لندن في المدار «الفرط صوتي».. الردع الأوروبي يتغيّر
في سباق التسليح العالمي المتسارع، والذي طرق أبواب أوروبا، سجلت بريطانيا نقطة تحوّل مفصلية قد تعيد رسم معادلات الردع والتفوق العسكري في القارة العجوز، بنجاحها في اختبار محرك جديد لصاروخ فرط صوتي يُعَدّ من الأكثر تطورًا.
«الإنجاز»، الذي جاء ثمرة تعاون عابر للأطلسي مع الولايات المتحدة ووكالة ناسا، يعكس انتقال المملكة المتحدة من موقع الساعي للحاق بالقوى الكبرى إلى الشريك في صياغة الجيل الجديد من الردع الاستراتيجي.
فماذا نعرف عن التجربة الصاروخية؟
تقول صحيفة تليغراف البريطانية، إن لندن أنهت بنجاح اختبار محرك جديد للصواريخ الفائقة السرعة، مشيرة إلى أن أحدث الأبحاث البريطانية في مجال الصواريخ الفائقة السرعة، والتي قد تسمح بإطلاق أسلحة بسرعة تصل إلى آلاف الأميال في الساعة، وصلت إلى نقطة تحول بعدما أثبت المحرك الجديد قدرته على تشغيل صاروخ كروز فائق السرعة متطور قادر على تغطية مدى أكبر من الصواريخ التقليدية.
ومن المتوقع أن يكون هذا المحرك الجديد نقلة نوعية في قدرات الأسلحة الأسرع من الصوت في المملكة المتحدة، خاصة وأنه يستخدم الهواء للاحتراق بدلاً من جهاز أكسجين منفصل، وفقا لما ذكرته صحيفة «تليغراف».
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أن البحث، الذي أُجري في الأشهر الأخيرة، يهدف إلى دعم تسليم نموذج تجريبي لتكنولوجيا الأسلحة الأسرع من الصوت بحلول عام 2030، في إطار برنامج «فريق فرط الصوتيات» التابع للوزارة التي أضافت أن المحرك سيوفر «قدرة تحويلية» تُحقق ميزة تشغيلية للقوات المسلحة البريطانية في المستقبل.
وفي إطار فريق مشترك بقيادة مختبر علوم وتكنولوجيا الدفاع (Dstl) ومختبر أبحاث القوات الجوية الأمريكية، تم إجراء 233 اختبارًا تجريبيًا ثابتًا ناجحًا في مركز أبحاث «لانغلي» التابع لوكالة ناسا في ولاية فرجينيا الأمريكية.
وكان الاختبار جزءًا من برنامج الأسلحة الأسرع من الصوت في المملكة المتحدة، والذي استمر 6 أسابيع، وتضمن تحليلًا لحظيا للبيانات لتحسين جوانب التصميم وتعزيز الأداء، بدعم من عدد من شركات الصناعة العسكرية.
كانت «تليغراف» قد كشفت العام الماضي أن حكومة حزب المحافظين السابقة في بريطانيا، كانت تخطط لتجهيز القوات المسلحة بصاروخ كروز محلي الصنع أسرع من الصوت، بحلول نهاية العقد.
وكان المطلوب هو الحصول على صاروخ يمكنه الوصول إلى سرعات تتجاوز 5 ماخ لمواكبة الصين وروسيا والولايات المتحدة ولتعزيز القدرة على الهجوم.
وقال جون هيلي، وزير الدفاع البريطاني: «نعيش في عالم أكثر خطورة، ولم يكن الابتكار والتفوق على خصومنا، وتزويد قواتنا بتقنيات المستقبل، أكثر أهمية من أي وقت مضى».
وأضاف: «هذه اللحظة الفارقة في أبحاث فرط الصوتية، بدعم من علماء بريطانيين وشركات بريطانية صغيرة، تُبرز مجالًا حيويًا آخر نعمل فيه جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة لدعم قواتنا المسلحة وتعزيز ردعنا».
تقدم حاسم
من جانبه، وصف بول هولينشيد، الرئيس التنفيذي لشركة Dstl، هذا الإنجاز بأنه «تقدمٌ حاسم» في دفاع المملكة المتحدة، مما «يعزز مكانتنا في تعاون تطوير أسلحة أوكوس الأسرع من الصوت» وأضاف: «يُبرز نجاح هذه الاختبارات التزام المملكة المتحدة بالريادة والابتكار التكنولوجي في هذا المجال الحيوي».
وفي نهاية العام الماضي، توصلت المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا إلى اتفاق لتسريع تسليم صواريخ فرط صوتية. وبموجب الركيزة الثانية لاتفاقية «أوكوس» المتعلقة بالغواصات النووية، تم الاتفاق على أن تقوم الدول الثلاث بتطوير وبناء واختبار مقذوفات تنطلق بسرعة تفوق سرعة الصوت بخمس مرات.
وتعمل الدول الثلاث على تجميع خبراتها ومواردها لضمان تسليم الأسلحة والقاذفات والأنظمة الدفاعية قبل الموعد المحدد.