قمة كردية عراقية جديدة في أربيل لإنهاء الخلافات العالقة
السوداني في أربيل والنفط والرواتب على رأس المباحثات مع بارزاني
الزعيم الكردي المخضرم ورئيس الوزراء العراقي يؤكدان في أربيل أهمية التنسيق بين الأطراف العراقية لتجاوز الأزمات والتحديات ومعالجة مشكلات البلاد.
أكد الزعيم الكردي المخضرم ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم السبت في أربيل، على الأهمية القصوى لتعزيز التنسيق بين جميع الأطراف السياسية العراقية من أجل تجاوز الأزمات والتحديات الراهنة ومعالجة المشكلات التي تواجه البلاد.
وذكر مقر مسعود بارزاني في بيان صدر السبت، أن الزعيم الكردي استقبل رئيس الوزراء السوداني في مصيف صلاح الدين.
وأضاف البيان أن اللقاء تناول "الأوضاع السياسية وآخر التغييرات والمستجدات على الصعيد الإقليمي"، بالإضافة إلى مناقشة "العلاقات بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية" التي شكلت محورا رئيسيا للمباحثات.
وبدوره، ذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، في بيان له، اليوم السبت أن "السوداني التقى رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، بمصيف صلاح الدين في أربيل".
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد وصل إلى أربيل في وقت سابق من صباح السبت، حيث كان في استقباله رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني وعدد من الوزراء والمسؤولين في حكومته.
وبحسب وكالة "شفق نيوز" الكردية العراقية، فإن المباحثات بين الجانبين ستركز على عدة ملفات داخلية وخارجية، وعلى رأسها الخلافات والقضايا العالقة بين أربيل وبغداد.
وأشارت الوكالة إلى أن مسرور بارزاني والسوداني سيناقشان بشكل خاص مسألة استئناف صادرات نفط الإقليم عبر ميناء جيهان التركي، وهو ملف شائك يمثل أولوية قصوى لكلا الطرفين.
وتستمر الخلافات بين بغداد وأربيل منذ سنوات، وتشهد فترات من الهدوء والتوتر. ويعد استئناف تصدير نفط كردستان، وملف رواتب الموظفين في الإقليم، وقضية تواجد حزب العمال الكردستاني، من أبرز القضايا العالقة التي تزداد أهميتها في ظل التحديات الإقليمية والمحلية الراهنة.
وتعد هذه الزيارة هي الخامسة التي يجريها رئيس الحكومة العراقية إلى إقليم كردستان منذ توليه منصبه في أكتوبر 2022، وكان آخرها في نوفمبر من العام الماضي، وذلك في إطار الجهود المستمرة لحل الخلافات بين المركز والإقليم. وقد ناقش السوداني في زيارات سابقة مع قادة الإقليم ملف رواتب الموظفين، واستئناف تصدير النفط، والتعداد السكاني، والوضع الإقليمي.
وتأتي الزيارة في إطار التواصل والحوار بشأن المواضيع المهمة بين بغداد وإقليم كردستان، وهو ما تؤكد عليه الحكومة مع جميع أطراف العملية السياسية، حسبما قال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي لشبكة رووداو الإعلامية.
وتأتي هذه الزيارة في سياق "التواصل والحوار بشأن المواضيع المهمة بين بغداد وإقليم كردستان"، وهو ما أكد عليه المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء سيجري مباحثات ومشاورات تتضمن "مراجعة الملفات المشتركة في ضوء المستجدات الداخلية والأحداث الخارجية المتسارعة".
إلى ذلك، كشفت وسائل إعلام عراقية نقلا عن مصادر مطلعة، اليوم السبت، عن أبرز ما سيبحثه السوداني خلال زيارته لأربيل.
وكشفت وسائل إعلام عراقية نقلا عن مصادر مطلعة أن السوداني سيلتقي أيضا برئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني ونائبه قوباد طالباني، وأن المباحثات ستركز على استئناف تصدير نفط كردستان، ورواتب الموظفين، وقضية حزب العمال الكردستاني، والأوضاع الإقليمية، وضرورة توحيد الموقف العراقي إزاء الصراعات والقضايا الدولية.
وكان رئيس الجمهورية عبداللطيف جمال رشيد قد أكد الخميس على ضرورة استمرار المشاورات والحوار بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم لحل المسائل العالقة. كما أشار رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في 8 أبريل إلى وجود مشاكل فنية تعيق استئناف صادرات النفط عبر ميناء جيهان التركي.
وتواجه بغداد على صعيد عملي صعوبات في استئناف التصدير ذات طبيعة مالية تتمثل في الخلافات بشأن تحديد سعر برميل الخام ومقدار التعويض للشركات المنتجة، وسياسية في بعض الأحيان تتمثل في عدم رغبة بعض القوى المتنفذة في السلطة الاتحادية في حلحلة المشكلة حرصا على استدامة الضغوط المالية على الإقليم.
وأرجع وزير الخارجية فؤاد حسين، مؤخرا، توقف تصدير النفط إلى قضايا قانونية مشيرا إلى وجود مباحثات مكثفة بين حكومتي بغداد وأربيل والشركات النفطية العاملة في إقليم كردستان العراق للوصول إلى اتفاق يسمح باستئناف الصادرات.
وتوقف تصدير النفط عبر تركيا في مارس 2023 عقب قرار محكمة التحكيم الدولية في العاصمة الفرنسية باريس بتحميل الجانب التركي مسؤولية تصدير الخام العراقي خارج الأطر القانونية التي تجعل عملية التصدير حصرا بيد الشركة الوطنية العراقية المتخصصة في تسويق النفط.
ويضعف التلكؤ في استئناف تصدير النفط من إقليم كردستان العراق آمال تحقيق تحسّن سريع في الوضع المالي للإقليم الذي عانى خلال الفترة الماضية صعوبات مالية أثّرت على الوضع الاجتماعي لسكّانه.
وشهد ملف استئناف التصدير قفزة نوعية باتجاه الحل عندما توصّل البرلمان العراقي في فبراير الماضي إلى تمرير تعديل بقانون الموازنة تعلق بتحديد سعر لبرميل النفط المنتج في حقول إقليم كردستان، وهو أمر ترتبط به إجراءات التعويض لشركات النفط الدولية العاملة في الإقليم، لكن لم تظهر منذ ذلك الحين بوادر عن بدء تصدير الخام مجدّدا فيما بدأ تضارب التصريحات بشأن الموضوع يكشف ارتباكا في تعاطي السلطات الاتحادية مع الملف وإدارته بالشكل الملائم الذي يكفل مصالح الإقليم والدولة ككل ويحمي مسار الوفاق والتفاهم الذي سلكته العلاقات بين حكومتي بغداد وأربيل مؤخّرا.
ويظل ملف رواتب موظفي الإقليم من أبرز المشكلات العالقة، حيث تصر بغداد على تسليم أربيل نفطها للتصدير عبرها، وهو ما ترفضه حكومة كردستان، ما أدى الى قطع بغداد رواتب جزء كبير من موظفي الإقليم ودفعها إلى آخرين على شكل متقطع وغير منتظم منذ عام 2014، إلى أن توقفت المرتبات نهائيا في أكتوبر 2017 مع تداعيات استفتاء الانفصال.
وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سياسة “التقشف”، بالإضافة إلى الخلافات المالية بي بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.
ويذكر أن الموازنة للعام 2024، لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، بالرغم من تحذيرات المختصين بفقدان الثقة في قدرة الحكومة على الإدارة المالية ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضا.
ويضاف إلى ذلك عدم تنفيذ موازنة عام 2024 حتى الآن، مما يثير مخاوف بشأن الإدارة المالية وقدرة الحكومة على تجاوز الأزمات الاقتصادية والسياسية. كما تتجدد الخلافات سنويًا بشأن حصة الإقليم في الموازنة وعلاقته بملف تصدير النفط.
ويبدو أن زيارة السوداني إلى أربيل تحمل أهمية خاصة في محاولة جديدة لكسر الجمود في هذه الملفات المعقدة، خاصة ملف استئناف تصدير النفط الذي يمثل شريانًا حيويًا لاقتصاد الإقليم والعراق ككل.