الاستعداد المصري المبكر للموسم الدرامي في رمضان لا يضمن تحسين المحتوى
بدأت تتضح بشكل كبير ملامح خارطة المسلسلات المصرية التي سوف تعرض خلال موسم رمضان المقبل، مع الإعلان عن بدء الإعداد لتصوير 25 عملا دراميا قبل ستة أشهر من عرضها، ما يؤشر على اتجاه شركات الإنتاج لإعداد الأعمال مبكرا، في محاولة لتحسين جودة الأعمال والاستجابة لتطورات الدعاية والتسويق لتشويق جمهور ينتظر عرضها، مع اتساع رقعة المنافسة على المستويين المحلي والعربي.
وتواجه المسلسلات المعروضة في موسم رمضان انتقادات بسبب عدم الاستعداد الجيد، ويتم الاستمرار في كتابة حلقاتها وتصويرها أثناء عرضها، ما يؤثر سلبا على جودتها. ووجدت شركات الإنتاج أن الأعمال التي جرى التحضير لها مبكرا العام الماضي، وفي مقدمتها مسلسلا “أشغال شقة” و”جودر”، حققت جذبا جماهيريا، ما يشجع على تكرار الأمر هذا العام مع وجود متغيرات طرأت على عملية تسويق المسلسلات.
وارتبطت الأعمال الدرامية بمدى قدرة صناعها على تسويقها للعرض على الفضائيات المصرية والعربية، وكانت تتعاقد في البداية مع البطل لتبدأ عملية بيع المسلسل ثم التحضير له، الأمر الذي شهد تغيرات طفيفة خلال الفترة الأخيرة، وأضحت هناك أسماء معروفة تشارك في دراما رمضان كل عام ومن السهل التسويق لها، ولم يعد صناع المسلسلات يخشون عدم شراء العمل في ظل تعدد المنصات الرقمية التي تظل بحاجة إلى أعمال درامية بشكل مستمر لمواكبة انجذاب الجمهور إلى شاشات التلفزيون.
ولدى الكثير من القائمين على صناعة الدراما في مصر قناعة بأن الأعمال التي يقدمونها سوف تجد سبيلها للعرض التلفزيوني والرقمي، خاصة أن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التي تخرج من تحت عباءتها غالبية المسلسلات المعروضة عبر إنتاجها المباشر أو الإنتاج الخاص الذي يتعاون معها، لديها رغبة في أن تحقق هذه الأعمال نجاحا، حيث قاد امتلاكها لغالبية الفضائيات إلى تسهيل مهمة تسويق المسلسلات.
وبدأت بعض المسلسلات تصوير المشاهد الأولى منها، تحديدا أعمال الأجزاء المتعددة والتي يتم استكمال قصصها المعروضة من قبل، من بينها مسلسل “كامل العدد” بطولة دينا الشربيني وشريف سلامة، ومن المقرر عرض الجزء الثالث له الموسم المقبل بعد أن حقق نجاحا مهمًا في أجزائه الأولى.
وبدأ المخرج محمد سامي في تصوير مشاهد مسلسله “إش إش” بطولة مي عمر، ويدور حول قصة حياة راقصة تسعى للعيش في ظل ظروف صعبة، ومع مرور الوقت تجد نفسها في مواجهة مع أحد كبار المنطقة الذي يلعب دوره الفنان ماجد المصري، وهو رجل نافذ يرغب في التقرب منها، لكنه يجد نفسه محاصرًا في دوامة من المكائد والمصائب التي تدبرها له.
ويبدأ الفنان أحمد العوضي بنهاية أكتوبر الجاري تصوير مسلسل “فهد البطل” الذي تجري أحداثه في إطار صعيدي شعبي، وتشارك في بطولته ميرنا نورالدين ونسرين أمين وعصام السقا وصفوة وأحمد عبدالعزيز وصفاء الطوخي وعزت الزين، وهو من تأليف محمود حمدان وإخراج محمد عبدالسلام.
ويبدأ الفنان مصطفى شعبان تصوير مسلسل “حكيم باشا” بنهاية هذا الشهر، وتدور أحداثه حول تاجر آثار يقع في العديد من المشكلات مع منافسين له، وهو ينتمي إلى نوعية الأعمال الصعيدية، وتشاركه البطولة سلوى عثمان وسلوى خطاب ومنذر ريحانة ورياض الخولي وسهر الصايغ ودينا فؤاد ومحمد نجاتي والسورية يارا قاسم، وهو من تأليف محمد الشواف وإخراج أحمد خالد أمين.
وكان من المقرر أن يبدأ مسلسل “العتاولة” في جزئه الثاني تصوير أول مشاهده بتلك الأيام في العاصمة اللبنانية بيروت غير أن تطورات الأحداث الأمنية أرجأت سفر أبطاله، وهو من بطولة أحمد السقا وطارق لطفي، ويشارك في الجزء الثاني العديد من النجوم الجدد أبرزهم الفنانة فيفي عبده، وهو من تأليف مصطفى جمال هاشم وإخراج أحمد خالد موسى، ومن المتوقع بدء تصوير مشاهد المسلسل في محافظة الإسكندرية خلال الأيام المقبلة.
وقال الناقد الفني محمد رفعت إن “الاستعدادات المبكرة لدراما رمضان تعبر عن تطور إيجابي بدلا من انتظار اللحظات الأخيرة قبل بدء عرض المسلسلات، لكن ذلك لا يضمن تطوير المحتوى المعروض لأن خارطة رمضان شبه ثابتة ومعروفة والفنانون الذين يتصدرون موسم رمضان لا يتم تغييرهم تقريبا باستثناء تدخلات بسيطة، ويتم تجهيز المسلسلات بما يتماشى مع صورتهم ورغبتهم في الظهور أمام الجمهور”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “البطولة النسائية تأخذ نصيبًا أكبر من الأعمال خلال السنوات الماضية، وهو أمر يستمر في الموسم المقبل أيضا، إلى جانب مشاركة عدد من الفنانين في أجزاء ثانية وثالثة لمسلسلات قدموها من قبل، ومعروف أن الفنانة مي عمر سوف تشارك في مسلسل من إخراج زوجها، كذلك روجينا ونيللي كريم ومنى زكي يقدّمن أعمالا تدعم المرأة وتخوض في تفاصيل المجتمع.
وأشار إلى أن خارطة المسلسلات لم تشهد تغييرا كبيرا في الأسماء والموضوعات خلال السنوات العشر الماضية باستثناء بعض التعديلات التي تظهر مثلا بالموسم المقبل في خلع الفنان أحمد مكي رداء الكوميديا عبر مسلسل “الكبير أوي” والاتجاه نحو تقديم عمل اجتماعي يحمل اسم “عين شمس”، وأن كتاب السيناريو يعرفون نوعية الموضوعات التي يحتاجها الفنانون وهناك انحسار شبه كامل في أعمال الدراما الصعيدية والقضايا الاجتماعية وبعض الأعمال الكوميدية، وهي دائرة محدودة للغاية لا تعكس التنوع المطلوب نسبة إلى العدد الكبير من المسلسلات المعروضة.
وستستأنف أسرة مسلسل “جودر” في الأيام المقبلة تصوير الجزء الثاني للعمل، وهو من بطولة ياسر جلال ونور اللبنانية وياسمين رئيس وإخراج إسلام خيري، وكان من المفترض بدء التصوير مبكراً في الشهر الماضي غير أن التدخل لعمل صيانة ببعض ديكورات التصوير في مدينة الإنتاج الإعلامي بمحافظة الجيزة تسبب في توقف التصوير، ويتبقى فقط ما يقرب من 16 يوما على الانتهاء من تصوير العمل بالكامل.
وسيبدأ أبطال مسلسل “أشغال شقة” تصوير الجزء الثاني من المسلسل بنهاية الشهر الجاري، على أن يتكون من 15 حلقة، ويشارك في بطولته هشام ماجد وأسماء جلال وشيرين وسلوى محمد علي ومصطفى غريب ومحمد عبدالعظيم وانتصار وإنعام سالوسة، وهو من تأليف خالد دياب وشيرين دياب، وإخراج خالد دياب.
ويرى الناقد الفني محمد رفعت في حديثه لـ”العرب” أن وجود عدد كبير من المسلسلات التي جرى الإعلان عن خوضها سباق موسم رمضان مؤشر إيجابي كي تبقى أمام الجمهور مائدة عامرة بالأعمال وبعضها يكون جيداً على مستوى المحتوى وتحقق المتعة المطلوبة للمشاهدين، إلا أن هناك عوامل سلبية في الوقت ذاته لأن الاستمرار في فكرة تفصيل العمل على حساب النجم يقود إلى تحجيم الأفكار المقدمة، إلى درجة تكرار الموضوعات في أعمال مختلفة، وأضحت لدى الجمهور فكرة عامة عن المسلسل بمجرد أن يعرف هوية البطل، عكس المسلسلات التي تقدمها المنصات الرقمية ويكون الموضوع فيها نجم العمل.
وأكد الناقد الفني أحمد سعدالدين أن شركات الإنتاج تهدف للعودة إلى الأصل بشأن الإعداد لدراما رمضان، وأن المسلسلات كان يتم الانتهاء من تصويرها قبل بدء الموسم بشهرين أو أكثر لضمان جودة العمل والتأكد من تسويقه بشكل جيد، وأن تطور هذه الصناعة أمر ممكن في ظل صعوبة المنافسة والرغبة في تقديم أعمال جيدة.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن تسويق الأعمال على المنصات الرقمية له قواعد مختلفة عن التلفزيون وأن ذلك يتطلب الانتهاء مبكرا من الأعمال كي يتمكن القائمون عليها من عرضها على أكثر من منصة في توقيت واحد، وأن اتجاه بعض المنصات لتقديم أسعار مخفضة للأعمال التي لم يتم الانتهاء منها مقارنة بالجاهزة يجبر شركات الإنتاج على تغيير خططها.