أين الغيرة على أطفال حضرموت؟!
د. فائز سعيد المنصوري
لا أدري من أين أبدأ، فقد عجزت الكلمات عن البيان، فالموقف مؤلم، والمشهد صادم. طفل لم يتجاوز الرابعة ع...
في مواجهة سرديات العنف الرسمي، يبدو أن الدم هو من يقدّم الشهادات الأكثر صدقًا.
تغدو الذاكرة الفردية والجماعية للضحايا سوطًا نازفًا، يكشف عن تاريخ لا يُكتَب عادةً إلا بأقلام المنتصرين. فمنذ حرب 2015، تحوّل الجنوب إلى مسرح تتراكم فيه شظايا القمع، حيث لا يمكن للزمن وحده أن يمحو الأثر. هناك لحظات لا تمحوها الأيام، بل تحتاج إلى أدوات جديدة لفهمها: من الأدب، إلى الثقافة، إلى سرديات السجون التي أُعدم فيها خيرة الرجال.
“ الحنوب أرشيف ممنوع الاقتراب”، ”.
ذلك الحيّ الذي لا يُسمَح له بالحياة، لا يُراد له أن يُروى. والجنوب، الذي يفترض أن يكون جزءًا من سرديات الوطن، يُهمَّش عمدًا. يُطمَس ماضيه، ويُختزل في أسواق السلطة وحضارة الدولة المركزيه .
وهنا تبرز أسئلة حاسمة:
• من يزرع العنف؟
• ولماذا تصبح معاناة الناس أداة لا لبناء سلطة وطنية بل لطمسها؟
بعد توقف الحرب، لم يتوقف العنف، بل بدأ يأخذ شكلاً جديدًا، أكثر سرية. عنف يحمل أسماء إنسانية، لكنه يمارس بأدوات القتل والاختطاف والهيمنة. صار العنف مشروعًا سياسيًا واجتماعيًا، تمارسه ميليشيات مدججة بالسطوة، تريد السيطرة الكاملة. فحيثما ينزل الناس إلى الأرض، يُعلّق عليهم عنف جديد، كأنهم يولدون فقط ليُعاقبوا.
“من أجل الاستقلال والتحرير”—هكذا يُقال.
لكن، من أجل الحرية الحقيقية، لا بد من مقاومة الانهيار، لا تبريره. من أجل التحرر، لا بد من فضح العنف لا التسليم به. فالحرب لا تنتهي بانتهاء المعارك، بل حين تُكتب الذاكرة كما يرويها الضحايا، لا كما يرغب المنتصرون.