تونس تتطلع إلى خفض معدلات الإصابة بمرض السل

وكالة أنباء حضرموت

تتطلع تونس إلى خفض معدل الإصابة بمرض السل إلى أقل من 20 حالة على كل 100 ألف ساكن وذلك من خلال تفعيل البرنامج الوطني لمكافحة مرض السل 2025 – 2028. وسجلت تونس، خلال سنة 2023 حوالي 3014 حالة لمرض السل أي 26 حالة لكل 100 ألف ساكن مقابل 3264 حالة سنة 2022 أي 28 حالة على كل 100 ألف ساكن، وهو ما يؤكد أن الوضع الوبائي في تونس عادي، حسب وزارة الصحة.

وقال منسّق البرنامج الوطني لمكافحة السلّ والملاريا بإدارة الرعاية الصحية الأساسية بوزارة الصحة الدكتور عبدالرؤوف المنصوري، أن الوضع الوطني الوبائي مستقرّ في علاقة بانتشار مرض السّل وهو في تحسّن مستمر، ويصنّف ضمن نسب الانتشار المتوسّطة حسب التصنيف المعتمد من قبل منظمة الصحّة العالمية في علاقة بمرض السلّ.

ولفت الدكتور المنصوري، في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، إلى أن تونس سجلت تراجعا في عدد الإصابات بمرض السّل خلال السنوات الأخيرة، حيث تم خلال سنة 2022 تسجيل 3264 حالة مقابل 3014 حالة سنة 2023، وهو ما يعكس، حسب قوله، نجاح إستراتيجية البرنامج الوطني لمكافحة مرض السلّ لسنوات 2017 و2021، والذي سيتم العمل على تحيينه وتطويره سنة 2025 إلى حدود سنة 2028.

وتعتبر منظمة الصحة العالمية، حسب قوله، نسبة انتشار مرض السلّ عالية، عند تسجيل أكثر من 30 حالة على كل 100 ألف ساكن في السنة الواحدة، ومتوسّطة عندما يسجّل ما بين 20 و30 حالة لكلّ 100 ألف شخص سنويا ومنخفضة عندما تكون أقل من 20 حالة على كل 100 ألف ساكن في السنة.

الوضع الوطني الوبائي مستقرّ في علاقة بانتشار مرض السّل وهو في تحسّن مستمر، ويصنّف ضمن نسب الانتشار المتوسّطة

ولفت، في هذا السياق، إلى أن تونس سجّلت خلال سنة 2022 قرابة 28 حالة على كل 100 ألف ساكن، مقابل 26 حالة على كلّ 100 ألف ساكن خلال سنة 2023، وهو ما يؤكد أن الوضع الوبائي في تونس عادي، مستدركا بالقول: ”هذا لا يرتقي إلى طموحات وزارة الصحة التي تصبو إلى تسجيل أقل من 20 حالة على كلّ 100 ألف ساكن في السنة، وربّما إلى صفر حالة مع تفعيل البرنامج الوطني لمكافحة مرض السلّ 2025 – 2028“.

وأضاف أن حالات السّل الرئوي المعدي والخطير سجّلت انخفاضا ملحوظا في تونس خلال العشرين سنة الأخيرة مقارنة بالسلّ العقدي الذي يتموقع خارج الرئة ويصيب أعضاء أخرى من الجسم ويعتبر أقل خطورة وغير معد، حيث بلغت نسبة الإصابة بالسلّ الرئوي سنة 2022، ما يعادل 37.9 في المئة مقابل 62.1 في المئة بالنسبة للإصابة بالسلّ خارج الرئة، أما سنة 2023 فقد وصلت نسبة الإصابة بالسلّ الرئوي إلى 36.3 في المئة مقابل 63.7 في المئة بالنسبة للإصابة بالسل خارج الرئة.

وشدّد المنصوري على أن دواء مرض السّل متوفّر مجانا وبالكميّات اللازمة وفي كامل أنحاء الجمهورية التونسية، كما أن جميع أنواع مسارات العلاج متوفرة من البسيطة إلى الأكثر تعقيدا، ويتم توفير الإحاطة الكاملة بالمريض إلى أن يتعافى تماما.

ودعا منسق البرنامج الوطني لمكافحة السل والملاريا بإدارة الرعاية الصحية الأساسية بوزارة الصحة الدكتور عبد الرؤوف المنصوري المواطنين إلى الحرص على تجنب استهلاك الحليب ومشتقاته من نقاط البيع غير المراقبة ضمانا لعدم إصابتهم بمرض السّل.

منظمة الصحة العالمية قدّرت نسبة حدوث مرض السل في تونس لعام 2023 بـ38 حالة إصابة لكل 100 ألف نسمة

وفي عام 2023، كشف الطبيب المختص سامي الرمادي، عن عودة مرض السل بقوة إلى تونس، حيث أفادت الأرقام أنه بصدد الانتشار بشكل صامت وقوي.

وأرجع الدكتور الرمادي انتشار مرض السلّ في تونس إلى استهلاك الحليب غير المبستر، مشيرا إلى أن مرض السلّ عرفته تونس قبل الاستقلال، ثم تم القضاء عليه بالتوعية والتلقيح.. ولكنه اليوم بصدد العودة.

وأضاف: “ولكن، حاليا تمّ تسجيل عودة قوية لمرض السلّ، وذلك بسبب استهلاك الحليب غير المبستر، أي الذي لم يدخل المصنع ويصل إلى درجة غليان تفوق الـ145 درجة، وهي درجة غليان لا يمكن الوصول إليها في المنزل حيث أن درجة غليانه في المنزل لن تفوق الـ100 درجة، الأمر الذي لن يقتل جميع الجراثيم.”

وتابع: “يخضع الحليب المعلّب ومشتقاته للبسترة والتعقيم الكامل.”

وأكّد الدكتور سامي الرمادي، أن الحليب الذي لم تقع بسترته أي تعقيمه بدرجات حرارة عالية جدّا، هو السبب الرئيسي في انتشار السلّ لدى مستهلكيه.

وأشار الدكتور شكيب مراكشي، عضو الجمعية التونسية للأمراض السارية، إلى أن السل مرض معدٍ يتميز بكمونه وبطء ظهور أعراضه. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، عاد السل في عام 2023 ليصبح السبب الرئيسي للوفيات الناجمة عن الأمراض المعدية عالميا، حيث أُصيب نحو 11 مليون شخص وتوفي منهم 1.25 مليون، بعد ثلاث سنوات من هيمنة كوفيد-19.

وأضاف الدكتور مراكشي أن السل متوطن في عدة بلدان وأكثر شيوعًا في الدول محدودة الموارد.

وقدّرت منظمة الصحة العالمية نسبة حدوث مرض السل في تونس لعام 2023 بـ38 حالة إصابة لكل 100 ألف نسمة، مقارنة بـ49 لكل 100 ألف نسمة في نهاية السبعينيات، عندما أطلقت البلاد أول خطة وطنية لمقاومة المرض.

في عام 1978، أنشأت تونس البرنامج الوطني لمقاومة السل بإشراف إدارة الرعاية الصحية الأساسية. وكان الهدف من هذا البرنامج تسهيل الحصول على الرعاية الصحية “بشكل متكامل ومجاني، بما يشمل التصوير الطبي، والإقامة في المستشفى، والتحاليل البيولوجية، والعلاج في كافة هياكل الصحة العمومية” وفق الدكتور مراكشي.

من جانبه، يشرح مسؤول بإدارة الرعاية الصحية الأساسية أن “بإمكان المرضى متابعة مسار الرعاية عبر المستويات الصحية الثلاث في البلاد،” أما الحالات الحرجة أو الأكثر عدوى فيتم توجيهها إلى المستشفيات الجهوية أو المستشفيات الجامعية. ووفقا لممرضة بقسم الأمراض السارية بمستشفى فرحات حشاد “يمكن للمرضى مغادرة وحدة العزل عندما تتحسن حالتهم ومتابعة العلاج في مراكز الصحة الأساسية.”

ويعد السُل مرضا معدٍ خطير يُصيب الرئتين في الأساس. تنتقل البكتيريا التي تتسبَّب في الإصابة بمرض السُل من شخص إلى آخر من خلال الرذاذ الذي يخرج في الهواء عبر السعال والعطس.

وبعدما كان هذا المرض نادرًا في البلدان النامية، بدأت حالات عدوى السُّل في التزايد في عام 1985، ويرجع ذلك -إلى حد ما- إلى ظهور فايروس نقص المناعة البشرية، وهو الفايروس الذي يتسبَّب في الإصابة بالإيدز. يتسبَّب فيروس نقص المناعة البشرية في إضعاف الجهاز المناعي للشخص، حيث يكون غير قادر على مقاومة الجراثيم. في الولايات المتحدة، وبسبب برامج المكافحة القوية، بدأت نسبة السُل في الانخفاض مرةً أخرى في عام 1993. لكن لا تزال تُشكِّل مصدرًا للقلق.

تقاوم العديد من سلالات السُل الأدوية الأكثر استخدامًا لمعالجة المرض. ويجب أن يتناول الأشخاص المصابون بالسُل النشط أنواعًا عديدةً من الأدوية لشهور، للقضاء على العدوى ومنع زيادة مقاومة المضادات الحيوية.