إيران لا تضع تفكيك سلاح حزب الله عقبة أمام فتح صفحة جديدة مع لبنان
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لمسؤولين لبنانيين الثلاثاء إن طهران تريد فتح صفحة جديدة في العلاقات مع بيروت ولمّح إلى تحول في العلاقات الدبلوماسية التي كانت مرتكزة لفترة طويلة على دعم حزب الله.
وتكشف أوساط لبنانية مطلعة أن عراقجي حرص على إظهار أن إيران مهتمة ببناء علاقة مع لبنان دون أن يضع أيّ شروط ولا أن يثير تساؤلات بشأن علاقة العهد الجديد في لبنان مع حزب الله، ومدى جدية الجيش اللبناني في نزع سلاح حزب الله من عدمها، ما يعطي انطباعا بأن طهران تريد طمأنة بيروت إلى أن موضوع نزع سلاح حزب الله لن يكون عقبة.
وأضافت الأوساط اللبنانية المعنية أن عراقجي لم يحرص على لقاء مسؤولي حزب الله بخلاف ما كان يفعل المسؤولون الإيرانيون في السابق، مشيرة إلى أن الهدف ليس التخلي عن حزب الله ولكن لتجنّب إثارة الجدل حول الحزب وعلاقته بإيران في ظرف حساس للطرفين، فالحزب يريد أن يخفف من الأضواء عليه ويسحب مبررات إسرائيل في استهداف مراكزه وقادته، وإيران ترى في النأي عن التواصل مع من بقي من حلفائها رسالة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل بأن ما يهم هو مصالحها ويمكن لأجل ذلك أن ترفع يد الدعم والاعتراف عن أذرعها.
إيران لا تريد أيّ توسع في المشاكل مع إدارة الرئيس الأميركي، خاصة بعد أن أظهر مواقف حازمة ضد حماس والحوثيين
وتراهن إيران على الوقت وعلى أن يقودها اعتدال مواقفها والحوار مع واشنطن حول الملف النووي إلى تخفيف حدة الاحتقان، وهو ما يخدمها بشكل مباشر ويخدم أذرعها في مرحلة ثانية مثلما هو الشأن لحزب الله وميليشيات الحشد الشعبي في العراق، التي أوقفت كل أنشطتها وحملاتها الخطابية على أميركا وإسرائيل لعدم توفير الذرائع لاستهداف مواقعها أو تصفية قادتها كما حصل في لبنان أو في غزة مع حزب الله وحماس.
ولا تريد إيران أيّ توسع في المشاكل مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خاصة بعد أن أظهر مواقف حاسمة وحازمة ضد حماس والحوثيين تدفع إلى الاعتقاد بأن سقف الانتقام الأميركي ليست له حدود وأن طهران قد تجد نفسها هدفا لقصف أميركي أو إسرائيلي، ما دفعها إلى الضغط على أذرعها في لبنان والعراق لتأكيد الاستعداد لمناقشة موضوع السلاح والإيحاء بقبول تفكيكه.
لكن المراقبين يرون أن عدم الإشارة إلى حزب الله بالمطلق في ساحة يسيطر عليها “تيار المقاومة” يحمل رسالة سلبية للحزب وأنصاره، وأن إيران قد لا تمانع أن تبدأ السلطات العسكرية والأمنية اللبنانية في نزع سلاح الحزب على الأقل السلاح الثقيل ووضعه تحت يد الدولة اللبنانية إما بشكل نهائي أو إلى حين تغيير الظروف التي يمكن أن تتم فيها المصالحة بين الدولة و”المقاومة” وهي ظروف تبدو بعيدة المنال في الوقت الحالي.
ويجري عراقجي زيارة إلى بيروت لمدة يوم وهي الأولى منذ فبراير حين حضر جنازة حسن نصرالله أمين عام جماعة حزب الله الذي قتلته إسرائيل في غارات جوية بجنوب لبنان في سبتمبر الماضي.
وذكر رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام ووزير الخارجية يوسف راجي في بيانين أن عراقجي قال إن طهران تريد فتح صفحة جديدة في العلاقات الإيرانية – اللبنانية.
وقال مكتب سلام إن عراقجي أكد حرص إيران على فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية مع لبنان على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. ووجه عراقجي دعوة رسمية لسلام لزيارة طهران.
وجاء في البيان الصادر عن مكتب عراقجي أنهما أجريا “نقاشا صريحا ومباشرا” تضمن ترسيخا لمبدأ أن يكون السلاح بيد الدولة وحدها، في إشارة واضحة إلى مفاوضات محتملة حول مستقبل ترسانة أسلحة حزب الله.
ويسلط احتمال إجراء محادثات بشأن نزع سلاح حزب الله، وهو أمر لم يكن متخيلا في أوج قوة الحزب قبل عامين فحسب، الضوء على التغيير الجذري في موازين القوى في الشرق الأوسط منذ أن وجهت إسرائيل ضربات قوية للجماعة المدعومة من إيران في صراع مدمر نشب بسبب الحرب في قطاع غزة.
إيران تراهن على الوقت وعلى أن يقودها اعتدال مواقفها والحوار مع واشنطن حول الملف النووي إلى تخفيف حدة الاحتقان
وخرج حزب الله ضعيفا جدا من حرب العام الماضي بعد أن قتلت إسرائيل كبار قادته وآلافا من مقاتليه ودمرت أغلب ترسانته الصاروخية. كما أن الإطاحة بحليفه بشار الأسد في سوريا فاقمت تأثير الضربات التي تلقتها الجماعة إذ قطع ذلك خطوط الإمداد القادمة من إيران.
وأجرى وزير الخارجية الإيراني حديثا مقتضبا مع الصحافيين بعد اجتماعه مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وهو حليف رئيسي لحزب الله. ولم يأت على ذكر الجماعة اللبنانية على عكس التعليقات السابقة لدبلوماسيين إيرانيين. وجاءت الزيارة بعد فترة توترت فيها العلاقات بين البلدين.
واستدعت وزارة الخارجية اللبنانية السفير الإيراني في بيروت خلال أبريل بعدما قال إن خطط نزع سلاح حزب الله “مؤامرة”.
ووجه رئيس الوزراء اللبناني السابق نجيب ميقاتي أيضا توبيخا نادرا لإيران العام الماضي بسبب “تدخلها” في الشؤون اللبنانية الداخلية.
ومنعت إيران في فبراير الطائرات اللبنانية من إعادة عشرات المواطنين اللبنانيين العالقين في طهران بعد أن قال لبنان إنه لن يسمح للطائرات الإيرانية بالهبوط في بيروت بسبب تهديدات إسرائيل بأنها ستقصف الطائرات الإيرانية.