إيران ...يأس خامنئي وجمود نظامه في ظل الانتكاسات الاستراتيجية في سوريا
مع تعرض الأنظمة السياسية للانتكاسات الاستراتيجية، غالبًا ما يُطرح أمامها خياران: نقد عقلاني وعلمي لنظامها الحاكم، أو عدم القدرة على النقد والخوف من الانهيار. یسلط اللقاء الأخير للولي الفقیة للنظام علي خامنئي مع المادحين المنتمين للحكومة في 22 ديسمبر 2024 ، الضوء على حالة النظام المتردية بعد تجارب الفشل الاستراتيجي في سوريا.
وخلال هذا اللقاء، كانت لهجة خامنئي ضعيفة بشكل ملحوظ، وكانت كلماته خالية من أي تحليل منطقي، مما يكشف عن محاولة لحماية جمهوره من العاصفة المستمرة داخل إطار النظام. هذا العرض الضعف غير معتاد لقيادة واثقة، وهو دلالة على لجوء الولي الفقیة إلى شخصيات غير سياسية للحصول على الدعم، مما يشير إلى نقص في الاستجابات الاستراتيجية الموضوعية.
اعتماد خامنئي على المداحین الذين يفتقرون للوعي السياسي يعكس أزمة أعمق: هؤلاء الأشخاص محتقرون إلى حد كبير من قبل الجمهور الإيراني، ومع ذلك يحثهم على زرع الأمل في المجتمع وتنفيذ العمليات الإعلامية نيابةً عن النظام.
ويسلط هذا التحرك الضوء ليس فقط على وضعه الميؤوس منه ولكن أيضًا على تفضيل التفاعل مع عناصر في ميليشيا الباسيج المعروفة بولائها بدلاً من الفطنة السياسية. كما يبرز خطابه في الاجتماع، الذي يستهدف المزعزعين المزعومين الذين يتأثرون بدعم أمريكي، سردًا يسعى إلى “أمركة” الاعتراض لتجريده من شرعيته المحلية الحقيقية.
وعلاوة على ذلك، فإن تصويره للوضع كـ “انتفاضة” مُشوهة على أنها مجرد اضطرابات منظمة من قبل أعداء أجانب، يعتبر دليلاً على الفوضى الداخلية والخوف داخل الحكومة. تصريحه “أي شخص يحاول تقدم خطط أمريكا سيتم دهسه تحت أقدام الشعب الإيراني” يحاول إظهار القوة حيث توجد زعزعة واضحة.
كذلك، يعكس تحذير وسيلة إعلام الحکومیة، بنبرة استشارية، عن التشابهات بين نظام بشار الأسد ونهج خامنئي، مع التركيز على “التطهير” و”تركيز السلطة” وبيئة سياسية تتميز بالجمود والإغلاق بدلاً من الانفتاح. هذه المقارنة تعمل كتحذير، مقترحة مصيرًا مشابهًا للأسد قد يلحق بخامنئي إذا استمر في مساره الحالي.
المقال الافتتاحي المؤرخ 22 ديسمبر 2024، من صحيفة أرمان ملي، يذكّر خامنئي صراحةً بأن مستقبل إيران يعتمد على كيفية تجاوز هذه اللحظة الحرجة. وتؤكد النشرة على ضرورة التخلص من الأوهام ومواجهة الواقع القاسي المُشكَّل بالتحديات الداخلية والخارجية بعد الثورة عام 1979. يحذر المقال من مخاطر العودة إلى الخيالات، مقترحًا أن الفشل في التكيف قد يؤدي إلى زوال النظام.
يكشف هذا نهج ليس فقط عن لحظة ضعف كبيرة لخامنئي ولكن أيضًا عن الآثار الأوسع للمشهد السياسي الإيراني. ويبرز خيارًا حاسمًا يواجه النظام: مواصلة المسار الحالي من الإنكار والقمع، أو الاعتراف والتكيف مع المطالب المتطورة لشعبه والمجتمع الدولي.