الاتفاق النووي.. إيران ترد على مقترح أمريكا «قريبا» وتُلمح لرفضه
أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن بلاده تُعد ردا على مقترح أمريكا بخصوص الاتفاق النووي، وسط مؤشرات على رفضه.
وقال عراقجي، في مؤتمر صحفي بالقاهرة عقب مباحثات مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إن طهران سترد على المقترح الأمريكي قريبا، بينما قال دبلوماسي إيراني كبير لـ"رويترز" اليوم الاثنين إن بلاده تعتزم رفضه.
وأكّد عراقجي أن التوصل إلى اتفاق نووي لن يكون ممكنا إذا كان الهدف "حرمان إيران من النشاطات السلمية"، مضيفا "إذا كان الهدف من المفاوضات الحصول على تطمينات. بأن إيران لا تتطلع إلى السلاح النووي، فبرأيي من الممكن الوصول إلى اتفاق. لكن إذا كان الهدف حرمان إيران من النشاطات السلمية فبالتأكيد لن يكون هناك أي اتفاق".
ووصف الدبلوماسي الإيراني المقترح الأمريكي بأنه "غير قابل للتنفيذ ولا يراعي مصالح طهران ولا يتضمن أي تغيير في موقف واشنطن بشأن تخصيب اليورانيوم".
إيران تجري مباحثات نووية في القاهرة وتنتقد الموقف الأمريكي
وأبلغ الدبلوماسي الكبير، المقرب من فريق التفاوض الإيراني، رويترز بأن "إيران تُعد ردا سلبيا على المقترح الأمريكي وهو ما يمكن تفسيره على أنه رفض للعرض الأمريكي".
وقدم وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي لإيران يوم السبت الماضي المقترح الأمريكي لاتفاق نووي جديد خلال زيارة قصيرة لطهران.
لكن لا تزال العديد من القضايا عالقة بعد خمس جولات من المحادثات بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف لحل الأزمة النووية.
ومن بين الخطوط الحمراء التي يختلف الطرفان بشأنها رفض إيران طلب الولايات المتحدة بالتزام طهران بوقف تخصيب اليورانيوم على أراضيها الذي يُنظر إليه على أنه مسار محتمل لتطوير قنابل نووية، وفقا لـ"رويترز".
وقال الدبلوماسي الإيراني الذي طلب عدم كشف هويته لحساسية الأمر "بموجب هذا المقترح، يبقى موقف الولايات المتحدة من التخصيب على الأراضي الإيرانية من دون تغيير ولا يوجد بيان واضح بشأن رفع العقوبات".
وتطالب طهران برفع جميع القيود التي فرضتها الولايات المتحدة وتعيق اقتصادها المعتمد على النفط فورا. لكن الولايات المتحدة ترى أنه يجب رفع العقوبات المرتبطة بالملف النووي على مراحل.
وأضاف الدبلوماسي أن التقييم الذي أجرته "لجنة المفاوضات النووية الإيرانية"، تحت إشراف مرشد إيران علي خامنئي، وجد أن الاقتراح الأمريكي "منحاز تماما" ولا يخدم مصالح طهران.
وأضاف الدبلوماسي الإيراني "لذلك تعتبر طهران هذا المقترح غير قابل للتنفيذ وتعتقد أنه يحاول الانفراد بفرض اتفاق سيئ على إيران من خلال مطالب مبالغ فيها".
وتقول إيران إنها مستعدة لقبول بعض القيود على التخصيب لكنها تريد ضمانات محكمة بأن واشنطن لن تتراجع عن أي اتفاق نووي مُستقبلي.
وصرح مسؤولان إيرانيان لرويترز الأسبوع الماضي بأن إيران قد توقف تخصيب اليورانيوم إذا أفرجت الولايات المتحدة عن الأموال الإيرانية المجمدة واعترفت بحق طهران في تخصيب اليورانيوم للاستخدام المدني بموجب "اتفاق سياسي" قد يُفضي إلى اتفاق نووي أوسع.
مباحثات القاهرة
وبحث وزير الخارجية المصري مع نظيره الإيراني في القاهرة العلاقات الثنائية والأوضاع في غزة وسوريا ولبنان فضلا عن أمن الملاحة في البحر الأحمر وتطورات المفاوضات الأمريكية الإيرانية.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية إن عبدالعاطي استمع من عراقجي، الذي يزور القاهرة للمرة الثالثة منذ توليه منصبه العام الماضي، إلى تقييمه بشأن نتائج جولات المفاوضات الخمس بين الولايات المتحدة وإيران حول البرنامج النووي لطهران.
وقال عراقجي في مؤتمر صحفي مشترك مع عبدالعاطي "مستعدون لإثبات سلمية برنامجنا النووي. برنامج تخصيب اليورانيوم سلمي. لا يمكن وقف أنشطة إيران النووية السلمية، ولا يمكن أن تقبل طهران حرمانها من الأنشطة النووية السلمية".
وأضاف "ليس لدينا ما نخفيه. إيران لديها برنامج نووي سلمي. نحن مستعدون لتقديم هذه التطمينات إلى أي طرف أو كيان. ليس لدينا ما نخفيه في هذا الصدد".
وقال عراقجي "لا أعتقد أن إسرائيل سترتكب خطأ مثل مهاجمة إيران".
كما عُقد في القاهرة اجتماع ثلاثي بين عبد العاطي وعراقجي والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي.
وأكد غروسي في مؤتمر صحفي في القاهرة مع وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي دعم وكالة الطاقة الذرية للمفاوضات الإيرانية-الأميركية، داعيا إيران إلى مزيد من الشفافية عقب كشف تقرير تم تسريبه أن طهران كثّفت عمليات تخصيب اليورانيوم.
وأظهر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران زادت تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المئة، ما يقارب من نسبة 90 في المئة تقريبا التي يحتاج إليها تطوير أسلحة ذرية.
وأفاد غروسي قبل اجتماعه مع عراقجي "هناك حاجة إلى مزيد من الشفافية في إيران وهذا أمر واضح جدا. ولا شيء سيمنحنا هذه الثقة (سوى) التفسيرات الكاملة لعدد من الأنشطة".
وأضاف أن بعض استنتاجات التقرير "قد تكون غير مريحة بالنسبة إلى البعض ونحن معتادون على التعرّض للانتقادات".
ورفضت إيران التقرير محذرة من أنها سترد إذا "استغلته" القوى الأوروبية التي هددت بفرض عقوبات نووية.
وقال عراقجي في إشارة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية "تحاول بعض البلدان استغلال هذه الوكالة لتمهيد الطريق باتّجاه تصعيد مع إيران. آمل بألا تقع هذه الوكالة في هذا الفخ".
من جهته، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير محمد الشناوي إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكد أن "مصر كانت دوما في طليعة الدول الداعمة لمنظومة نزع السلاح وعدم الانتشار النووي وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط".
بدر عبدالعاطي متوسطا عراقجي وغروسي
والتقى السيسي مع عراقجي وغروسي، كل على حدة، قبل أن يجمعهما وزير الخارجية المصري في لقاء ثلاثي.
وأكد عبدالعاطي في مؤتمر صحفي مع غروسي "الأهمية البالغة للتوصل إلى حل سلمي لأن التصعيد العسكري لا يخدم أهداف الاستقرار في المنطقة ولا يخدم شعوب المنطقة"، مشيرا إلى أن "المنطقة يكفي ما بها من أزمات وتحديات أمنية".
وقال عبد العاطي "نحن نرفض تماما أي تصعيد وأي تحريض على الخيار العسكري. تجنبا للدخول في حالة من الفوضى لن ينجو منها أحد".