مكانة متضائلة للرئيس
عبدربه منصور هادي في قطر لتخفيف الضغوط عن الإخوان
كشفت مصادر يمنية مطلعة لـ”العرب” عن زيارة مرتقبة سيقوم بها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى العاصمة القطرية الدوحة خلال الأيام القادمة والتي تعد الأولى من نوعها منذ المقاطعة الخليجية، وأن الهدف من ورائها سيكون تخفيف الضغوط عن تيار الإخوان داخل الشرعية بعد التطورات الميدانية في شبوة ومأرب واتهامات موجهة لهذا التيار المدعوم من قطر بالتواطؤ في تعطيل مواجهة الحوثيين.
وتأتي الزيارة بعد تعيين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا سفيرا لها في الدوحة من المحسوبين على التيار القطري في جماعة الإخوان المسلمين، وهو التعيين الذي تلته زيارة قام بها نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر إلى الدوحة.
وأشارت مصادر “العرب” إلى أن الزيارة المرتقبة للرئيس اليمني إلى قطر والتي تأتي في ظاهرها كانعكاس لأجواء المصالحة الخليجية ونتائج قمة “العلا”، تندرج في إطار سياسة يدفع باتجاهها تيار قطر في حزب الإصلاح للتقارب مع الدوحة خلال الفترة القادمة كجزء من استراتيجية لتخفيف الضغط الذي يمارسه التحالف العربي بقيادة السعودية لاستكمال تنفيذ اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وهو الاتفاق الذي أعاد إلى الواجهة مجددا الاتهامات المتبادلة بين الطرفين حول مسؤولية تعثر الاتفاق والطرف الذي يعمل على عرقلته.
ويرى مراقبون أن مسارعة الحكومة اليمنية الشرعية بكل مستوياتها إلى التطبيع مع قطر منذ قمة “العلا” تشير إلى أن التيار الإخواني يسعى لتعويض فترة الانقطاع المباشر مع الدوحة والذي تم تحت ضغوط المقاطعة الخليجية في الوقت الذي لم تنعكس نتائج المصالحة بين دول المقاطعة وقطر على موقف الدوحة من الملف اليمني، في ظل تقارير عن استمرار الدعم المالي والإعلامي واللوجستي القطري للحوثيين، ودور الدوحة في تأزيم العلاقات بين الأطراف المناوئة للانقلاب الحوثي.
وكان الفريق الحكومي لمتابعة تنفيذ “اتفاق الرياض” قد أصدر بيانا الأربعاء استهجن فيه التصريحات التي أدلى بها رئيس وحدة شؤون المفاوضات وعضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، ناصر الخبجي الذي وجه اتهامات لعلي محسن الأحمر بالوقوف خلف تعثر الاتفاق الموقّع بين الجانبين في نوفمبر من العام 2019 برعاية الحكومة السعودية.
وجاء البيان الحكومي اليمني بعد مطالبة القيادي في المجلس الانتقالي بتنحّي نائب الرئيس اليمني عن السلطة وتأكيده على اعتراف المجلس بشرعية الرئيس اليمني، وهي التصريحات التي اعتبرها البيان الصادر عن فريق تنفيذ اتفاق الرياض في الشرعية اليمنية “عبارة عن مزاعم وأقاويل تفتقد للمصداقية وتتجاوز الواقع”.
واعتبر البيان الذي نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية أن “صدور التهم الجزافية وإطلاق مثل هذه التصريحات اللامسؤولة وفي هذا الوقت الذي تتّحد فيه جهود اليمنيين جميعاً لإحراز الانتصارات في شبوة ومأرب وغيرها، بمثابة معوقات رئيسية تهدف إلى إجهاض دور الأشقاء ووحدة اليمنيين، وتسعى لتعميق الفجوة البينية التي لا تخدم سوى المشروع الإيراني التخريبي ومطامعه في زعزعة الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة”.
ويأتي التوتر الجديد داخل معسكر المناهضين للحوثي في الشرعية، في ظل ما تبدو كأنها أجواء إيجابية فرضتها الانتصارات التي حققتها قوات العمالقة الجنوبية في محافظتي شبوة ومأرب، وبعد إطلاق التحالف العربي في مدينة عتق مركز محافظة شبوة عملية تحت عنوان “حرية اليمن السعيد”.
غير أن مصادر سياسية يمنية كشفت لـ”العرب” عن إخفاء التقارب الظاهري بين المكونات اليمنية على الصعيد الإعلامي والسياسي خلال الأيام الماضية على وقع انتصارات شبوة ومأرب، لحالة من التوتر وخصوصا في محافظة حضرموت التي تشهد حالة استنفار شعبي وعسكري غير مسبوقة تنذر بمواجهة قادمة بين حزب الإصلاح والمجلس الانتقالي.
وقالت المصادر إن محاولات نقل القوات العسكرية التابعة للمنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت، والتي تتكون من حوالي سبعة ألوية مجهزة بالعتاد، إلى خطوط التماس مع الحوثيين في مأرب والبيضاء استكمالا لتنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض قد وصلت إلى طريق مسدود بعد رفض نائب الرئيس اليمني وحزب الإصلاح لهذا القرار.
وكان الناطق باسم التحالف العربي لدعم الشرعية العميد تركي المالكي قد نفى في تصريح صحافي من محافظة شبوة عقب الإعلان عن إطلاق عملية “حرية اليمن السعيد” وجود أيّ سلطة لقيادة القوات المشتركة في التحالف العربي على الوحدات العسكرية التابعة للمنطقة العسكرية الأولى في حضرموت والتي قال إنها تخضع لسلطة وزارة الدفاع اليمنية فقط فيما اعتبره مراقبون مؤشرا على فشل التحالف في إقناع قيادات الشرعية بنقل تلك القوات إلى خطوط المواجهة مع الحوثيين لما سيكون لها من دور حاسم في تغيير موازين القوة العسكرية واستعادة محافظتي البيضاء والجوف.
ومثّل انتقال قوات العمالقة الجنوبية من الساحل الغربي لليمن إلى محافظة شبوة وقيامها بتنفيذ عملية عسكرية خاطفة تكللت بتحرير مديريات شبوة الثلاث (عسيلان، بيحان، عين) وصولا إلى مديرية حريب بمحافظة مأرب، بارقة أمل وانفراجة في مسار التحولات في المشهد اليمني خلال العام 2022، غير أن العودة اللافتة لعناصر التوتر بين الشرعية والمجلس الانتقالي مؤشر على عمق النفوذ للتيار القطري داخل مؤسسات الشرعية والذي يعمل على تأزيم العلاقة مع مختلف المكونات اليمنية المعادية للمشروع الحوثي، وعرقلة استكمال تنفيذ اتفاق الرياض.
ووفقا لمصادر مطلعة يعمل هذا التيار على إظهار الشق السياسي والعسكري من اتفاق الرياض، وخصوصا ما يتعلق بتعيين محافظين جدد بالتوافق مع الانتقالي ونقل الوحدات العسكرية من المحافظات الجنوبية إلى خطوط المواجهة مع الحوثيين في الشمال، بأنه تمكين للمجلس الانتقالي وإنهاء لحضور الشرعية في المحافظات الجنوبية المحررة، في الوقت الذي يؤكد الخطاب السياسي والإعلامي للمجلس الانتقالي أن مثل هذه الخطوات ستسهم في إنهاء الصراع داخل المناطق المحررة وتنقل هذا الصراع إلى مساره الصحيح في مواجهة الحوثيين وعدم تبديد الإمكانات في خوض معارك نفوذ في محافظات يعتبرها المجلس امتدادا لاستحقاقاته السياسية والشعبية.