اتفاق سعودي أميركي على وقف النار بغزة يصطدم بتصعيد إسرائيلي دام
انطلقت من العاصمة السعودية الرياض، الأربعاء، دعوات إلى إنهاء الحرب المستعرة في قطاع غزة، وذلك في خضم الزيارة التي يجريها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى منطقة الخليج.
وقد تجسدت هذه الدعوات في إعلان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، عن اتفاق مشترك مع الولايات المتحدة على الضرورة القصوى لوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع المحاصر.
وقال الأمير فيصل، في مؤتمر صحافي بالرياض بعد القمة الخليجية الأميركية التي حضرها قادة الخليج مع الرئيس ترامب "نأمل أن يكون إطلاق الرهينة الأميركي عيدان ألكسندر قاعدة لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة"، مشددا على أن السعودية أكدت على إدخال المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط.
وتابع "لا بد من الوصول لوقف إطلاق نار في غزة في أقرب فرصة"، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أظهرت رغبتها في اتخاذ قرارات شجاعة.
إلا أن هذه الدعوات الصادرة من الرياض، والتي تحمل في طياتها آمالا بتهدئة الأوضاع المتدهورة، اصطدمت على الفور بواقع ميداني قاتم ومفجع، ففي تزامن لافت ومثير للقلق، كثفت إسرائيل، الأربعاء، من وتيرة ضرباتها العسكرية على قطاع غزة بشكل ملحوظ، في تصعيد خطير للقصف الجوي والمدفعي الذي يستهدف مناطق متفرقة من القطاع.
ونتيجة لهذه العمليات العسكرية المكثفة، أفادت السلطات الصحية الفلسطينية في غزة عن مقتل ما لا يقل عن خمسين فلسطينيا حتى الآن، وسط توقعات بارتفاع هذا العدد في ظل استمرار القصف.
وقال مسعفون إن معظم القتلى، ومنهم نساء وأطفال، سقطوا نتيجة سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت عدة منازل في منطقة جباليا بشمال غزة.
وفي المقابل، امتنع الجيش الإسرائيلي عن التعليق الفوري، مشيرا إلى أنه يحاول التحقق من التقارير.
واليوم الأربعاء، قال شهود ومسعفون إن ضربة جوية إسرائيلية استهدفت جرافة اقتربت من منطقة الضربة على مستشفى غزة الأوروبي، مما أسفر عن سقوط مصابين.
وفي ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، أطلقت حركة الجهاد الإسلامي المتحالفة مع حماس والمدعومة من إيران صواريخ من غزة باتجاه إسرائيل. وقبل وقت قصير من بدء الغارات الإسرائيلية ردا على ذلك، أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرات لسكان مناطق في جباليا وبيت لاهيا القريبة لإخلاء مناطقهم.
ويأتي التصعيد الإسرائيلي في وقت يأمل فيه الفلسطينيون أن تشكل زيارة ترامب للمنطقة ضغطا يفضي إلى تهدئة العنف. وقبل زيارة ترامب، أفرجت حماس الاثنين عن عيدان ألكسندر، الذي يعتقد أنه آخر الرهائن الأميركيين الأحياء المحتجزين في غزة.
وقال ترامب في كلمة له في الرياض الثلاثاء إن إطلاق سراح ألكسندر سيتبعه الإفراج عن المزيد من الرهائن. وأضاف أن سكان غزة يستحقون مستقبلا أفضل.
وتعثرت الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في الأسابيع الماضية فيما تبادلت حماس وإسرائيل الاتهامات بالمسؤولية عن ذلك. وأجرت حماس محادثات مع الولايات المتحدة ووسطاء مصريين وقطريين لترتيب إطلاق سراح ألكسندر في حين أرسلت إسرائيل فريقا إلى الدوحة لبدء جولة جديدة من المحادثات.
واجتمع المبعوث الأميركي آدم بولر والمبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف بعائلات الرهائن في تل أبيب الثلاثاء، وقالا إن هناك الآن فرصة أفضل للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح باقي الرهائن بعد الاتفاق بشأن ألكسندر.
وطرحت الولايات المتحدة أيضا خطة لاستئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر متعاقدين من القطاع الخاص. وأيدت إسرائيل هذه الخطة لكن الأمم المتحدة ووكالات إغاثة دولية رفضتها. ولا تزال التفاصيل الرئيسة للخطة، ومنها التمويل والجهات المانحة، غير واضحة. وتمنع إسرائيل تماما دخول الإمدادات إلى غزة منذ الثاني من مارس آذار.
وشنت إسرائيل حملتها العسكرية على غزة في أعقاب هجوم قادته حماس على تجمعات سكنية في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، مما أسفر وفقا لإحصاءات إسرائيل عن مقتل نحو 1200 شخص واقتياد 251 رهينة إلى غزة.
ويقول مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن الحملة الإسرائيلية أدت إلى مقتل أكثر من 52900 فلسطيني وإلحاق الدمار بأنحاء القطاع الساحلي الصغير الذي يبلغ عدد سكانه نحو 2.3 مليون نسمة.
وتقول منظمات الإغاثة ووكالات دولية إن سكان القطاع صاروا على شفا مجاعة.