استئناف الرحلات بين سوريا والإمارات يمهّد لتعاون اقتصادي أوسع

وكالة أنباء حضرموت

أكدت الخطوط الجوية السورية، يوم الخميس، عن استئناف الرحلات المباشرة إلى دولة الإمارات ابتداءً من الأحد المقبل، في خطوة تعكس توجهاً متصاعداً لإعادة انفتاح سوريا على محيطها العربي، وسط مساعٍ لكسر العزلة السياسية والاقتصادية التي أرخت بظلالها على البلاد خلال سنوات الحرب والعقوبات الدولية ما سيمهد لتعاون اقتصادي أوسع في المرحلة المقبلة.

ووفقاً للبيان الرسمي الصادر عن "السورية للطيران" عبر صفحتها على فيسبوك، فإن المرحلة الأولى من التشغيل تشمل رحلات منتظمة إلى مدينتي دبي والشارقة، مع خطط مستقبلية لرفع وتيرة هذه الرحلات تدريجياً، إلى جانب تشغيل رحلات إلى أبوظبي.

وستكون هناك أربع رحلات أسبوعياً بين دمشق ودبي، وثلاث رحلات إلى الشارقة، ورحلتان إلى أبوظبي، مع نية لزيادة العدد إلى رحلات يومية قريباً، فور الانتهاء من الترتيبات الفنية والإدارية مع الجهات المختصة.

ويأتي الإعلان عن هذه الخطوة بعد أيام من زيارة رسمية أجراها الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى دولة الإمارات، والتي تعتبر الأولى من نوعها منذ تسلّمه السلطة في يناير/كانون الثاني الماضي. وتندرج هذه الزيارة ضمن جولة إقليمية شملت عدداً من العواصم العربية، وتهدف إلى إعادة تموضع سوريا في محيطها السياسي والاقتصادي، بعد سنوات من القطيعة والتوتر.

في قلب هذه التحركات، تقف دولة الإمارات كلاعب محوري يسعى إلى تعزيز الحضور الاقتصادي والسياسي في الملف السوري. وبحسب مصادر دبلوماسية مطلعة، فإن الزيارة الأخيرة للرئيس الشرع إلى أبوظبي تخللتها اتصالات مباشرة مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، تناولت سبل توطيد العلاقات الثنائية، وتوسيع التعاون الاقتصادي، خصوصاً في قطاعات الطاقة، النقل، وإعادة الإعمار.

وترى دمشق في أبوظبي شريكاً اقتصادياً موثوقاً يمكن أن يسهم في إنعاش الاقتصاد السوري المتدهور، من خلال فتح الباب أمام الاستثمارات الخليجية، وتهيئة المناخ السياسي الملائم لرفع أو تخفيف العقوبات الغربية تدريجياً. ومن جهتها، تبدو الإمارات مستعدة للعب دور الوسيط بين سوريا والدول الغربية، مستفيدة من علاقاتها الدولية الواسعة، وقدرتها على إدارة التوازنات الإقليمية.

وتقول مصادر اقتصادية سورية إن هناك اهتماماً إماراتياً متزايداً بالمشاركة في مشاريع بنى تحتية كبرى في سوريا، تشمل المطارات والمرافئ والطاقة الشمسية، بالإضافة إلى رغبة واضحة في دعم قطاع النقل الجوي كخطوة رمزية تمهد لمزيد من الانفتاح.

وتأتي هذه التطورات بعد التحول السياسي الكبير الذي شهدته سوريا أواخر عام 2024، حين أنهت الفصائل السورية سيطرة حزب البعث على دمشق بعد أكثر من ستة عقود، وأطاحت بحكم أسرة الأسد الذي استمر لأكثر من نصف قرن. ومنذ تولي الشرع منصبه كرئيس انتقالي، تعمل الحكومة الجديدة على تبني سياسة خارجية متوازنة، تسعى من خلالها إلى كسب ثقة الجوار العربي، وفتح صفحة جديدة مع المجتمع الدولي.

ويرى مراقبون أن استئناف الرحلات المباشرة بين دمشق والمدن الإماراتية ليس مجرد تطور فني في قطاع النقل، بل خطوة محسوبة ضمن رؤية استراتيجية تهدف إلى كسر العزلة، وتهيئة الأجواء لمرحلة جديدة من الانفتاح السياسي والاقتصادي، في وقت لا تزال فيه العقوبات الغربية تمثل التحدي الأكبر أمام استعادة سوريا لدورها الإقليمي الطبيعي.