"مليونية إعلان الدولة" مؤكدة أن الجنوب جسد واحد وقرار واحد
ابومصعب قمبوع العولقي
شبوة تفي بعهدها: القيادة والشعب في خندق واحد لإعلان الاستقلالشهدت مدينة عتق اليوم زحفاً بشرياً غير م...
ما جرى لا يمكن اختزاله في توصيف عسكري عابر، ولا التعامل معه كحادثة تكتيكية معزولة. نحن أمام سابقة سياسية خطيرة، تحدث لأول مرة في مسار التحالفات بالمنطقة: استهداف شريك ظل لسنوات طويلة جزءًا أصيلًا من منظومة المواجهة ضد المشروع الإيراني وأدواته.
القوات الجنوبية لم تكن طرفًا هامشيًا في معادلة الأمن الإقليمي، بل شكّلت عمقًا استراتيجيًا متقدمًا في مواجهة تمدد الحوثي المدعوم من إيران، وأسهمت عمليًا في كبح الخطر قبل أن يطرق أبواب المملكة وحدودها الجنوبية. لقد كانت هذه القوات شريكًا ميدانيًا حقيقيًا، لا مجرد حليف ظرفي.
المعركة ضد الحوثي لم تكن يومًا معركة جنوبية منفصلة، بل كانت جزءًا من معركة واحدة، هدفها حماية الإقليم من الانزلاق نحو الفوضى، ومن تحويل اليمن إلى منصة تهديد مباشر لأمن المملكة والخليج. ومن هذا المنطلق، تشكّل أي ضربة تستهدف هذه القوات خللًا في منطق التحالف، وإرباكًا لمعادلة الردع التي بُنيت خلال عقد كامل من المواجهة.
سياسيًا، فإن استهداف الذراع الفاعلة في مواجهة إيران والإرهاب يبعث برسائل ملتبسة، لا تخدم الاستقرار، ولا تعزز الثقة بين الشركاء، بل تفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول اتجاه البوصلة، وحدود التفاهمات، ومستقبل الشراكة الأمنية في الجنوب.
إن ما تم قصفه لم يكن موقعًا عسكريًا فحسب، بل رصيدًا سياسيًا ومعنويًا تراكم عبر سنوات من التضحيات المشتركة. قُصفت الثقة قبل أن تُقصف الأرض، وتعرّض منطق الشراكة للاهتزاز في لحظة إقليمية بالغة الحساسية.
إن الحفاظ على التحالفات لا يكون بإرباكها، ولا بإضعاف عناصر قوتها، بل بتثبيت ركائزها، واحترام أدوار الشركاء الذين وقفوا في الصفوف الأولى حين كان الخطر في ذروته.
فالأمن لا يُدار بالرسائل المتناقضة، ولا يُحمى بإضعاف من أثبتوا أنهم خط الدفاع الأول.
التاريخ يسجل، والسياسة تحاسب، والتحالفات الحقيقية تُقاس في لحظات الاختبار… لا في بيانات المجاملة.