إعداد البنية التحتية..
المنطقة الاقتصادية التي ترعاها إيران قيد الإنشاء في مدينة الحديدة اليمنية (ترجمة)
يعود مشروع إيران لإنشاء منطقة اقتصادية حرة على البحر الأحمر إلى يوليو/تموز 2022، بحسب ما توصل إليه مؤلف التحقيق خلال بحثه في مصادر باللغة الفارسية.
بدأ الإيرانيون التخطيط لجني ثمار الحرب في اليمن من حيث الفوائد الاقتصادية والعسكرية. ومن هذه الثمار إنشاء منطقة اقتصادية حرة على ساحل البحر الأحمر في منطقة رأس عيسى بالحديدة .
وتعتبر الرؤية الإيرانية التي تسعى جماعة الحوثي إلى تنفيذها، أن إنشاء منطقة اقتصادية حرة على ساحل البحر الأحمر في منطقة رأس عيسى سيساعد على ترسيخ حضور قوي في أهم ممر مائي للتجارة الدولية وستعمل على تطوير التبادلات التجارية مع إيران. إيران وتحقيق سهولة الوصول إلى النفط والبضائع الإيرانية بغرض إعادة تصديرها إلى أوروبا والدول الإفريقية.
إعداد المخطط
ويسعى النظام الإيراني إلى استكمال مرافق المنطقة الاقتصادية على ساحل البحر الأحمر خلال عامين. وبحسب مصادر تجارية فإن خبراء وممثلي الشركات الإيرانية يتواجدون في مدينة الحديدة ومنطقة رأس عيسى منذ يونيو/حزيران 2023.
يعود مشروع إيران لإنشاء منطقة اقتصادية حرة على البحر الأحمر إلى يوليو/تموز 2022، بحسب ما توصل إليه مؤلف التحقيق خلال بحثه في مصادر باللغة الفارسية.
وتقول مصادر إخبارية إن ممثلين عن جماعة الحوثي ناقشوا مع مسؤولين إيرانيين خطوات إنشاء المنطقة الاقتصادية خلال زيارة لطهران في يوليو/تموز من العام الماضي. وقالت وسائل إعلام إيرانية رسمية إن هذا المشروع يهدف إلى التخفيف من تداعيات العقوبات الغربية وتحقيق أهداف اقتصادية بالإضافة إلى تعزيز الوجود الإيراني على الممرات الملاحية الدولية.
وتجنبت وسائل إعلام الحوثيين نشر أخبار عن المباحثات مع إيران بشأن إنشاء المنطقة الاقتصادية، لكن وسائل إعلام إيرانية نشرت تفاصيل المباحثات مع تصريحات مسؤولين من جماعة الحوثي زاروا طهران لنفس الغرض.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن رئيس اللجنة الاقتصادية ومحافظ البنك المركزي الذي يديره الحوثيون ، هاشم المؤيد، يساعد في إنشاء منطقة تجارية وصناعية حرة على ساحل البحر الأحمر في رأس عيسى قريباً. وقال: "من خلال إنشاء هذه المنطقة بالتعاون مع إيران، يمكن تصدير البضائع الإيرانية إلى اليمن، ويمكن إعادة تصديرها إلى أوروبا وأفريقيا".
وبحسب وكالة أنباء سلامات (تبنا) ومقرها زنجان بإيران، أكد رئيس اللجنة الاقتصادية للحوثيين المؤيد ، أن الهدف الأول من الزيارة هو تعزيز التبادل التجاري والمصرفي بين إيران وصنعاء. وقال: "للأسف لا يوجد قطاع مصرفي بين إيران واليمن لتبادل البضائع والقيام بالتصدير والاستيراد لتسوية الحسابات والتجارة. لذلك سنعمل على إنشاء بنوك تجارية بين البلدين".
ويعتبر المؤيد من المقربين من زعيم حركة الحوثيين عبدالملك الحوثي. تلقى تدريبه في إيران وعين مشرفا على وزارة المالية قبل أن يعين رئيسا للجنة الاقتصادية ومحافظا للبنك المركزي.
إعداد البنية التحتية
وقالت مصادر تجارية لـ”شيبا إنتليجنس” إن شركات إيرانية أنجزت المخططات الهندسية للمنطقة، والتي تشمل إنشاء عدد من الموانئ لاستقبال البضائع وشحنات النفط، وإنشاء مباني ومستودعات للبضائع، واستكمال ستة خزانات لتخزين شحنات النفط الإيراني.
وتقوم مجموعة إخوان محسن التابعة لقيادات الحوثيين والمملوكة للتاجر علي محسن الهادي، بتنفيذ أعمال البنية التحتية وبناء خزانات النفط بمساعدة خبراء إيرانيين وممثلي شركات المقاولات.
عززت جماعة الحوثي نفوذ التاجر علي محسن الهادي بفرضه رئيسا للغرفة التجارية الصناعية بالعاصمة صنعاء، وتعيين أعضاء موالين في مجلس الإدارة بعد الإطاحة بمجلس الإدارة المنتخب. الغرفة التي يرأسها رجل الأعمال حسن الكبوس.
وكشفت مصادر في الغرفة التجارية الصناعية بصنعاء أن فرض الهادي رئيساً يأتي تمهيداً لإنشاء المنطقة الاقتصادية وخزانات النفط في رأس عيسى من أموال شركات القطاع الخاص التي ستضطر إلى دفع ملايين الدولارات لتمويل إنشاء مشروع المنطقة الاقتصادية الحرة.
وبينما تتحدث وسائل الإعلام الإيرانية صراحة عن اهتمام إيران العميق بإنشاء منطقة اقتصادية حرة، فإنها تعتبر المشروع بمثابة رد الجميل للدعم العسكري الذي قدمته إيران للحوثيين.
ومطلع شهر مايو من العام الماضي نشرت شركة النفط الحكومية التابعة للحوثيين إعلان مناقصة لتوريد ألواح وجسور حديدية لخزانات الشركة في منشأة رأس عيسى، وتم تحديد قيمة ضمان المناقصة بـ 50 ألف دولار أمريكي. .
منفذ خاص للغاز
وأعلنت سلطات الحوثيين إضافة رصيف غاز جديد في ميناء رأس عيسى، بحسب وكالة سبأ التي يديرها الحوثيون. وذكرت الوكالة أن الميناء استقبل في 6 يوليو من العام الماضي أول ناقلة تحمل 14825 طنًا متريًا من الغاز المنزلي.
وتظهر إحدى الصور مسؤولاً في مؤسسة البحر الأحمر التابعة لسلطة الحوثيين يتفقد الميناء الجديد بميناء رأس عيسى.
وكان مجلس النواب الموالي للحوثيين أوصى في يناير/كانون الثاني 2023 وزارة النفط في صنعاء بالبدء في إنشاء ميناء رأس عيسى النفطي لاستقبال وتفريغ العديد من السفن الكبيرة التي تصل حمولتها إلى (100) ألف طن أو أكثر وإنشاء المنصات. لتحميل مقطورات بالمشتقات النفطية، والتوسع في إنشاء صهاريج أخرى في منشأة رأس عيسى، بحسب وكالة سبأ التابعة للحوثيين.
وأوصى مجلس النواب شركة الغاز اليمنية باتخاذ الإجراءات اللازمة لنقل منشأتها من ميناء الحديدة إلى ميناء رأس عيسى وإنشاء صهاريج خاصة لتفريغ الغاز المنزلي.
وأشار مجلس النواب إلى ما أنجزته الوزارة والشركة خلال الفترة السابقة، من بينها إنشاء ستة خزانات في ميناء رأس عيسى النفطي، ومشاريع البنية التحتية للغاز، وتجهيز مباني جديدة.
الأهداف العسكرية
يبدو أن مشروع إيران لإقامة منطقة حرة على البحر الأحمر له أهمية اقتصادية، لكن مصادر تجارية رجحت أن للمشروع أهدافا عسكرية وأمنية أخرى خفية. ووصف أحد رجال الأعمال اليمنيين مشروع المنطقة الاقتصادية بأنه "شراكة بين الحوثيين والحرس الثوري الإيراني".
وقال رجل الأعمال الذي تم الإطاحة بغرفته التجارية في صنعاء إن "الإطاحة بمجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة المنتخب وتعيين مجلس إدارة جديد موالي للحوثيين كان في كثير من الأحيان يهدف إلى دعم جماعة طفيلية". القطاع... تمهيداً للدخول في شراكة مع الحرس الثوري لتنفيذ مشروع المنطقة الاقتصادية على البحر الأحمر، وتغطية الأهداف العسكرية".
واستخدمت جماعة الحوثي ميناء رأس عيسى لشن هجمات على السفن التجارية لتعطيل عمليات الشحن لصالح النظام الإيراني في معركة النفوذ على المياه الدولية والطرق البحرية في البحر الأحمر وتحت ذريعة الرد على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وفي 27 يناير/كانون الثاني و8 فبراير/شباط، شنت مقاتلات أمريكية وبريطانية ضربات جوية استهدفت ميناء رأس عيسى، وقالت البحرية الأمريكية إنها استهدفت منصات إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة معدة لاستهداف السفن التجارية في البحر الأحمر.
وتتولى سفينة تجسس إيرانية مسؤولية تزويد الحوثيين بمعلومات استخباراتية وأسلحة لاستهداف السفن في البحر الأحمر، بحسب معلومات نشرها مركز أبعاد للدراسات والبحوث عام 2019. وفي تقرير حديث ، أكد المركز الدور الإيراني في دعم الحوثيين.
وبحسب دراسات أبعاد، ففي أغسطس 2022، حلت السفينة بهشاد محل سفينة التجسس سافيز، وهي سفينة إيرانية كانت تجمع معلومات استخباراتية وتقوم بدوريات في البحر الأحمر لمدة خمس سنوات.
وتعكس تصريحات وزير الدفاع الإيراني الرغبة الإيرانية القوية في امتلاك نفوذ إقليمي من خلال التغلغل في المنطقة العربية من خلال إنشاء مجموعات مسلحة تمكنها من السيطرة على الممرات المائية وتهديد التجارة العالمية وطرق نقل الطاقة.
ومطلع فبراير/شباط الجاري، قال وزير الدفاع الإيراني: "البحر الأحمر منطقتنا، ولنا السيطرة عليه، ولا يستطيع أحد المناورة في هذه المنطقة". وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤولون إيرانيون بهذه الطريقة عن سيطرتهم على البحر الأحمر الذي يبعد عن سواحل إيران نحو 2000 كيلومتر.
المصالح الاقتصادية لإيران
وتعد المنطقة الاقتصادية إحدى الثمار العديدة التي تريد إيران أن تجنيها من حرب اليمن، بحسب تقرير نشرته وكالة أنباء فارس الإيرانية بعنوان "أهمية اليمن في اقتصاد المقاومة الإيرانية".
ويظهر التقرير أن اليمن، الذي يبلغ عدد سكانه 30 مليون نسمة، يعد من أكبر الأسواق في المنطقة. وقبل الحرب بلغ حجم واردات اليمن من العالم عام 2014 نحو 12 مليار دولار، وهو ما يمثل سوقا كبيرة لإيران وفرصة للشركات الإيرانية.
ويقول التقرير: "معظم السلع المستوردة لليمن هي بضائع تصدرها إيران. ونظراً للعلاقات الأخوية بين إيران واليمن، فمن المتوقع أنه حتى لو كان نصف واردات البلاد من إيران، مع الأخذ في الاعتبار نوع البضائع، فإن 300 ألف فرصة عمل ستوفر في البداية سيتم إنشاؤها للإيرانيين".
وحتى بعد الحرب، يمكن أن يكون اليمن سوقا كبيرا جدا للخدمات الهندسية الإيرانية لتنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية، بحسب التقرير، مما يؤكد أن إيران تمتلك قوة هندسية وتستطيع التنافس مع المنافسين العالميين الآخرين.
وأضاف التقرير: "نظراً لقرب اليمن من السوق الأفريقية وانخفاض أجور العمالة في هذا البلد، يمكن خفض تكاليف الإنتاج، ولهذا السبب، يمكن للمصانع الإيرانية أن تفتح فروعاً هناك، ويمكن أن يزدهر الاستثمار والصادرات إلى السوق الأفريقية الكبيرة". وبهذا ستدور عجلة الصناعة الإيرانية، وستبدأ عملية التطوير في اليمن، وستكون إيران قادرة على تعويض عجز ميزانيتها».
وفي عام 2019، نشرت وكالة تسنيم الإيرانية تقريراً مطولاً عن "أهمية اليمن في اقتصاد المقاومة الإيرانية"، قالت فيه إن سوق اليمن الكبيرة والحاجة إلى إعادة بناء هذا البلد يوفران فرصة جيدة للجمهورية الإسلامية الإيرانية تعزيز عملتها من خلال هذا البلد مع الاستثمار الأجنبي.
التأثير في البحر الأحمر والقرن الأفريقي
لقد كان تعزيز النفوذ في البحر الأحمر دائمًا أولوية بالنسبة لنظام طهران. يؤكد باحثون إيرانيون أن البحر الأحمر يعد هدفا مناسبا لتعزيز أنشطة إيران السياسية والعسكرية والاقتصادية.
وقال محمد جواد المنصوري، أستاذ السياسة : "من وجهة نظر إيران، هذه المنطقة هي بوابة النقل والتواصل الحر مع العالم عبر المياه الدولية. ويتيح البحر الأحمر لإيران الوصول إلى المنصات التجارية وغير التجارية في الدول الساحلية للمحيطين الأطلسي والهندي."
وأضاف أن "استراتيجية إيران تنتهج في دول شرق أفريقيا والقرن الأفريقي والدول الساحلية للبحر الأحمر من أجل تحقيق عدة أهداف: تثبيت النفوذ السياسي، وتوسيع المصالح الاقتصادية للتخفيف من تأثير الاقتصاد الدولي". العقوبات وتصدير الثورة وإنشاء الطرق البحرية والبرية”.
وبحسب المنصوري، فإن طهران وضعت في عام 2008 استراتيجية عسكرية من المفترض أن يتم تنفيذها بالكامل بحلول عام 2025، ويعتبر البحر الأحمر إحدى جبهات القتال الرئيسية في هذه الاستراتيجية. وقال المنصوري إن إيران تنقل الأسلحة وترسل المقاتلين عبر طريق البحر الأحمر، وهدفها الآخر هو مواجهة النفوذ العربي وتقليصه في شرق أفريقيا والبحر الأحمر ومحاصرة الدول العربية الواقعة في المنطقة.
كما تؤكد وسائل الإعلام الإيرانية على أهمية البحر الأحمر في الإستراتيجية الإيرانية. وذكر تقرير نشرته وكالة تسنيم الإيرانية أن الوجود الإيراني في هذه المنطقة يوسع نطاق نفوذ إيران ويمكنها من أن تصبح لاعبا مهما لا يمكن تجاهله.
وأضاف التقرير: "من خلال تواجدها في هذه المنطقة، تستطيع إيران التواصل مع الجماعات والدول الحليفة مثل الحوثيين في اليمن أو الجماعات الأخرى في شرق أفريقيا، أو جماعات المقاومة الفلسطينية، فضلا عن تأمين وتوسيع مصالحها الاقتصادية، ونشر أيديولوجية وفكر الثورة الدينية."
وتسعى إيران أيضًا إلى أن يكون لها نفوذ في القرن الأفريقي. ونظراً للخلافات مع الغرب، تعتزم إيران خلق أدوات ضغط مساومة جديدة بشأن القضية النووية، وهي واحدة من أكثر النزاعات إثارة للجدل في المنطقة والعالم.
دور اليمن خلال العقوبات الغربية على إيران
اليمن هي الأولوية الإقليمية لإيران، وقد تسللت إلى اليمن من خلال دعم جماعة الحوثي. ومن الممكن أن تتغير سياستها الإستراتيجية في التعامل مع الدول المطلة على البحر الأحمر حسب الظروف والتطورات.
وتقول تقارير إيرانية إن اليمن لعب دورا كبيرا في تخفيف الضغوط التي تمارسها "القوى الاستكبارية" على طهران. وهذا يعني أن الإيرانيين يدركون الأهمية الاستراتيجية لليمن ويفهمون الدور الإيجابي الذي لعبه اليمن خلال العقوبات الغربية على طهران. لذا فإن القرار الإيراني بإنشاء منطقة اقتصادية حرة في رأس عيسى اليمنية المطلة على البحر الأحمر يعد هدفا استراتيجيا اقتصاديا وعسكريا مهما.