صفحة جديدة
السعودية تستأنف دعمها لباكستان بعد جفاء
أعلنت المملكة العربية السعودية الأربعاء عن تقديم 4.2 مليار دولار كمساعدات لباكستان التي يواجه اقتصادها ضغوطا شديدة في ظل تآكل احتياطاتها المالية، وصعوبة توصلها لاتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي.
ويؤشر استئناف السعودية دعمها المالي لهذا البلد الواقع في جنوب آسيا لصفحة جديدة بين الرياض وإسلام أباد بعد سنوات من الفتور نتيجة خلافات بين الدولتين حول أكثر من ملف.
ويأتي الدعم السعودي، بعد يومين من زيارة أداها رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إلى الرياض بمناسبة قمة “مبادرة الشرق الأوسط الأخضر” التي رعاها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهي ثاني زيارة لخان خلال العام الجاري، ما يعكس حرص إسلام أباد على تذويب التباينات مع الرياض، وإرساء دعائم جديدة للعلاقات معها.
وقالت الحكومة الباكستانية الأربعاء إن السعودية ستودع ثلاثة مليارات دولار في بنكها المركزي للمساعدة في تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي المتقلصة في البلاد.
وأوضح وزير المالية الباكستاني شوكت تارين على حسابه على “تويتر” “إن المملكة ستمول أيضا تجارة المشتقات النفطية في بلاده بقيمة 1.2 مليار دولار”.
ووجّه رئيس الوزراء الباكستاني الشكر للأمير محمد بن سلمان على الدعم المالي وقال خان، عبر حسابه على تويتر، “لطالما كانت المملكة العربية السعودية موجودة في أوقاتنا الصعبة، بما في ذلك الآن عندما يواجه العالم ارتفاعًا في أسعار السلع الأساسية”.
وتشي عودة الدعم المالي السعودي لباكستان بأنّ الطرفين قطعا أشواطا كبيرة في طي صفحة الخلافات التي ظهرت منذ العام 2015، وبلغت أوجها في العام 2020، حينما طالبت الرياض باكستان برد جزء من قرض ميسر بقيمة 3 مليارات دولار.
وتعد باكستان حليفا تقليديا للسعودية، لكن العلاقة بينهما توترت منذ أبريل 2015، حينما صوت البرلمان الباكستاني لصالح قرار يقضي بعدم التدخل في اليمن، في إطار تحالف عسكري أطلقته السعودية للتصدي لتقدم المتمردين الحوثيين.
وقد مثل الرفض الباكستاني للانخراط في دعم جهود التحالف في اليمن خيبة أمل كبيرة للرياض، وتدحرجت التباينات بين الجانبين لتشمل منطقة كشمير المتنازع عليها بين نيودلهي وإسلام أباد.
وكانت باكستان عمدت إلى تهديد السعودية بشكل مبطن من أنه في حال لم تقم منظمة التعاون الإسلامي التي تقودها السعودية بعقد اجتماع رفيع المستوى بشأن كشمير المتنازع عليها مع الهند، فإنها ستذهب في خيار عقد اجتماع لدول إسلامية من خارج منظمة التعاون، وما يعنيه ذلك من تقويض لزعامة المملكة على العالم الإسلامي.
وفي خطوة أخرى اعتبرتها الرياض استفزازية قام رئيس الوزراء الباكستاني بحضور مؤتمر في ديسمبر 2018 في كوالالمبور، نظمته تركيا وماليزيا وإيران، وكان يستهدف بالواضح ضرب منظمة التعاون.
وشكل ذلك النقطة التي أفاضت الكأس حيث سارعت الرياض إلى التقدم بطلب غير معهود باسترجاع مليار دولار من قرض بقيمة 3 مليارات دولار، ورفض تجديد تسهيل ائتماني نفطي بمليارات الدولارات.
ويقول محللون إن عودة الدفء للعلاقات بين الرياض وإسلام أباد يعود إلى عوامل عدة بينها التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة آسيا، فضلا عن تأرجح العلاقة بين الدولتين الإسلاميتين والإدارة الأميركية الديمقراطية، فإدارة جو بايدن مثلا لا تخفي تحفظات في التعامل المباشر مع ولي العهد السعودي، كما أنها لا ترى في إسلام أباد الحليف الوثيق كما حصل بالنسبة إلى إدارات أميركية سابقة.
ويشير المحللون إلى أن هناك مصلحة متبادلة في التقارب بين الرياض وإسلام أباد، في ظل التحديات الدولية والإقليمية الراهنة، لافتين إلى أن إسلام أباد لا تملك عمليا حليفا يمكن أن تستند عليه لدعم اقتصادها المتهاوي مثل السعودية.
وزار عمران خان في مايو الماضي الرياض وبحث مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك. وخلال زيارة خان للرياض وقَّع الطرفان اتفاقاً لإنشاء مجلس التنسيق الأعلى السعودي الباكستاني، وشهدا التوقيع على اتفاقيتين ومذكرتي تفاهم.