نبيل غالب

وللفرح بقية!!

مدينة "عدن" رائدة الثقافة في مراحل تاريخية بادت، كانت غزيرة بمختلف إبداعات الفنون، بحكم مكانتها بموقعها الاستراتيجي، الذي كان يجمع العالم التجاري على سواحلها، ابتداءً من ساحل صيرة "الميناء القديم"، وانتهاء بشاطئي المعلا والتواهي "ميناء عدن"، امتزجت ملامحها بأطياف عدة من ثقافات شعوب المعمورة، التي ما زالت بعض شواهدها حاضرة في جنبات المدينة.

وبفعل المتغيرات السياسية مريرة الصراعات العسكرية بين الفرقاء، تلاشت تلك الفنون "رائعة الجمال"، التي كانت تهذب الذوق العام لسكان "عدن".. "عدن البحر والجبل والبسيطة"، التي حباها "الله"، بطبيعه ساحلية أخادة، يسحرك مدها على جميع مديرياتها ال ( 8 )، التي تكون المدينة إداريا، لتشكل بذلك خليط سكاني "كوزموبوليتاني"، متميز من "اليمن"، وخارجه، يحتضن كل من زارها.

    وفي زمن "الحرب"، كنا على موعد لإحياء فن من تلك الفنون الراقية، سعى إليها مكتب الثقافة في مدينة أنهكتها الصراعات المسلحة، وما زال سكانها يعانون من تداعياتها.. "عدن"، التي تسابق سكانها فرحين بمثل هكذا حدث، رغم مشقة وصولهم سيرا إلى موقع الفعالية، بسبب المعاناة اليومية التي يكابدونها في حياتهم المعيشية، بفعل السياسات العقابية، التي تمارس ضدهم من كذا طرف.. في واقع سياسي عقيم، لا يمكن لنا وصفه بغير محاولة إذلال هذا الشعب، الذي يأبى أن يركع الا "لله"، لكنه وصل إلى ساحة مكتب الثقافة، وشنف الآذان بالاستمتاع بما سمعه وشاهده من الفرقة الفنية المصاحبة للفعالية، بأجمل الأغاني الطربية، التي غابت كثيراً عنا.

    لقد كانت الفعالية بارقة أمل، نتمنى تكرارها في مرحلة الكفاف الثقافي، إذ أحسن صنعا مكتب الثقافة بعدن وبالتنسيق مع جهات رسمية، لاسيما في "مدينة عدن"، تنظيم معرضها للفنون التشكيلية، تحت عنوان "إبداعات عدنية"، بمشاركة نخبة من "الفنانين التشكيليين"، هدفت تنشيط ذاكرتهم الإبداعية، وعبرت عنها لوحاتهم الرائعه، مترجمة حالات متنوعة من واقع الحياة بين الماضي والحاضر.. وكم كنا معهم بحاجة إلى هذا الفرح الخجول، الذي أعاد إلى أرواحنا بعضآ من ذكريات الماضي الثقافي.

    نعم.. هناك ما زالت عوالم أخرى من مختلف "الفنون"، حقيقة نحن بحاجة إلى التفاعل والتعايش معها، حتى لا نصاب بالذهول والجنون، بعد ان سيطر "التبلد" على عقولنا.. وأتمنى أن تلقى هذه "الثقافات" طريقها إلى قلوبنا.. فلم يعد هناك متسعاً من الفرح في أفئدتنا بعد أن نسيناه وتناسانا، إذا انتظرنا كثيراً.
وللفرح بقيه بإذن "الله"

مقالات الكاتب