نذر مواجهات غرب ليبيا للسيطرة على منابع النفط والغاز في الحمادة الحمراء
لا يزال الغموض يلقي بظلاله على تحركات القوة المشتركة من مصراتة في اتجاه طرابلس، فيما تحدثت أوساط مطلعة من غرب البلاد عن وجود خطة لميليشيات موالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة تهدف إلى السيطرة على منطقة الحمادة الحمراء الثرية بالنفط والغاز والتي لا تزال تمثل نقطة خلاف بين الفرقاء الأساسيين في البلاد، ولاسيما في علاقة بعقود الاستثمار في حقل NC7، أحد أهم حقول النفط والغاز في البلاد.
وأكدت الأوساط أن حكومة الدبيبة تسعى إلى تحييد القيادة العامة للجيش في المنطقة الشرقية عن أي مواجهة قادمة، كما عملت على إبلاغ وجهاء وأعيان الزنتان بأن تحركاتها لا تستهدف القبيلة أو المدينة وأن الهدف منها هو بسط سيادة الدولة على منطقة حوض غدامس بما في ذلك حقل الحمادة المرشح لأن يكون أحد أهم ثلاثة حقول نفطية في البلاد.
وأوضحت أن تحركات القوة المشتركة بزعامة عمر أبوغدادة، أبرز حلفاء الدبيبة في مصراتة، تدفع نحو خوض معركة فاصلة للسيطرة على أهم منبع للثروة النفطية في غرب البلاد، وأن أطرافا داخلية وخارجية تنتظر هذا الحسم.
وفي 24 مارس الماضي فشل المستشار الأمني والسياسي لرئاسة الحكومة إبراهيم الدبيبة في التوصل إلى عقد لقاء توافقي مع آمر المنطقة العسكرية الغربية أسامة الجويلي، الذي تسيطر قواته على الحمادة الحمراء، لإقناعه بالتحالف مع أسرة الدبيبة والتخلي عن علاقاته مع القيادة العامة للجيش مقابل تمكينه من الدعم الذي يحتاج إليه على مختلف الأصعدة.
وبحسب تقارير محلية عقد الدبيبة اجتماعا مع وجهاء وأعيان الزنتان بحضور وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي، ووكيل وزارة الدفاع عبدالسلام زوبي، ومساعده الميداني فهيم بن رمضان، ودعاهم إلى التدخل لدى الجويلي لإقناعه بفك ارتباطه مع قوات المشير خليفة حفتر، والسماح لقوات وزارة الدفاع التابعة لحكومة الوحدة الوطنية بالسيطرة على غدامس والمعبر الحدودي مع الجزائر.
وأكد الدبيبة استعداده لتنفيذ مطالب الجويلي في حال استجابته للحكومة، وحذر من أن عدم التعاون قد يدفع حكومة الوحدة الوطنية إلى السيطرة على المناطق الحدودية بالقوة المسلحة. وسبق أن أصدر المجلس الأعلى لثوار الزنتان وحراك 17 فبراير بالزنتان بيانا هددا فيه بتحويل منطقة حوض غدامس النفطي إلى ساحة صراع مسلح، ردا على محاولات السيطرة على الحقل بالقوة.
ورأى مراقبون أن تسريع القضاء الليبي الإعلانَ عن محاكمة المتورطين في محاولة اغتيال مستشار الدبيبة عبدالمجيد مليقطة المنحدر من الزنتان يدخل في إطار العمل على استرضاء المدينة التي أعلنت تضامنها الكامل مع ابنها.
ولا تزال منطقة الحمادة الحمراء محل تجاذبات واحتقان أمني واجتماعي بين مختلف الأطراف في ظل سعي الحكومة لتنفيذ عقود مع شركات أجنبية للاستثمار في حقل نفطي قديم جرى استكشافه منذ أكثر من 45 عاما، وتعود ملكيته إلى شركة الخليج العربي للنفط التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط، بينما يقدر مجلس التطوير الاقتصادي الاحتياطيات المؤكدة من الغاز في حقل الحمادة بـ2.7 تريليون قدم مكعب.
وكان إبراهيم الدبيبة أقام إفطارا رمضانيا لعدد من المسؤولين وأمراء الحرب من قادة ميليشيات مسلحة، وهو ما أغضب العديد من الأطراف في ليبيا، وأثار تساؤلات تتعلق بالنفوذ السياسي لهؤلاء القادة ومدى تغلغلهم في صناعة القرار. لكن أغلب التحاليل ربطت الاجتماعات ببعضها البعض واستنتجت من ورائها سعيا إلى توحيد الجهود لإعادة تشكيل خارطة النفوذ الميليشياوي في المنطقة.
وفي نوفمبر الماضي قال جهاز حرس المنشآت النفطية -فرع الجنوب الغربي- إن “قوة تابعة للواء 444 حاولت التعدي على المنشآت النفطية،” واتهمها بالتخطيط للهجوم على هذه المنشآت، مضيفا أنه بعد اشتباك استمر فترة قصيرة تمكنت الدورية التابعة للجهاز من العودة إلى الحقل، بينما وقعت إحدى سياراته الأربع في قبضة قوة اللواء 444 بعد تعطلها.
◙ المجلس الأعلى لثوار الزنتان وحراك 17 فبراير أصدرا بيانا هددا فيه بتحويل حوض غدامس النفطي إلى ساحة صراع مسلح
والجمعة أجرى الدبيبة لقاء بعيدا عن الأضواء مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وكان قد التقى قبل فترة رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وجاء اجتماع الدبيبة مع أردوغان بعد الزيارة الرسمية المفاجئة التي قام بها الفريق صدام خليفة حفتر، رئيس أركان القوات البرية في القيادة العامة للجيش الليبي، إلى أنقرة في الرابع من أبريل الجاري، والتي قال مراقبون إنها مثلت بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين تركيا والمنطقة الشرقية، كما أنها تتضمن دلالات عميقة وتطرح احتمال حدوث تحول في السياسة التركية تجاه ليبيا، خاصة مع رمزية توقيتها الذي يصادف الذكرى السنوية لهجوم قوات حفتر على طرابلس عام 2019، والذي كانت تركيا طرفا رئيسيا في إفشاله.
وردت أوساط ليبية اتصالات الدبيبة إلى رغبته في تحقيق توافق مع القيادة العامة للجيش بالمنطقة الغربية على عدم التدخل لدعم قوات أسامة الجويلي في منطقة الحمادة الحمراء إذا حدثت مواجهات، لاسيما أن عرض الاستثمار مطروح على ائتلاف شركات أجنبية من إيطاليا وتركيا والإمارات وفرنسا.
وفي يناير الماضي نقلت وسائل إعلام ليبية عن محمد عون، وزير النفط الليبي الممنوع من ممارسة اختصاصاته بقرار من الدبيبة والمحسوب على حفتر، رفضه لقرار إخلاء حقول الحمادة الحمراء من أي تواجد ليبي. وقالت إنه أكد في تصريحات لمقربين منه أن هذا الإجراء غير قانوني، مشددا على أن الحقول منتجة بالفعل ولا تحتاج إلى شريك أجنبي لتطويرها، في إشارة إلى الشركات التركية، إذ تقدر كلفة التطوير محليا بـ5 مليارات دينار ليبي فقط.
واعتبر عون أن إصرار حكومة الدبيبة على إتمام صفقة تطوير حقل الحمادة الحمراء لصالح الشركات التركية يأتي في إطار صفقة النفط مقابل التمديد التي عقدها الدبيبة مع الرئيس التركي.