الحمد لله الذي خلقنا أحرار ولم نخلق عبيد
مصلح عبده سالم
بمناسبة الذكرى الثانية والستين لثورة 14 أكتوبر المجيدة_الحمد لله الذي خلقنا أحرارولم نخلق عبيد، وجعل...
بمناسبة الذكرى الثانية والستين لثورة 14 أكتوبر المجيدة_
الحمد لله الذي خلقنا أحرارولم نخلق عبيد، وجعل في قلوبنا روح الثورة، وفي دمائنا نبض الكرامة، وفي جباهنا نور العزة.
في مثل هذه الأيام من عام 1963، خرج أبناء الجنوب من كل قرية ووادي وجبل، يهتفوا من القهر: كفى استعمار.. كفى عبودية.. كفى إذلال!
كانت ثورة 14 أكتوبر شعلةً من نارٍ مقدسة، أشعلها الأحرار في جبال ردفان، لتعلن ميلاد فجرٍ جديدٍ لأرضٍ رفضت أن تركع إلا لله.
لم تكن ثورة أكتوبر حدث عابر، بل كانت صرخة الإنسان الجنوبي في وجه كل من أراد أن يستعبده، كانت بداية الطريق نحو التحرر، نحو استعادة الإنسان الجنوبي لكرامته المسلوبة وقراره المستقل.
لقد سطّر الأحرار يومها بدمائهم معنى الحرية الحقيقية، تلك الحرية التي لا تُمنح، بل تُنتزع انتزاع من بين أنياب المستعمر والغاصب.
كان المستعمر البريطاني يملك السلاح والمال، لكنه لم يملك شيئًا واحد: إرادة الإنسان الحر.
وفي المقابل، كان الثوار حفاة الأقدام، لكنهم مشبعون بعقيدة الكرامة.
قالوا يومها: نموت واقفين ولا نعيش راكعين.”
وهكذا انتصرت الكلمة على المدفع، والإرادة على الاحتلال.
واليوم، بعد اثنين وستين عام على تلك الثورة الخالدة، تعود الذاكرة لتذكّر كل جنوبي أن الحرية ليست منحة من أحد، وأن من باع حريته باع وطنه، وأن الجنوب وُجد ليبقى حر، لا تابع ولا خاضع ولا خادم لأحد.
نحن أبناء أكتوبر، أبناء الرجال الذين حوّلوا المستحيل إلى نصر، أبناء الذين قالوا للعالم:
لسنا عبيدفي أرضنا، ولن نكون.”
وسنقولها نحن من بعدهم بنفس الإصرار، وإن اختلف الزمان والخصوم:
“لن نُستعبد بعد اليوم.”
ثورتنا لم تكن فقط ضد الاستعمار البريطاني، بل ضد فكرة العبودية بكل أشكالها: ضد من يريد إخضاع الجنوب باسم الوحدة، وضد من يريد إذلاله ، وضد من ينهب ثرواتة باسم الوحدة.
نحن اليوم نحتفل بأكتوبر، لا كذكرى ماضية، بل كعهدٍ جديدٍ نُجدده:
أننا سنبقى أحرار كما أراد الله لنا، وأن راية الجنوب ستظل مرفوعة، ما دام فينا قلبٌ ينبض وعقلٌ يرفض الذلّ.
إن كل شهيدٍ سقط من ردفان ومن جبهات كرش والضالع ويافع، لم يمت إلا ليؤكد معنى واحدًا:
أن الله خلقنا أحرار، ولم يخلقنا عبيد، وأن الجنوب لن يعود تحت أي وصاية أو هيمنة.
سلام على كل حرٍّ جنوبي حمل السلاح لأجل الكرامة،
وسلامٌ على ثوار أكتوبر الذين رسموا لنا طريق الحرية،
وسلام على جيل اليوم، جيل الوعي والإصرار، الذي يحمل إرثهم ويكمل المسيرة حتى استعادة الدولة والهوية والسيادة.
وكل عامٍ وأرض الجنوب بخيرٍ وحرية.
وكل عامٍ ونحن نرددها بثقة:
الحمد لله الذي خلقنا أحرار… ولم نخلق عبيد .