم الطلاق بطريقة بالغة السوء رغم قصة الحب الممتدة لسنوات.

وفسر استشاري الطب النفسي وتقويم السلوك في القاهرة جمال فرويز تلك الحالة بأن إنهاء الخلافات الزوجية للمشاهير بطريقة سلبية هو انعكاس لخلل نفسي، يؤدي إلى تقديم صورة بغيضة للشباب عن الحياة الزوجية، ويدفع بعضهم إلى التفكير أكثر من مرة في تلك الخطوة، لأن من يعيشون الرفاهية مثل الفنانين ليسوا سعداء في الزواج.

تصاعد وتيرة التشهير بين نجمين يُفترض أن يقدّما نموذجا مثاليا، يساهم في ترسيخ صورة قاتمة قد تؤدي إلى كوارث أسرية واجتماعية في المستقبل القريب

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن التركيز على تصدير نماذج ناجحة ومتفاهمة للمشاهير يؤسس لمنظومة زواج أكثر جاذبية للشباب، وتوجد شريحة من النجوم يعلنون عن تفاصيل حياتهم الشخصية ولو كانت سلبية، لتحقيق المزيد من الشهرة والتربح من خلال جلسات البث على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يدركون أنهم بذلك يُحبطون الشباب.

وأشار إلى وجود فئة من المشاهير يلجؤون إلى الشبكات الاجتماعية لتوجيه رسائل غير مباشرة للطرف الآخر على الملأ، بهدف التنفيس عن مشاعر الغضب. إلا أن هذا السلوك يرسخ في أذهان الشباب والفتيات فكرة أن المجاهرة بالخلافات الزوجية أمر طبيعي، خاصة وأن هؤلاء النجوم يُعدّون قدوة لغيرهم، مما يثير الخوف من تقليد مثل هذه التصرفات السلبية بين الأزواج.

ومن النادر أن يشهد الجمهور المصري نهاية علاقة بين شريكين يتمتعان بجماهيرية واسعة بهدوء، بعيدا عن التشهير وانتهاك الخصوصية، احتراما للعلاقة الزوجية التي كانت قائمة، ومراعاة لمصلحة الأبناء وصورة العائلتين أمام المجتمع. ويعكس هذا الواقع غياب ثقافة الطلاق الحضاري، التي يفترض أن تكون تقليدا أسريا راسخا في أي مجتمع، ويُنتظر من المشاهير أن يقدموا فيها نموذجا إيجابيا يُحتذى به.

والخوف الأكبر، وفق استشارية العلاقات الأسرية آية عبدالمجيد، أن تتسبب الخلافات العلنية لمشاهير الفن والرياضة وغيرهم في غياب الحلول التوافقية التي تعيد ترميم العلاقة بين الطرفين، معقبة “المشكلات الأسرية في الماضي القريب كان يتم حلها عن طريق أفراد الأسرة الواحدة دون علم الغرباء، واليوم تُطرح إعلاميا دون احترام لخصوصية العلاقة الزوجية.”

وأكدت في حديثها لـ”العرب” أن تصاعد وتيرة التشهير بين نجمين يُفترض أن يقدّما نموذجا مثاليا، يساهم في ترسيخ صورة قاتمة قد تؤدي إلى كوارث أسرية واجتماعية في المستقبل القريب. وشدّدت على أن مواجهة هذه الظاهرة لن تكون ممكنة إلا من خلال رفع الوعي لدى النجوم أنفسهم، وحثهم على إدارة خلافاتهم الزوجية بهدوء وبعيدا عن أعين الناس، قبل أن يتحوّلوا إلى قدوة سلبية للمقبلين على الزواج.

وبعيدا عن الجهة المنوط بها أداء هذا الدور، يظل الخطر الأكبر مرتبطا بعدم تعامل الإعلام بحسابات دقيقة مع الخلافات الزوجية للمشاهير، في ظل غياب رؤية حضارية لدى الهيئات الإعلامية للتعاطي مع قضايا الطلاق. فهذه الهيئات لا تسعى إلى توعية النجوم بأهمية حل الخلافات بسرية أو إنهاء العلاقة الزوجية بهدوء، حتى تحوّل العزوف عن الزواج إلى ثقافة راسخة بين فئة الشباب.