تفكيك مخيمات المهاجرين في تونس: ترحيل أم إعادة انتشار
فككت تونس الجمعة مخيمات مؤقتة تؤوي الآلاف من المهاجرين القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء، وذلك عقب حملة على شبكات التواصل الاجتماعي تدعو إلى رحيل هؤلاء المهاجرين غير النظاميين. لكن لا يعرف إن كان ذلك ضمن خطة لترحيل هؤلاء المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية أم إعادة انتشار في مناطق تونسية لتخفيف الضغوط عن ملاّك الزياتين في منطقتي العامرة وجبنيانة من محافظة صفاقس.
وكانت هذه المخيمات التي أقيمت وسط بساتين الزيتون في منطقتي العامرة وجبنيانة في وسط شرق البلاد، قد أصبحت مثار قلق للسلطات وأثارت استياء كبيرا لدى سكان القرى المحيطة. وإلى حد الآن لم تنشر السلطات صورا لعمليات ترحيل طوعية أو قسرية لمهاجرين باتجاه بلدانهم، ما يرجّح أن الأمر مرتبط بإعادة انتشار ونقل من منطقة إلى أخرى.
ويرى مراقبون أن حالة التوتر الشعبي المرتبطة بموضوع المهاجرين قد تكون دفعت الحكومة إلى نقل أعداد منهم إلى مراكز أخرى، أو أنها فككت المخيمات وتركت لهم خيار الاستقرار في حقول أخرى للزياتين القريبة من المنطقة. أما بالنسبة إلى من يتم ترحيلهم فأعداد محدودة من مهاجرين عبّروا عن استعدادهم للعودة الطوعية، وقلة أخرى تتم إعادتهم قسريا بسبب تجاوزات قاموا بها.
◄ حوالي 8743 مهاجرا وصلوا إلى إيطاليا حتى الآن هذا العام، وهو عدد أكبر بقليل مما كان عليه في الفترة نفسها من العام الماضي
وتسعى تونس بهذه الخطوة إلى الاستجابة لمطالب ملاك الزياتين وسكان منطقتي العامرة وجبنيانة بالتخفيف عنهم وطأة وجود المهاجرين، وفي نفس الوقت عدم إغضاب المنظمات الحقوقية.
وبحسب بيانات الحكومة التونسية، عاد سبعة آلاف و250 مهاجرا إلى دولهم الأصلية ضمن برنامج العودة الطوعية في 2024 .
وقال المتحدث باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الدين الجبابلي إن حوالي عشرين ألف مهاجر، مقسمين في مخيمات عدة غير رسمية، نصبوا خياما في الحقول.
وأضاف أنه منذ الخميس، اضطر حوالي 4000 شخص من جنسيات عدة إلى مغادرة مخيم “الكيلو 24″، وهو أحد أكبر المخيمات في المنطقة.
وأشار إلى أنه تم إخلاء مخيمات عشوائية أخرى في المنطقة نفسها، لافتا إلى أن العمليات ستستمر خلال الأيام المقبلة.
حسام الدين الجبابلي: هناك العديد من القضايا المعروضة أمام المحاكم بسبب احتلال ممتلكات خاصة
وذكر أن السلطات الصحية تكفلت بالاعتناء بأشخاص ضعفاء وبنساء حوامل.
ولدى سؤاله عن مصير الآلاف من المهاجرين المتبقين، قال إن بعضهم “تفرقوا في البرية.” وأوضح أن أشخاصا كثيرين أبدوا رغبتهم في العودة طوعا إلى بلادهم.
ومساء الجمعة، في مخيم “الكيلو 24″، شوهدت في الظلام أحذية وبقايا طعام وحزمة من المتعلقات الشخصية إلى جانب أكوام من الأشياء والفرش المحترقة.
وقال الجبابلي “كان هناك العديد من القضايا المعروضة أمام المحاكم بسبب احتلال ممتلكات خاصة” مثل بساتين الزيتون “وكان من واجبنا إزالة كل أشكال الفوضى”.
وفي نهاية مارس، دعا الرئيس قيس سعيد المنظمة الدولية للهجرة إلى تكثيف جهودها لضمان “العودة الطوعية” للمهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم.
وتشكل قضية المهاجرين القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى موضوع توتر شديد في تونس. وتعد البلاد نقطة عبور رئيسة للآلاف من المهاجرين واللاجئين من أفريقيا جنوب الصحراء، الراغبين في الوصول إلى الساحل الإيطالي.
وأعلن المتحدث باسم الحرس الوطني السبت ضبط أسلحة بيضاء أثناء عمليات إخلاء وتفكيك مخيمات لمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء في صفاقس.
وقال لإذاعة موزاييك إنه “تم إيقاف عدد من هؤلاء الأفارقة وجاري ترحيلهم قسريا”.
وتابع الجبابلي أنه “تبين خلال الأبحاث مع الموقوفين تواصلهم مع أطراف أجنبية لبث البلبلة في المخيمات وفي المناطق المجاورة”.
◄ حالة التوتر الشعبي المرتبطة بموضوع المهاجرين قد تكون دفعت الحكومة إلى نقل أعداد منهم إلى مراكز أخرى، أو أنها فككت المخيمات وتركت لهم خيار الاستقرار في حقول أخرى
وتبعد أقرب نقطة من تونس إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية أقل من 150 كيلومترا، وغالبا ما تكون أول نقطة وصول للمهاجرين غير القانونيين.
ويحاول عشرات الآلاف من المهاجرين، معظمهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء، العبور كل عام. ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة، فقد مات أو فقد 343 شخصا أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط هذا العام.
وتواجه تونس ضغطا متزايدا من الاتحاد الأوروبي للحدّ من هذه الرحلات غير القانونية، بينما أثارت مجموعات حقوقية مخاوف بشأن معاملة المهاجرين الذين يعيشون بشكل مؤقت في مناطق غير مؤهلة للسكن في تونس.
ووصل حوالي 8743 مهاجرا إلى إيطاليا حتى الآن هذا العام، وهو عدد أكبر بقليل مما كان عليه في الفترة نفسها من العام الماضي، وفقا لوزارة الداخلية الإيطالية.
وأعلنت الحكومة الإيطالية الأسبوع الجاري تخصيص 20 مليون يورو لتمويل عمليات الإعادة الطوعية بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، لحوالي 3300 من المهاجرين غير النظاميين في دول شمال أفريقيا، وهي تونس والجزائر وليبيا.
وتقدر المنظمة الدولية للهجرة عدد المهاجرين في تونس بنحو 63 ألفا، وليس واضحا عدد من يتمتعون بإقامات قانونية.