الحرب على غزة..
رحلة الأم المؤلمة خلال الولادة تحت القصف الإسرائيلي (ترجمة خاصة)
هبة الحامل في شهرها التاسع عندما اندلعت الحرب، فرت منذ ذلك الحين من منزلها، وأنجبت تحت القصف، وانفصلت عن زوجها.
هبة لباد، وهي أم لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 27 عاما، تصف لمراسلة ميدل إيست آي أسيل موسى التجربة المرعبة لكونها امرأة حامل تضطر إلى مغادرة منزلها، والولادة وسط أصوات القصف الإسرائيلي المشلولة، وفصلها عن زوجها بعد اعتقاله من قبل الجيش الإسرائيلي.
عندما بدأ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كنت حاملا في الشهر التاسع، أعاني من آلام الحمل والتعب والإرهاق.
لم يؤد القصف المتواصل إلا إلى زيادة محنتي، مما زاد من الخوف والتوتر إلى حملي الصعب بالفعل. استهلك قلقي في أفكاري على رفاهية طفلي الصغيرين، لين، خمسة أعوام، وحسن، ثلاثة أعوام، وكذلك على الطفل الذي لم يولد بعد في رحمي.
في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أجبرت أنا وزوجي وأطفالنا على الفرار من منزلنا في حي النصر في شمال غزة، بحثا عن ملجأ في بيت لاهيا. كان صوت الانفجارات من القصف الإسرائيلي لا هوادة فيه. بالإضافة إلى التهديد المستمر بالموت، واجهنا أيضا نقصا حادا في الغذاء والمياه الصالحة للشرب وغاز الطهي، مما أدى إلى تفاقم التحديات التي كنا نتحملها بالفعل.
الجانب الذي أرعبني أكثر هو اهتمامي بأطفالي. إن رؤيتهم يبكون ويصرخون من الرعب على صوت كل ضربة إسرائيلية كان أمرا لا يطاق. كنت أشعر أيضا بالقلق الشديد بشأن ولادتي الوشيكة، أكثر فأكثر مع اقتراب موعد الولادة، 15 أكتوبر.
لكن مخاضي تأخر، واضطررت إلى القيام برحلتين إلى مستشفى الشفاء، مرة خلال الأسبوع الثالث من أكتوبر/تشرين الأول ومرة أخرى خلال الأسبوع الرابع.
كان النقل تحديا خطيرا. اضطررت أنا وزوجي إلى السفر سيرا على الأقدام في الرحلة إلى المستشفى لأن وسائل النقل لم تكن متوفرة منذ أن فرضت إسرائيل حصارا على غزة وقطعت الوقود في الأيام الأولى للحرب.
كانت الظروف في مستشفى الشفاء مؤلمة ومخيفة.
كل زيارة تركتني قلقا. وكان مبنى الولادة مكتظا بالأفراد المشردين، وشكلت عمليات القصف الإسرائيلية تهديدا مستمرا. خلال إحدى زياراتي، أطلقت القوات الإسرائيلية حزاما ناريا بالقرب من المستشفى في شارع الجلاء، مما دفعني إلى حالة من الرعب.
في مساء يوم 29 أكتوبر، عانيت من آلام المخاض وهرعت إلى المستشفى، لأجد في بيئة غير مناسبة تماما.
سميت ابني كنعان، لكن العدوان الإسرائيلي جعل من المستحيل علي الحصول على شهادة ميلاد. لقد دمر النظام الصحي في قطاع غزة بسبب الحصار المستمر، وشلل المؤسسات الحكومية يعني أن ابني لم يتمكن من تلقي اللقاحات أو الفحوصات الطبية.
عندما أمر الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين بالانتقال من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، قاوم زوجي هذه الخطوة خوفا من اقتراب موعد ولادتي.
بعد ولادة ابني، أنشأ الاحتلال ما يسمى "الممر الآمن"، لكننا ترددنا بسبب تقارير المعاناة والإذلال التي يعيشها مئات الآلاف من النازحين.
الخوف من النزوح لا يزول. واضطر أكثر من 90 في المئة من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى الانتقال من منازلهم منذ بدء الحرب.
وفي 7 كانون الأول/ديسمبر، وصل الاحتلال الإسرائيلي إلى منطقتنا في بيت لاهيا وأجبر الناس على ترك منازلهم. اعتقلوا الرجال، بمن فيهم زوجي أيمن، وأمروا النساء وكبار السن بالذهاب إلى مستشفى كمال عدوان.
مشينا إلى المستشفى سيرا على الأقدام، وقلبي يتألم لزوجي. كانت هذه اللحظات مأساوية، وحتى الآن ما زلت أتصارع مع إرهاق ما بعد الولادة أثناء رعاية ثلاثة أطفال صغار.
وفي 14 كانون الأول/ديسمبر، أطلق الإسرائيليون سراح زوجي، لكنه أجبر على البقاء في رفح، في جنوب قطاع غزة. وخلال فترة احتجازه، تعرض لبعض أقسى أشكال التعذيب.
بقيت أنا وأولادي في بيت لاهيا في الشمال. قسم الجيش الإسرائيلي غزة إلى قسمين، مما جعل من الخطر على زوجي وأنا محاولة الوصول إلى بعضنا البعض.
الاتصالات بيننا تعيق شديد، لأن الجيش قد قطع الاتصال بالإنترنت في بيت لاهيا، وقلة الاتصال بيننا تركتنا مع معرفة محدودة بحالات ورفاه بعضنا البعض.
المصدرmiddleeasteye_ترجمة وكالة أنباء حضرموت