عناصر من ميليشيا الحوثي
صحيفة بريطانية: المواقف المتضاربة لواشنطن تعزز شوكة المتمردين اليمنيين
بدأ المبعوث الأميركي الخاص لليمن تيم ليندركينغ الأربعاء جولة تشمل منطقة الخليج وبريطانيا “لتنشيط جهود السلام” بعد التصعيد الخطير الذي فجره المتمردون الحوثيون باستهداف منشآت مدنية في الإمارات، ما أسفر عن سقوط ثلاثة قتلى.
وأثار هجوم المتمردين الموالين لإيران تنديدا دوليا واسعا، واعتبره مراقبون تحولا جديدا في الصراع اليمني المستمر منذ قرابة الثماني سنوات، وضربا لأي فرص تهدئة كان يمكن أن تتحقق بين دول الخليج وإيران.
وذكرت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أن ليندركينغ سيسعى من خلال جولته “للضغط على الأطراف من أجل وقف التصعيد العسكري، واستغلال العام الجديد للمشاركة على نحو كامل في عملية سلام شاملة تقودها الأمم المتحدة”.
ووفق بيان الخارجية الأميركية سيركز المبعوث أيضا على “الحاجة الملحة لمعالجة الأزمات الإنسانية والاقتصادية العصيبة التي يواجهها اليمنيون”.
ويرى مراقبون أن الأجندة التي أعلنت عنها الخارجية الأميركية لجولة مبعوثها الخاص لا تبدو على قدر تطلعات الإمارات والسعودية اللتين تنتظران من الولايات المتحدة خطوات فعلية وحازمة لكبح الحوثيين وحليفتهم طهران، وليس “رسائل سلام باهتة” تدرك واشنطن نفسها أنها لن تتحقق في غياب ضغط حقيقي على الطرفين.
وسبق وأن كشفت وسائل إعلام أميركية عن تحرك إماراتي للضغط على واشنطن من أجل إعادة إدراج المتمردين اليمنيين ضمن قائمة الحكومة الأميركية للتنظيمات الإرهابية. ومن المرجح أن تطرح أبوظبي هذا الطلب خلال زيارة المبعوث الأميركي المرتقبة، لكن لا يُعرف ما إذا كانت الولايات المتحدة ستستجيب لمطلب الإمارات أم ستكتفي بإدانات غامضة ودعوات “فضفاضة” لاستئناف عملية السلام المتعثرة.
ويشير المراقبون إلى أن إرسال واشنطن لمبعوثها إلى اليمن لا يعدو كونه محاولة من جانبها لتخفيف الحرج المسلط عليها، في ظل انتقادات متصاعدة لطريقة التعاطي الأميركي مع هذا الملف، الأمر الذي استغله المتمردون للتمادي، سواء باستهداف الإمارات وقبلها السعودية، وأيضا بتهديدهم حركة الملاحة الدولية وهو ما تجلى في اختطافهم قبل نحو أسبوعين لسفينة روابي قبالة ميناء الحديدة.
وكانت الولايات المتحدة نددت بهجوم الحوثيين على الإمارات، وتوعدت بـ”محاسبة” المتمردين، وقالت على لسان مستشار الأمن القومي جيك ساليفان في وقت سابق “سنعمل مع الإمارات وشركائنا الدوليين على محاسبتهم”.
ولا يُعرف كيف ستتولى إدارة الرئيس جو بايدن محاسبة الحوثيين، وهي تتحدث اليوم عن إرسال مبعوثها للمنطقة لممارسة ضغوط على جميع الأطراف لوقف التصعيد العسكري، حيث ساوت هنا بين المعتدي والمعتدى عليه.
ويعتقد متابعون أن المبعوث الأميركي سيلقى كلاما حازما من المسؤولين الخليجيين، ومن المرجح أن يطالب هؤلاء واشنطن بلعب دور أكبر لجهة الضغط على الحوثيين وخصوصا على داعمتهم طهران، حيث لا يمكن أن يكون تحركهم الأخير ضد الإمارات تم دون الحصول على ضوء أخضر منها.
ويلفت المتابعون إلى أن على واشنطن إذا أرادت فعلا تحقيق تسوية في اليمن تغيير سياساتها التي ثبت عقمها خلال الأشهر الماضية، وأيضا التعاطي مع التهديدات الإيرانية المختلفة ضمن حزمة واحدة وليس بشكل منفصل كما يجري مع المفاوضات الدائرة حول نووي إيران.
وتقول مصادر إقليمية إنه في حين أن الهجوم لا يشكل تهديدا محددا للأولوية الدبلوماسية الأولى للولايات المتحدة، وهي جهود إحياء اتفاق 2015 النووي مع إيران، فقد عمق شكوك دول الخليج العربية تجاه استعداد طهران لنزع فتيل التوتر الإقليمي.
وأصدرت إيران بيانا صيغ بعناية. وقالت وزارة خارجيتها الثلاثاء في معرض تعليقها على “أحدث التطورات المتعلقة باليمن” إن الهجمات العسكرية ليست حلا للأزمة في المنطقة.
وقال مسؤول إيراني كبير تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته “الهجمات لن تؤثر على المحادثات النووية في فيينا. هاتان قضيتان منفصلتان… ما حدث في الإمارات كان نتيجة للأزمة الدائرة في اليمن”.
وأوضح محللون ومصدر خليجي أن الهجوم يعزز حجة السعوديين والإماراتيين بأن النهج الأميركي تجاه اليمن لم يتمخض سوى عن تقوية شوكة الحوثيين.
وهدّد المتمردون مرارا بضرب الإمارات، لكن الهجوم الأخير كان المؤكد الذي يستهدف أراضيها. وتمّ بصواريخ وطائرات مسيرة، وطال صهاريج نفط في منطقة صناعية قرب “أدنوك”، شركة أبوظبي النفطية، وتسبب بمقتل ثلاثة أشخاص وبحريق قرب المطار، وفق السلطات الإماراتية.
وجاء هجوم الحوثيين على دولة الإمارات ردا على الانتكاسات الميدانية التي تعرضوا لها بعد خسارتهم موطئ قدم في محافظة شبوة على يد قوات ألوية العمالقة الجنوبية، وتصاعد العمليات الجوية للتحالف العربي بقيادة السعودية في صنعاء ومأرب.
ويرى كبير المحللين اليمنيين في شركة الأبحاث “نافانتي غروب” الأميركية محمّد الباشا أنه “على الرغم من أن أبوظبي قامت بسحب معداتها العسكرية من اليمن، إلا أن أنصار الله (الحوثيين) يربطون العمليات العسكرية لألوية العمالقة في شبوة بالإمارات التي لعبت دورا رئيسيا في تشكيل وتدريب وتسليح هذه القوات”.
ويستهدف الهجوم على ما يبدو الإضرار بسمعة الإمارات، لكن الباحثة المتخصصة في شؤون الخليج إيمان الحسين تستبعد أن يتمكن المتمردون من ذلك قائلة إن الدولة الخليجية “بنت علامة قوية وصورة بإمكانها تحمّل الهجمات الأخيرة”. وقالت الإمارات الثلاثاء إنها تحتفظ بحق الرد على هجوم الحوثيين، ودعت إلى اجتماع لمجلس الأمن الدولي للتنديد بالحادث.