الأسواق الناشئة تواجه معضلة توقف تدفق رأس المال
يخشى محللون جمودا في تدفقات رأس المال إلى الاقتصادات الناشئة جراء سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأن هذا سيحرم أسواقها من الأموال التي تحتاجها للنمو أو حتى لمجرد الاستمرار.
وحذر بنك الاستثمار جي.بي مورغان في أحدث تقييماته من احتمال أن تشهد الأسواق الناشئة “توقفا مفاجئا” وخيم العواقب لتدفقات رؤوس الأموال كون سياسات “أميركا أولا” التي ينتهجها ترامب تحفز الاقتصاد الأميركي وتسحب الأموال من الدول الأفقر.
وتشير دلائل لبنك الاستثمار الأميركي نشرت الخميس الماضي إلى حدوث “تخارج صاف للتدفقات الرأسمالية” بقيمة 19 مليار دولار من الدول النامية باستثناء الصين في الربع الأخير من 2024، مع توقع خروج 10 مليارات دولار أخرى في الربع الأول من العام الجاري.
وقال البنك في مذكرة بحثية “ببساطة، وباستخدام التعريف الأكاديمي الذي يشيع قبوله، يشير هذا إلى أن الأسواق الناشئة باستثناء الصين على وشك توقف مفاجئ،” وإن هذه الظاهرة “يتعين عدم التعامل معها باستهانة.”
ولا ينشأ التباطؤ الحالي في تدفقات رأس المال عن حدث مرتبط بالأسواق الناشئة، بل بسبب تشديد الظروف المالية على مستوى العالم لأن تعهد ترامب بزيادة الرسوم الجمركية وخفض الضرائب عزز احتمال بقاء أسعار الفائدة الأميركية مرتفعة لفترة أطول.
وأوضح جي.بي مورغان أن هذا “ليس وضعا تتعرض فيه بلدان أسواق ناشئة لضغوط وتواجه ضغوطا في ميزان المدفوعات أو العملة كما كان الحال بين عامي 1998 و2002 وعامي 2013 و2015.”
وكتب المحللون أن القضية لا تتعلق أيضا باقتصاد أميركي ضعيف دفع إلى موجة بيع تحوطية عالمية “بل القضية تتعلق باقتصاد أميركي قوي ومخاطر سياسات تسحب التدفقات من الأسواق الناشئة.”
ويرون أن مسار تطورات الوضع من الآن سيتوقف على ما سيفعله ترامب ومدى قوة البيانات الأميركية الرئيسية في الوظائف والتضخم ومبيعات التجزئة، بما يكفي للتأثير على تحركات أسعار الفائدة في مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي).
وحتى إذا حدث توقف مفاجئ في الأسواق الناشئة، فستتمكن أغلب الاقتصادات من امتصاص الصدمة. وقال جي.بي مورغان إن “الاقتصادات الأكثر عرضة للخطر هي رومانيا وماليزيا وجنوب أفريقيا والمجر.”
ومع ذلك يحتفي تجار العملات في الأسواق الناشئة بتحقيق بعض المكاسب في الأسبوع الأول منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
ويبدو أن غياب التعريفات الجمركية على الواردات الصينية، في الوقت الحالي، كان كافياً لتحفيز مكاسب في عملات الدول النامية، وهو ما وضع مؤشرا مرجعيا على المسار ليحقق ارتفاعا بنسبة 1.1 في المئة هذا الأسبوع، وهو أفضل أداء له منذ نوفمبر 2023.
◙ سياسات "أميركا أولا" التي ينتهجها ترامب تحفز الاقتصاد الأميركي وتسحب الأموال من الدول الأفقر
وقوبلت تصريحات ترامب خلال كلمة له في منتدى دافوس عبر تقنية فيديو كونفرانس، والتي ألمح فيها إلى أنه يفضل عدم فرض رسوم على الصين، بترحيب من جانب المستثمرين، الذين سعوا الجمعة لشراء العملات الآسيوية التي كانت قد تضررت سابقا.
وقال ألفين تان، رئيس إستراتيجية العملات الآسيوية لدى رويال بنك أوف كندا في سنغافورة، لوكالة بلومبيرغ إن “الارتفاع الحالي في العملات الآسيوية جاء نتيجة شعور المستثمرين بالارتياح.”
وأضاف “تشعر السوق بالارتياح لأن أسوأ سيناريو محتمل للرسوم الجمركية الأميركية القصوى، التي وعد بها ترامب في حملته الانتخابية، يبدو أنه يتلاشى.”
وقادت عملات أوروبا الناشئة وأميركا اللاتينية تحقيق المكاسب هذا الأسبوع، حيث ارتفع الزلوتي البولندي والريال البرازيلي بنسبة تقارب 3 في المئة. ومع ذلك لا يزال المستثمرون حذرين حيث تظل حالة عدم اليقين بشأن السياسات الأميركية مرتفعة.
وفي حين انخفض مؤشر جي.بي مورغان الذي يقيس تقلبات العملات في الأسواق الناشئة، إلا أنه يظل عند أعلى مستوياته منذ شهر أغسطس الماضي.
وانتعشت عملات الأسواق الناشئة على مدار الأشهر الأخيرة من عام 2024 بعد أن عانت من أسوأ انخفاض ربع سنوي لها منذ سبتمبر 2022.
وأخذ المتعاملون في الاعتبار توقعات نشوب حرب تجارية واسعة النطاق وسياسة نقدية أكثر تشدداً من جانب الاحتياطي الفيدرالي وسط ضغوط تضخمية في الولايات المتحدة.