قصة قصيرة
لا غفران لمن يقتلنا
كنت لا أعرف من اين ابدأ الحكاية . ولكني كنت اعرف اين انتهت .. هكذا دائما عند النهاية تكتشف حجم المعاناة التى كنت تعيشها . ولكن سأبدأ من لحظة التي . انطلقت فيه رصاصة الغدر واختارتك أنت من دون سائر الناس . رصاصة طائشة اتية من خواء الارض وجوف السماء . وصلصة الرصاص موجودة في كل مكان . ولاوجود للسكينه والامان في بلد اجتاحه الحرب . ولازالت هناك بقية منهم تغتصب الموت لاهلها . كنت أسال نفسي دوما لماذا الموت اختارك انت . لم أكن أعرف الموت من قبل . كنت اراه شيئا عاديا حين يمس الناس . لكنه جاء فجأة ودون انذار . مثل الصدمة التى لم يتوقعها احد . ويالها من صدمة . نهاية لم اكن اتوقعها . هل هناك غفران لمن يقتلنا . الم يعلم انه لم يقتلها وحدها بل قتلت امة بعينها و قتلني أنا ايضا .. يالها من طريقة لقتلي . أطفأ النور الذي كان يضئ بدني . فأنا لست بشئ من دونها .. من بعدك لا اكون أنا .. وهل للكون شئ بعدك . كنت اعتقد اني قادر على الحياة قبل ان تغادريها . كنت ارى العالم بعينك أنت . وأنت من وهبتني الحياة . بعد ان رفضتني . لقد كفاني الله بك دون الاخرين .
عندما تكون معاق وجسد لا يستطيع الحراك . لن تأتي المعجزة في ولد صغير عاطل عن الحركه . هكذا ولدت وهكذا وجدت نفسي . جثة هامدة لا تستطيع الحراك . ليس كل الامهات مثلك ياأمي . منذو ولدت وأنا مخلوق معوق مشوها . لكني كنت لابث بين احضانك . يمتص رحيق تديثك متشبت بالحياة. وهو لا يعلم انه نكرة في هذا العالم المترفع . كنت منبوذ صغير . في بلد ليس فيه مكان للمعاقين . مجتمع يتأفف من المشوهين خلقا . لايحتاجه وليس له مكان بين الاسوياء . لو كنت غادرت هذا العالم لم ينتبه لي احد . سيقولون ارتاح وأراح . ينظرون الناس الى المعاق بالاسئ . بعين الرحمه والشفقة . وهم يلوون رؤسهم من التأفف . لكنك لا تستطيع التحكم بمشاعر الاخرين . ان نظرات الناس هي اكثر ايلاما و اذئ من الاعاقة . قد لا أستطيع أن اسرد لك حياتي كلها مع امي كيف كانت . ولكن هناك أشياء كان عليا البوح بها . ربما تصل الى كل من يطلق الرصاص وهو لا يعلم اين تسقط .
كنت لا أستطيع أن اتعلم الاشياء بنفس الطريقة التي يتعلم الاخرون بها . كانت هيا الوطئة التى حملت على عاتقها كل ذلك . هي الام و الطبيب والمعلم والمرشد . هي من كانت تحملني بين ذراعيها وأنا صغير يتوسل ثديها . وهي من تضعني في الحمام وتغسلني من الاذى رغم بلوغي سن الثلاثين عام . رجل ولكن اي الرجال أنا . وهي من تلبسني الثياب وتضع العطر في اكناف ثيابي . وهي من تضعني على السرير عند النوم . اه كم كنت عبئ ثقيلا عليك يا امي . أعرف انها ليس شفقة ولا منة منها . كان ذلك هو الحب حب الغريزة والامومه التى خلقها الله فيها . وليس كل الامهات مثلك يا امي . حين رفضتني المدرسة . لاني لا أستطيع أن اتعلم بنفس الطريقة التي يتعلم بها الاخرون .ولا يمكن للنظام ان يتغير لأجلي . لكنها ادخلتني المدرسه بعد أن رفضتني المدارس كلها . لاتوجد مدارس خاصة لذوي الاحتياجات في بلد فقير يعاني . لكن باصرارها وعزمها ورجائها للمسئولين دخلت المدرسه . فكنا نذهب معا سويا ونعود سويا . وفي الطريق كانت النظرات مؤلمه وهي ترمقنا . الا نظراتك انت كانت هي من تجاملني بابتسامة منها . ليس من شى في هذا العالم مثل امي . لولا امي ما اكملت الطريق في هذه الحياة . لولا امي ما استطعت المشى ولو قليلا الى دورة المياه . ولولا امي ما أستطعت الجلوس على الجلوس الكرسي المتحرك . ولولا أمي ما استطعت القرأئة والكتابة .
في اللحظات القليلة التي كنت أجلس فيها أمام البيت علي كرسي متحرك . عند الأصيل تكون الشمس قد افلت من مكانها خلف السحب المتراكمة . وانا ارى تلك النظرات من عيون الاخرين وهم يمرون من امامي . ولايكتثرون او يحسون بوجودي . مثل شئ جامد ليس فيه روح . حجر من حجار الارض . او عمود نور ثابته او سيارة متوقفه امام منزل . حينها كانت تتملكني الشفقة على نفسي . والرغبة في البكاء كنت اريد أن اصرخ كا المجنون . لكني اظل صامت هنا وحدي بمشاعر مؤلمة وبنبرات الحزن و الاسئ واحاسيسي الممزقة . لم أكن أعلم اني خارج نسيج هذا العالم . ولا يحق لي الصحبة مع الاخرين للعب معهم او للحديث معهم . فا أنا لست مسؤلا اني خلقت بخلل عضوي ولدت به . ولست مسؤلا عنه . اي عالم هذا الذي لا يبالي ولا يكثرث لشخص مقعد معوق . بحاجة إلى عالم اخر . يغوص فيه يتفاعل معه ويشاركه حياته . كنت لا اجد نفسي الا في الاحلام . عالم من الخيال حياة اخرى . موجودة في مخيلتي ولكنها لا تكفي . أما العالم الحقيقي فهو منقطع عني . فاجد نفسي مقهور عاجز لامكان لي بين الاحياء . فقدت طعم الحياة من بعدك . أني موعود اليوم مع عالم جديد من غيرك . سوف اجرب الحياة من دونك . قد يكون صراع بين امل البقاء في هذه الحياة . او اللحاق بك في قابل الايام .. انتظريني ربما لم يطول انتظارك لي ..