حزب الله: ذراع خامنئي المكسور في أزمة لبنان
د. قصي الدميسي
لطالما كان حزب الله اللبناني الذراع الأقوى والأكثر فعالية لنظام ولاية الفقيه في المنطقة، محققًا لأهد...
لطالما كان حزب الله اللبناني الذراع الأقوى والأكثر فعالية لنظام ولاية الفقيه في المنطقة، محققًا لأهداف خامنئي التوسعية والإرهابية. منذ وصول الملالي إلى السلطة، شكلت شبكة الوكلاء الإقليميين، وعلى رأسهم حزب الله، الركيزة الأساسية لاستراتيجية "العمق الاستراتيجي" للنظام. لقد وُظف حزب الله كدرع واقٍ في مواجهة الهجمات العسكرية، وكأداة للمساومة في المفاوضات الدولية، وشبكة للتهريب والالتفاف على العقوبات، ووقود لإشعال الحروب في المنطقة.
ولكن خلال العام المنصرم، وبعد سلسلة من الهزائم التي منيت بها هذه الميليشيات، وخاصة بعد حرب الـ12 يومًا وسقوط بشار الأسد في سوريا، تعرض هذا "العمق الاستراتيجي" لضربة قاصمة. فقد كان حزب الله ليس فقط الذراع العسكري الرئيسي للنظام للسيطرة على لبنان ودعم نظام الأسد الإجرامي، بل كان أيضًا في خدمة الحرس الثوري الإيراني في تدريب ودعم ميليشيات أخرى كالحشد الشعبي والحوثيين، وفي تهريب المخدرات وغسيل الأموال، بل وحتى في قمع انتفاضة الشعب الإيراني. هذا الدور الشامل جعل من حزب الله رمزًا حيًا للتكلفة الباهظة التي يدفعها الشعب الإيراني من موارده لتمويل مشاريع خامنئي التخريبية.
كلمات زعيم حزب الله اللبناني السابق، حسن نصر الله، قبل 9 سنوات، كانت خير دليل على تبعية الحزب المطلقة لنظام طهران. فقد أعلن صراحة أن "ميزانية حزب الله تأتي من إيران. المال يأتي من إيران، مثل الصواريخ التي نهدد بها إسرائيل... كل ما نأكله ونشربه، وصواريخنا وقذائفنا، كلها تأتي من إيران". هذا الاعتراف يوضح كيف أن أموال الشعب الإيراني المقهور تُنفق على تمويل الإرهاب والحروب في الخارج، بينما يعاني الإيرانيون من الفقر والتضخم.
سقوط بشار الأسد في سوريا، الحليف الأبرز للنظام الإيراني وحزب الله، شكل زلزالًا استراتيجيًا هائلًا لنظام ولاية الفقيه. فبعد عقود من الدعم المالي والعسكري لقتل مئات الآلاف من السوريين وتشريد الملايين، فرّ بشار الأسد، وتبعته قوات خامنئي بهزيمة فاضحة. هذا الحدث التاريخي قلص بشكل كبير مسار إرسال الأسلحة إلى حزب الله اللبناني، وأضعف من مكانته كقوة وكيلة رئيسية لولي الفقيه. مشاهد تمزيق صور خامنئي وقاسم سليماني وحسن نصر الله على أيدي الثوار السوريين، كانت تعبيرًا صادقًا عن الكراهية العميقة التي يكنها شعوب المنطقة لهؤلاء المجرمين.
المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية طالما أكد على أن أمن وبقاء نظام خامنئي يعتمدان على الحرس الثوري وتنظيم القوات الوكيلة مثل حزب الله. وقد أكدت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية، أن "بسقوط النظام الذي كان على مدى 45 عامًا مساعدًا للفاشية الدينية الحاكمة في إيران في ارتكاب أكبر الجرائم بحق الشعب السوري وشعبي فلسطين ولبنان، فإن العصر المظلم لهذه المنطقة يطوي صفحته، وقد حان أوان الإطاحة بنظام الملالي". هذه التصريحات تعكس رؤية المقاومة بأن قطع يد النظام في المنطقة، بما في ذلك إضعاف حزب الله، هو مقدمة لخلاص الشعب الإيراني.
هذه التطورات الميدانية والسياسية تزامنت مع انتفاضة واسعة النطاق للشعب الإيراني في جميع أنحاء العالم. بعد المظاهرة الضخمة في بروكسل التي احتفلت بالذكرى الستين لتأسيس منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وأرسلت رسالة قوية إلى المجتمع الدولي، شارك الإيرانيون الأحرار في نيويورك، عاصمة الولايات المتحدة، في مظاهرة عظيمة خلال يومي 23 و24 سبتمبر، حيث تجمع الآلاف ليوجهوا صفعة قوية للنظام. في هذه المظاهرة الضخمة، أعلن الإيرانيون بوضوح أن "بزشكيان لا يمثل الشعب الإيراني"، وكشفوا عن مواقف النظام المخزية، بما في ذلك دعمه لإسرائيل في التصويت على مشروع الدولتين، مما يكشف عن عداوة النظام المستمرة للشعب الفلسطيني. هذه الانتفاضة العالمية، التي تشتد مع كل هزيمة إقليمية للنظام، تؤكد أن إضعاف وانهيار الميليشيات التابعة للنظام يفتح الطريق أمام انتفاضة داخلية وتغيير نظام ولاية الفقيه. الحل الثالث: "لا حرب، ولا مهادنة، بل تغيير النظام بأيدي الشعب والمقاومة المنظمة."
د. قصي الدميسي نائب أردني سابق