السودان يتهم كينيا بدعم مؤتمر للدعم السريع وحكومة موازية وشيكة
اتهمت الحكومة السودانية، السبت، كينيا بالسعي لاستضافة مؤتمر جديد لقوات الدعم السريع وحلفائها، بهدف إعلان "الحكومة الموازية"، وهو ما اعتبرته "استخفافا بالشرعية الدولية".
ويأتي هذا الاتهام في الوقت الذي تشهد فيه مدينة نيالا، حاضرة ولاية جنوب دارفور، حراكا مكثفا استعدادًا لتشكيل هذه الحكومة الموازية، والتي يُتوقع إعلانها بحلول نهاية شهر أبريل الجاري.
ولم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي من كينيا أو قوات الدعم السريع على هذه الاتهامات.
وكان موقع "أفريكا أنتلجنس" قد أفاد الخميس بأن قوات الدعم السريع وأنصارها سيجتمعون للمرة الثانية في العاصمة الكينية نيروبي في الفترة من 12 إلى 14 أبريل، وذلك بعد مرور أكثر من عامين على بدء الحرب الأهلية في السودان.
وبدأ التراشق الكلامي بين السودان وكينيا عقب استضافة نيروبي في فبراير الماضي اجتماعات لقوات الدعم السريع، التي تخوض قتالًا ضد الجيش السوداني منذ منتصف أبريل 2023، وذلك بحضور مجموعات سياسية ومدنية وأهلية.
وقد أسفرت تلك الاجتماعات عن توقيع "ميثاق سياسي تأسيسي" يُفترض أن تقوم على أساسه حكومة موازية لحكومة الجيش المتمركزة في بورتسودان. واعتبرت وزارة الخارجية السودانية حينها هذه الخطوة "إعلان عداء وتشجيعًا لتقسيم البلاد".
وفي بيان صدر عنها السبت، ذكرت وزارة الخارجية السودانية أن "تقارير تتواتر عن أن كينيا ستستضيف خلال الأيام القادمة مؤتمرا ثانيا لميليشيا الدعم السريع الإرهابية وتابعيها".
وأفاد موقع "أفريكا أنتلجنس" الخميس أن ستجتمع قوات الدعم السريع وأنصارها للمرة الثانية في العاصمة الكينية في الفترة من 12 إلى 14 أبريل وذلك بعد مرور أكثر من عامين على بدء الحرب الأهلية.
وأضافت "يأتي ذلك في وقت تصعّد فيه هذه الميليشيا حملة الإبادة الجماعية ضد مجموعات إثنية محددة في إقليم دارفور (غرب)، كما يجسدها هجومها الحالي والمستمر على معسكر زمزم للنازحين، والذي راح ضحيته مئات المدنيين، بينهم أطفال ونساء".
وتابعت الخارجية السودانية "كما يأتي ذلك في الوقت الذي تواصل فيه الميليشيا استهداف المنشآت المدنية الحيوية في مختلف أنحاء البلاد".
وكثفت الدعم السريع هجماتها على الفاشر، وهي معقل للجيش السوداني وحلفائه في إقليم دارفور، لتحقيق تقدم عسكري يخدمها حال العودة إلى مفاوضات منبر جدة، بما يدعم خطتها البديلة، ممثلة في السيطرة على الإقليم تماما وإعلان حكومة موازية من داخله.
وفي وقت سابق السبت، أعلن الجيش السوداني في بيان أن 74 مواطنا قُتلوا جراء هجوم شنته قوات الدعم السريع، على مخيم للنازحين بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، منذ الجمعة.
ولم يصدر تعليق فوري من قوات الدعم السريع بشأن هذا الهجوم.
واعتبرت وزارة الخارجية السودانية في بيانها، أن سعي نيروبي لاستضافة الاجتماع المزمع "يمثل امتدادا للاجتماعات السابقة التي رعتها الرئاسة الكينية في فبراير الماضي، بهدف إعلان ما سُمّي بالحكومة الموازية للدعم السريع وتابعيها".
وأضافت، مستنكرة "إصرار الحكومة الكينية على التمادي في دعم ميليشيا الدعم السريع واحتضان أنشطتها، يمثل استخفافا بالشرعية الدولية وبمجلس السلم والأمن الأفريقي".
وحذّرت من أن هذه الخطوات "تنطوي على تهديد خطير للأمن الإقليمي، ولسيادة الدول الأفريقية، وللسلم الاجتماعي فيها".
ودعا البيان، المجتمع الدولي إلى "إدانة هذا المسلك غير المسؤول، الذي يتنافى مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والنظام التأسيسي للاتحاد الأفريقي".
وفي 20 فبراير الماضي، استدعى السودان سفيره لدى نيروبي كمال جبارة، احتجاجا على ما قال إنه "استضافة كينيا لاجتماعات ضمت قوى سياسية وقيادات من قوات الدعم السريع بهدف إقامة حكومة موازية".
وفي مواجهة هذه الاتهامات آنذاك، أصدر وزير الخارجية الكيني موساليا مودافادي، بيانا شدد فيه على أن هدف بلاده من استضافة تلك الاجتماعات هو "تسريع وقف الحرب والتوصل إلى اتفاق سياسي بين الأطراف السودانية".
وأكد مودافادي، أن كينيا "تسعى إلى استعادة الاستقرار والحكم المدني في السودان، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي"، نافيًا وجود "أي دوافع خفية" لدى بلاده من استضافة هذه اللقاءات.
وأضاف أن كينيا، ودول المنطقة عموما، تتحمل مسؤولية معالجة تبعات الحرب السودانية – بما في ذلك أزمة اللاجئين – في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية.
واعتبر أن تحركات نيروبي "منسجمة مع مواثيق الاتحاد الأفريقي الرافضة للانقلابات والتغييرات غير الدستورية"، مذكرا بأن الاتحاد علّق عضوية السودان عقب إجراءات أكتوبر 2021، حين أطاح رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان بشركائه المدنيين، واتخذ خطوات من بينها حل مجلسي السيادة والوزراء.
ولفت مودافادي، إلى أن سماح كينيا لقوات الدعم السريع ومكونات مدنية سودانية بطرح خارطة طريق سياسية في نيروبي "ينسجم مع دورها في مفاوضات السلام وتوفير منصات محايدة للأطراف المتصارعة".
ووقعت قوات الدعم السريع وحركات مسلحة وقوة سياسية سودانية على إعلان سياسي في العاصمة الكينية نيروبي، أعقبه التوصل إلى الدستور الانتقالي تمهيدا لتشكيل حكومة موازية.
توقعت مصادر متطابقة تحدثت لموقع "دارفور24" السبت وصول قيادات من تحالف "تأسيس" إلى مدينة نيالا في غضون الأيام المقبلة، من بينهم رئيس حزب الأمة برمة ناصر وقائد الحركة الشعبية ـ شمال عبدالعزيز الحلو والقيادي في التحالف محمد حسن التعايشي وقادة آخرين.
وذكرت المصادر أن خطة إعادة افتتاح أمانة الحكومة ونقل الوزارات إلى مقراتها الأصلية وصيانة بعض الفنادق يندرج ضمن الاستعدادات لاستقبال الوفود المشاركة في إعلان الحكومة.
وأشارت إلى أن الإدارة المدنية شرعت في إزالة الارتكازات التي نصبتها قوات الدعم السريع ونظافة وسط المدينة ومحاربة الظواهر السالبة، إلى جانب تسليم تأمين المدينة إلى قوات الشرطة الفيدرالية التي تسلمت 50 سيارة كدفعة أولى من جملة 100 سيارة تبرع بها قائد ثاني قوات الدعم السريع.
وأوضحت إن الإدارة المدنية تسعى إلى افتتاح سوق نيالا الكبير الذي أغلق منذ اندلاع الحرب وذلك ضمن جهودها التي تهدف إلى إعادة المدينة التي تأثرت بالحرب إلى وضعها الطبيعي لتكون مقرًا للحكومة الموازية.
وسيطرت قوات الدعم السريع على مدينة نيالا في أكتوبر 2023 بعد معارك ضارية مع الجيش أجبرته على الانسحاب من قاعدته. وقد اختار تحالف تأسيس مدينة نيالا عاصمة إدارية للحكومة الموازية.
منذ أبريل 2023، يشهد السودان حربا بين الجيش وقوات الدعم السريع أودت بحياة أكثر من 20 ألف شخص، وتسببت في نزوح ولجوء نحو 15 مليونًا، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.