زلزال في برلمان الملالي: فضائح الفساد تكشف عن انهيار النظام

زلزال في برلمان الملالي: فضائح الفساد تكشف عن انهيار النظام

تحول برلمان نظام الملالي، الذي من المفترض أن يكون رمزاً للتشريع والرقابة، إلى مسرح لعرض الصراعات الداخلية وفضح الفساد المتجذر في بنية السلطة

زلزال في برلمان الملالي: فضائح الفساد تكشف عن انهيار النظام

حفظ الصورة
نظام مير محمدي
وکالة الانباء حضر موت

تحول برلمان نظام الملالي، الذي من المفترض أن يكون رمزاً للتشريع والرقابة، إلى مسرح لعرض الصراعات الداخلية وفضح الفساد المتجذر في بنية السلطة.  تجلت هذه الحقيقة بوضوح خلال عملية تقديم وزير جديد للشؤون الاقتصادية والمالية من قبل رئيس النظام، مسعود بزشكيان.  ففي الوقت الذي لم تهدأ فيه بعد تداعيات إقالة الوزير السابق عبد الناصر همتي، أثارت تصريحاته الأخيرة حول الفساد والابتزاز داخل البرلمان عاصفة من الجدل وردود فعل غاضبة من بعض النواب، كاشفةً عن صدوع عميقة في جدار النظام. 

فضح الابتزاز وكسر المحرمات

كانت الشرارة التي أشعلت هذه الأزمة هي تصريحات همتي التي كشف فيها عن تعرضه لضغوط من بعض النواب خلال فترة توليه الوزارة للحصول على مناصب و مسؤوليات وظيفية.  أثارت هذه الكلمات غضباً عارماً خلال جلسة برلمانية عُقدت مؤخراً، حيث طالب نواب مثل کودرزي وبشيري من همتي إما أن يكشف عن أسماء النواب المتورطين أو أن يقدم اعتذاراً رسمياً للبرلمان.  ورغم أن هذه المطالبات قُدمت ظاهرياً تحت غطاء الشفافية، إلا أنها في جوهرها تعكس احتدام الصراع بين عصابات الحكم والخوف من انكشاف المزيد من الفضائح. 

محاولات التستر والتهديد بالقضاء

حاول رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، احتواء الموقف وتهدئة الأجواء، مدافعاً عن البرلمان ومتعهداً بمتابعة الأمر عبر هيئة الرئاسة والمدعي العام.  لكن من الواضح أن مثل هذه التصريحات ليست سوى محاولة “لتبييض الفضيحة” وحماية النظام ككل من تداعياتها. إلا أن نائباً آخر، وهو إسحاقي، ذهب إلى أبعد من ذلك، فلم يكتفِ باتهام همتي بالعيش في “أوهامه” التي دمرت اقتصاد البلاد، بل طالب القضاء باتخاذ إجراءات صارمة بحقه ومعاقبته على “أكاذيبه وأوهامه”، مما يظهر كيف يمكن للنظام أن ينقلب على مسؤوليه السابقين لحماية نفسه. 

فساد هيكلي وريع منهجي

لم تكن اتهامات همتي معزولة، بل إن تصريحات نواب آخرين في نفس الجلسة كشفت عن عمق الفساد الهيكلي في اقتصاد النظام. فقد أشار النائب لاهوتي إلى نفوذ مافيا اقتصادية تستفيد من سعر الصرف المدعوم والإعفاءات الجمركية والضريبية، مؤكداً أن “هذه المقترحات تأتي من حفنة من المنتفعين بالريع المتغلغلين في أجهزة الدولة”. هذا الصراع المحموم ليس سوى حرب بين العصابات على الموارد الشحيحة المتبقية لاقتصاد منهار، وهو ما يؤكد ما كشفته المقاومة الإيرانية مراراً على مدى سنوات من أن اقتصاد الفاشية الدينية هو اقتصاد قلة فاسدة يُدار لصالح عصابات السلطة. 

مؤشرات الانهيار الداخلي

تكمن أهمية هذه التصريحات المتبادلة في أنها تبرز التزعزع الداخلي والقطيعة الهيكلية في نظام ولاية الفقيه. فعندما يبدأ رجال النظام بفضح بعضهم البعض، يسقط قناع “السلطة والوحدة” المزعوم. وحتى محاولة قاليباف للدعوة إلى الصمت وإحالة الأمر للقضاء هي في حقيقتها استجداء لستر الفضيحة ومنع انفجار حرب الأجنحة بشكل علني في الأيام الأخيرة للنظام. وهنا يمكن الاستشهاد بالمنظّر السياسي صامويل هنتنغتون الذي يرى أن “استقرار أي نظام سياسي لا يكمن في قمع المعارضة، بل في التماسك الداخلي لنخبه الحاكمة”. وما يشهده برلمان الملالي اليوم هو تجسيد صارخ لغياب هذا التماسك. 

نظرة نحو المستقبل: اشتعال حرب السلطة

إن استمرار هذا الوضع سيعمق حتماً من حرب السلطة داخل عصابات الحكم. وعندما تأتي مثل هذه الفضائح من داخل بنية السلطة نفسها، يصبح من الواضح أكثر فأكثر لعامة الناس أن هذا النظام يقترب من أيامه الأخيرة. فالنظام الذي يعجز عن تحقيق التوافق حتى في إدارة ميزانيته أو تعيين وزير اقتصاده، ويشهد قوى طاردة من المركز بدلاً من التكاتف، لا يمكنه أن يبقى. لم تكن فضيحة همتي مجرد حادثة عابرة، بل كانت شرخاً خطيراً في الجدار المتآكل لنظام ولاية الفقيه، ولا شك أن تداعياته ستستمر في التوسع.