جهاد جوهر

الى متى ستستمر شراكة الوهم مع التحالف العربي؟

وكالة أنباء حضرموت

على امتداد عقود من الزمن، لم يتعلم الجنوب من دروس الماضي القاسية، ولم تستوعب قياداته أن الأوطان لا تُبنى على الأماني ولا على التحالفات المريبة، بل على إرادة الشعوب ووعيها بحقها في الحياة والحرية والسيادة.

فاليوم، ورغم الحاضنة الشعبية الجارفة التي يتمتع بها المجلس الانتقالي الجنوبي في المحافظات المحررة، ماء زالت قيادتنا السياسية تكرر أخطاء الأمس ذاتها، تلك الأخطاء التي ارتكبها رئيس دولة الجنوب حين سلّم دولةً كاملةً بكل رموزها وسيادتها إلى علي صالح، متنازلاً عن الكرسي والعَلَم والعملة في وحدة عجيبة لم يشهد لها التاريخ مثيلًا، وحدة لم تحمل للجنوب سوى الويلات، ولم تكن سوى قيدٍ من حديد كبّل إرادته وأطفأ شعلة كرامته.

وماء إن شرعنة عصابة 7 يوليو وحدتهم القسرية على أرض الجنوب، حتى مسحوا من سجلات المحافل الدولية اسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وأعادوا الجنوب إلى ظلام التبعية والهيمنة. ولم يكتفوا بذلك، بل أقصوا شركاءهم في الحزب الاشتراكي، الذين كان دورهم لا يتجاوز غطاءٍ مرحلي لمشروع احتلالٍ مكتمل الأركان. وحينها، لم يجد رئيسنا "الوحدوي" سوى المنافي ملجأً، فاعتكف في عُمان يترقب بارقة أمل من اجتماع مجلس التعاون الخليجي المنعقد في مدينة أبها ليصطدم بقرارات لم تزد الجنوب إلا خذلانًا وألمًا.

ثم شاءت إرادة الله أن يبعث من رحم الظلم خصمًا لعفاش وأركان نظامه، فكان الحوثيون أداة القضاء على مشروع الهيمنة الزائف في العربية الشمالية. وبفضل دماء الشهداء الجنوبيين الأحرار، وبسالة رجال المقاومة، تحررت أرض الجنوب من رجس الغزاة المحتلين، غير أن لحظة النصر لم تدم طويلًا، إذ سارعت قيادات الانتقالي إلى تسليم راية النصر لابن الحجرية، واضعةً مصير الجنوب في يد تحالف لم يعرف للوفاء طريقًا،

وهكذا، تحولت الشراكة التي بُنيت على الوهم والولاء الأعمى إلى لعنة سياسية، جعلت التحالف العربي ينظر لمستقبل الجنوب من منظور حقوقي وليس سياسي. وما زالت قيادة المجلس الانتقالي، بكل أسف، غارقة في سباتها العميق، تتأرجح بين وعودٍ كاذبة وموائد سياسية عرجاء، بينما ينزف الجنوب جراحه وحده، ويصرخ أبناؤه مطالبين بالحرية والسيادة واستعادة دولتهم المغتصبة.

إنها مأساة تتكرر، لكنها هذه المرة تُسطر بوعيٍ مختلف وشعبٍ أكثر صلابة، يدرك أن الوهم لا يصنع وطنًا، وأن التحالفات العابرة لا تمنح سيادة، وأن الحقوق لا تُسترد إلا بإرادة الأحرار الذين لا يرضون بغير الأرض والكرامة بديلًا.

مقالات الكاتب