حماس ستقبل بالصفقة عاجلا أو آجلا

شروط حماس تعرقل صفقة شاملة مع إسرائيل وتحرج الوساطة المصرية

القاهرة

تراجعت أجواء التفاؤل التي أشاعتها تصريحات رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل بشأن التوصل إلى صفقة شاملة بين إسرائيل وحركة حماس، عندما أكد أنه يعتزم القيام بزيارة إلى إسرائيل قبل نهاية نوفمبر الجاري.

ويتوقف إتمام زيارة عباس على مدى تجاوب كل من إسرائيل وحماس حول التفاصيل، الأمر الذي لم تتيقن منه القيادة المصرية لأنها تريد الحصول على وثيقة مكتوبة من حركة حماس لضمان عدم التنصل لاحقا.

وأكدت مصادر فلسطينية لـ”العرب” أن “حركة حماس قد تكرر لعبتها السياسية في كل مرة تذهب فيها مصر نحو إحداث تطور فارق في عملية التوقيع على صفقة شاملة مع إسرائيل التي تواجه حكومتها تحديات داخلية تجعلها أكثر تريثا في القبول بصفقة مع حماس يمكن أن تسبب لها متاعب سياسية مع اليمين المتشدد”.

وسلمت الحركة أخيرا رؤيتها السياسية مكتوبة إلى القاهرة حول مستقبل العمل الفلسطيني في الداخل والخارج، قبل أيام قليلة من اجتماع مرتقب يعقده وفد حماس مع مسؤولين في القاهرة في النصف الأول من شهر ديسمبر القادم.

ولم تستبعد المصادر الفلسطينية أن تضم رؤية حماس مطالب تُعلي من مكاسب الحركة بصورة يصعب قبولها من جانب الحكومة الإسرائيلية، ما يعرقل الوصول إلى اتفاق شامل، ويجعل هناك ميلا مصريا للتوصل إلى اتفاق مبدئي مع إسرائيل على تفاصيل الصفقة، ثم الضغط على حماس للقبول بها.

وشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب في تصريح لـ”العرب” على أن “الورقة التي قدمتها حماس جاءت بناء على طلب مصر التي رأت أهمية أن تضع الحركة خطة مكتوبة لمناقشتها خلال زيارة رئيس جهاز المخابرات إلى تل أبيب”.

وتوقع الرقب أن يجري الوصول إلى اتفاق شامل يركز على الجوانب الاقتصادية أولا، لأنها قضية ملحة بالنسبة إلى سكان غزة وتخفف عنهم المعاناة، وقطعت مصر شوطا مهما في التفاهم مع قطر وإسرائيل لتخفيف حدة الأزمات في القطاع.

وقام وفد من حركة حماس بزيارة إلى القاهرة في أكتوبر الماضي وأجرى محادثات وصفت بالإيجابية لما تخللها من تفاهمات حول ملفات الأسرى وتثبيت وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار في غزة، وذلك تمهيدا لعقد هدنة طويلة مع إسرائيل.

وكشف اللواء عباس كامل في تصريحات مع بعض الصحف الإسرائيلية، على هامش قمة المناخ بغلاسكو، أنه يعتزم القيام بزيارة إلى إسرائيل -وربما رام الله- قبل نهاية نوفمبر، وهو ما أوحى أن هناك اختراقا سياسيا وأمنيا (صفقة كبيرة) حققته القاهرة في هذه الملفات.

وقال رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية سمير غطاس لـ”العرب” إن “الاتفاق الشامل بين حماس وإسرائيل يواجه مشكلة تفوق المخاوف المصرية من عدم التزام الحركة”، في إشارة إلى أنه يمكن أن يغير قواعد اللعبة.

وذكر غطاس أن حديث اللواء عباس كامل السابق عن أن الاتفاق يتضمن وجودا رمزيا للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة “مسألة لن يقبل بها الرئيس محمود عباس، كما أن الاتفاق يرسخ القطاع ولاية حمساوية منفصلة عن الضفة الغربية، وهو أمر مرفوض من جانب باقي الفصائل الفلسطينية والسلطة الحالية”.

ويشير متابعون إلى أن هناك تهدئة واقعية بين حماس وإسرائيل على الأرض، ولم تجد الاقتحامات المتتالية للمسجد الأقصى رداً من قبل الحركة التي كانت قد هددت مع نهاية الحرب الأخيرة على غزة بأنها ستعود إلى القتال حال اقتحامه.

ويضيف المتابعون أن حماس فتحت الباب أمام تسجيل العاطلين من الشباب للعمل داخل إسرائيل، ما يعني أن الهدنة الشاملة غير مستبعدة تماما، وإن حاولت الحركة إعلاء سقف طموحاتها في الورقة الجديدة التي قدمتها إلى القاهرة.

ويبرهن موقف حركة الجهاد الإسلامي، التي وجهت انتقادات مبطنة للقاهرة وهاجمت حماس بشكل صريح، على أنها اطلعت على ورقة حماس قبل إرسالها إلى مصر لأنها تمهد الطريق للوصول إلى اتفاق تهدئة شاملة ترفضه حركة الجهاد، لأنه يمنعها من إطلاق الصواريخ ويكبلها في الرد على انتهاكات إسرائيل خلال فترة طويلة قد تمتد إلى خمس أو عشر سنوات، حسب ما يجري التوصل إليه.

ومن المرجح أن تصبح ورقة حماس ضمن مجموعة أوراق أخرى تتعلق بالاتفاق الشامل، وأن زيارة اللواء عباس كامل حتى لو تأجلت بضعة أيام لن تُلغى، وستأتي في سياق المشاورات بين الأطراف ذات الصلة.

ومن المنتظر أن يواجه الاتفاق الشامل -حال توقيعه بين حماس وإسرائيل وبرعاية مصرية- بشكوك وربما اعتراضات في الداخل الفلسطيني، لأنه يفتح الباب أمام تكرار نموذج الضفة الغربية ويُنهي تقريبا المقاومة المسلحة، لكن ضعف موقف السلطة وارتباك حماس سيجعلان من الصعب اتخاذ مواقف قوية لعرقلته.