عراقيل متعددة تعيق الوساطة التركية بين الصومال وإثيوبيا

وكالة أنباء حضرموت

تجدد تركيا محاولاتها للتهدئة بين الصومال وإثيوبيا ومنع التصعيد الذي بدا أن الطرفين يدفعان نحوه عبر تصريحات شديدة اللهجة من قبَل كبار مسؤولي البلدين، خاصة بعد دخول أطراف إقليمية على خط الأزمة، ما يجعل الأولوية بالنسبة إلى تركيا منع الاشتباك المباشر، ولاحقا دراسة فرص التفاوض بشأن نقاط الخلاف بين أديس أبابا ومقديشو.

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الخميس إن أنقرة تستهدف إجراء محادثات منفصلة مع كل من الصومال وإثيوبيا في إطار جهودها الرامية إلى اجتراح حل للخلاف بين الجانبين بشأن اتفاق وافقت إثيوبيا بموجبه على استئجار شريط ساحلي من إقليم أرض الصومال.

وتزامنت وساطة تركيا مع تحرك مصر لفرض نفسها طرفا في الصراع، وتكمن المفارقة في أن المصريين يعتقدون أن الوجود التركي في الصومال سيكون مساعدا لخطتهم في مناكفة إثيوبيا، وأن أنقرة يمكن أن تقف في صفهم ضد أديس أبابا، وهو أمر يصعّب مهمة تركيا في الوساطة.

رغم الاتفاقية الدفاعية المبرمة مع مقديشو واتفاقية التنقيب عن النفط، فإن تركيا لا تريد تصعيدا ضد إثيوبيا

وتعترض الوساطة التركية تحديات، من بينها أن أنقرة حليف للصومال، وأن إثيوبيا ستنظر إلى مبادرتها نظرة شك، خاصة أن أي مبادرة تحتاج إلى أفكار وتفاصيل، في وقت يتمسك فيه كل طرف برؤيته ويرفض التنازل عنها.

ورغم شراكتها مع الصومال، والاتفاقية الدفاعية المبرمة مع مقديشو واتفاقية التنقيب عن النفط والغاز، فإن تركيا لا تريد أي تصعيد ضد إثيوبيا، لاعتبارات؛ منها أن الحرب قد تعرّض مكاسبها للخطر، واستعداء أديس أبابا يمكن أن يؤثر سلبا على مصالح أنقرة ونفوذها الناشئ في القرن الأفريقي.

وتراعي أنقرة كذلك معطى مهمّا، وهو أن إثيوبيا لديها تحالفات إقليمية، بعضها يلتقي مع تحالفات تركية في المنطقة، ومن الصعب على تركيا الدخول في استعداء مجاني قد يؤثر على علاقاتها. كما أن إيجاد إثيوبيا منفذا على البحر الأحمر هو حاجة إقليمية ودولية، ومن الصعب مطالبتها بالتراجع عنه أو الضغط عليها من أيّ جهة كانت.

وتحتاج تركيا إلى أن تتحرك لنزع فتيل التصعيد الأخير، والمتمثل في دخول مصر على خط الأزمة ضمن سياق مناكفتها لإثيوبيا حول سد النهضة. ولا يُعرف ما الذي بوسع أنقرة أن تقوم به لإقناع المصريين بالتوقف عن المناكفة، خاصة أن دخولهم إلى الصومال سيكون رمزيا بتقديم أسلحة محدودة إلى مقديشو، والمشاركة بعدد محدود من الجنود في قوة السلام الأفريقية.

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قد حذر من أن بلاده سوف “تذلّ” أي دولة تهدد سيادتها، في رسالة مبطنة إلى المصريين تظهر أن إثيوبيا قد قبلت التحدي وفتحت الباب للمنازلة ردا على دخول القاهرة إلى الصومال وتغذية الخلاف حول الاتفاقية بين إثيوبيا وأرض الصومال.

وقال آبي أحمد في احتفال بيوم السيادة الأحد في أديس أبابا “لن نسمح بأي مساس بنا، وسنذلّ كل من يجرؤ على تهديدنا من أجل ردعه”. وأضاف “لن نتفاوض مع أحد بشأن سيادة إثيوبيا وكرامتها”.

وأكد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير صلاح حليمة أن العلاقات التي تسهم في التقارب بين مصر وتركيا توجد توافقا وتنسيقا بين الدولتين بشأن كيفية تسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا، ما يجعل القاهرة تدعم وساطة أنقرة الحالية بين مقديشو وأديس أبابا بما يؤدي إلى تراجع إثيوبيا عن الاتفاق الذي وقعته مع أرض الصومال غير المعترف بها دوليّا.

تعترض الوساطة التركية تحديات، من بينها أن أنقرة حليف للصومال، وأن إثيوبيا ستنظر إلى مبادرتها نظرة شك

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن مصر وتركيا تبادلتا التنسيق المشترك بشأن آليات التدخل التركي في الأزمة الراهنة، وأن هناك تقاربا وانسجاما كبيرين في الآراء بين الطرفين، ما من شأنه أن يساعد على بدء جولة ثالثة من المفاوضات غير المباشرة بعد أن أخفقت الجولتان السابقتان في تحقيق تقدم ملموس.

وشجع الدخول المصري المباشر في الأزمة -رغم أنه رمزي ومحدود- الصومال على التصعيد في الخطاب، وعدم الاهتمام بجدوى الوساطات، وهو ما سيزيد من مصاعب أنقرة.

وقال وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، في وقت سابق، إن بلاده لن تتورط في مسار تفاوضي عقيم مع إثيوبيا، وإنه إذا لم يتحقق اختراق في الجولة القادمة من المحادثات سيتخذ الصومال قرار عدم إضاعة المزيد من الوقت، مشيرا إلى أن أديس أبابا ترفض التحكيم وفق قانون البحار التابع للأمم المتحدة، وتطالب بوجود مستدام ومستمر في المياه الصومالية.

واستضافت تركيا حتى الآن جولتين من الاجتماعات بين الدولتين المتجاورتين، في محاولة لإصلاح العلاقات بينهما. وألغيت جولة ثالثة من المحادثات كان من المقرر عقدها في أنقرة الثلاثاء الماضي.

وتدهورت العلاقات بين إثيوبيا والصومال في يناير الماضي عندما وافقت أديس أبابا على استئجار 20 كيلومترا من شريط ساحلي في أرض الصومال مقابل الاعتراف باستقلالها.

ووصفت مقديشو الاتفاق بأنه يخالف القانون وردت بطرد الآلاف من الجنود الإثيوبيين المتمركزين في الصومال للمساعدة على التصدي للإسلاميين المتشددين.