أوزبكستان وباراغواي: حوار يربط بين القارات والمحيطات

وكالة أنباء حضرموت

سيقوم رئيس باراغواي سانتياغو بينيا بزيارة رسمية إلى أوزبكستان في الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر، حسبما أفاد موقع دونيو آي أي.

ومن المتوقع أن تصبح هذه الزيارة علامة فارقة في تاريخ العلاقات الثنائية، التي تطورت بحذر نسبي حتى الآن، على الرغم من إقامة العلاقات الدبلوماسية في أغسطس 2001.

لطالما حدّت المسافة الجغرافية بين البلدين وانعدام الاتصالات السياسية المنتظمة من إمكانية تعزيز التعاون بينهما. إلا أن كلا البلدين يُظهران اليوم اهتماماً متبادلاً بتعميق شراكتهما.

باراغواي دولة تقع في قلب أمريكا الجنوبية، وتُعدّ من أكثر الاقتصادات نموًا في المنطقة، مدعومة بقطاع زراعي قوي وبنية تحتية متينة للطاقة. تُصدّر باراغواي كميات كبيرة من فول الصويا ولحم البقر والذرة وغيرها من المنتجات الزراعية، كما تمتلك واحدة من أكبر إمكانات الطاقة الكهرومائية في العالم، بفضل تشغيل محطات كهرومائية مشتركة مع البرازيل والأرجنتين.

تسترشد السياسة الخارجية لباراغواي بمبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والنهج العملي في التعاون الدولي، وإعطاء الأولوية للدبلوماسية الاقتصادية. وتنسجم هذه التوجهات بشكل وثيق مع السياسة الخارجية المعاصرة لأوزبكستان، التي تؤكد بدورها على البراغماتية، وتسعى إلى توسيع نطاق التعاون ذي المنفعة المتبادلة، وتهدف إلى تعزيز الحوار القائم على الثقة مع جميع الشركاء.

بالنسبة لباراغواي، تلعب العضوية في منظمات التكامل الإقليمي في أمريكا الجنوبية دورًا مهمًا في تعزيز الصادرات وجذب الاستثمارات - وهو نهج يتردد صداه مع جهود أوزبكستان لتعميق مشاركتها في العمليات الاقتصادية الدولية.

في الوقت نفسه، تمتلك أوزبكستان وباراغواي إمكانات كبيرة للتعاون في القطاع الزراعي. تتمتع باراغواي بخبرة فريدة في الإنتاج والتصنيع الزراعي، بينما تعمل أوزبكستان بنشاط على تحديث قطاعها الزراعي من خلال تبني تقنيات متقدمة لترشيد استهلاك المياه، وأساليب إدارة جديدة، وحلول مبتكرة. ويمكن أن يصبح تبادل الخبرات والتقنيات، بالإضافة إلى المشاريع المشتركة في مجالات الزراعة، والمحاصيل المقاومة لتغير المناخ، والخدمات اللوجستية الزراعية، مجالات رئيسية للتعاون الثنائي.

يمثل قطاع الطاقة مجالاً واعداً آخر للتعاون. فقد طورت باراغواي، بما تملكه من موارد كهرومائية ضخمة، خبرة واسعة في إدارة منشآت الطاقة الكبيرة، وتصدير الكهرباء، وتطبيق حلول الطاقة الحديثة. كما يمكن لأوزبكستان، التي تعمل بنشاط على تحديث نظام الطاقة لديها وتجذب استثمارات كبيرة في الطاقة المتجددة، أن تستفيد من التعاون مع باراغواي، بدءاً من تبادل الخبرات وصولاً إلى دراسة نماذج إدارة الطاقة الناجحة.

على الرغم من البُعد الجغرافي والتحديات المتشابهة - لا سيما كون البلدين غير ساحليين - إلا أن الروابط التجارية قائمة بين أوزبكستان وباراغواي، وإن كانت على نطاق محدود نسبيًا. ومع ذلك، يسعى البلدان بنشاط إلى تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية، بهدف توسيع نطاق التجارة الخارجية، وجذب استثمارات جديدة، والترويج للمنتجات والتقنيات الوطنية في الأسواق العالمية. وفي هذا السياق، تبرز فرص هامة لتعزيز التجارة الثنائية، وتنمية التعاون في مجالات الصناعة والزراعة والنقل والتصنيع والطاقة، فضلًا عن تبادل الخبرات في الإصلاحات الاقتصادية وتحديث القطاعات الرئيسية.

إن نية أوزبكستان في التوسع الفعال لصادراتها، ليس فقط من السلع، بل أيضاً من التقنيات والخبرات والحلول التعليمية والهندسية، تتوافق بشكل وثيق مع مصالح باراغواي، التي تشمل استقطاب التقنيات الحديثة، وتطوير الصناعات التحويلية، وتنويع اقتصادها. وهذا يُهيئ أرضيةً مواتيةً للتحرك نحو تعاون عملي، مدعوم بمشاريع ومبادرات ملموسة.

وبناءً على ذلك، يُمكن أن تُشكّل القمة الأولى من نوعها بين أوزبكستان وباراغواي على أعلى مستوى نقطة انطلاق جديدة لتنشيط التعاون الثنائي. ومن المتوقع أن تُتيح هذه القمة فرصًا لحوارٍ جوهري، وتُحدّد مجالات التعاون الواعدة، وتُعطي دفعة استراتيجية للعلاقة، بما في ذلك التعاون الإقليمي. ويُمكن لهذا التواصل رفيع المستوى أن يُمهّد الطريق لشراكة سياسية واقتصادية وإنسانية أوثق بين البلدين، الواقعين في منطقتين مختلفتين من العالم، واللذين يجمعهما مصالح تنموية مشتركة والتزام بتوسيع نطاق التعاون الدولي