محمد بالحمان.. من بائع التمور إلى صوت ينقل الحقيقة
اشرف رضوان فاضل
ليست القصص المؤثرة فقط تلك التي تُروى، بل التي تُعاش بتفاصيلها الحقيقية، وتُكتب بالإصرار والتحدي، كم...
نحن الشعب الوحيد الذي يحمل مشروع هدمٍ دائم للدولة والمجتمع ومكوناته كافة. فمنذ الاستقلال وحتى اليوم، لم نخرج برؤية واضحة لما نريده، بل كل ما فعلناه هو تفكيك القديم دون بناء الجديد. لدينا مشاريع على الورق، ولكن لا توجد رؤية جامعة لما بعد الهدم.
كل من يطرح “مشروعًا” يظن أن ما كتبه هو الحقيقة الوحيدة، ويطالب الآخرين بتبنيه قسرًا، فإن لم تفعل فأنت “مرتدّ” أو “عدو”. لم نمارس حوارًا مقنعًا يفضي إلى شراكة حقيقية في صناعة السلم، بل تحوّل السلم إلى مجرد شعار أجوف، رغم أنه كان ذات يوم مشروعًا طموحًا لبعض الأحرار الأوائل في الثورة الجنوبية.
مشكلتنا أننا نصطدم بأنفسنا قبل أن نصطدم بالآخر، لأننا نريد فرض مشاريعنا بالقوة لا بالإقناع، لذلك سالت دماء كثيرة، وخسرنا عقودًا من عمر هذا الشعب. كأننا نعيش مرحلة تيه كما في بني إسرائيل، وقد اقتربنا من الأربعين سنة من الضياع.
والآن، ما يحدث في عدن هو مأساة أخرى؛ عصابة تتحكم بمقاليد الأمور، تعبث بالمشهد، تضيع الفرص، وتدفع بالمجتمع نحو الفوضى. مشروعهم مشروع عدمي، لا يحمل إلا بذور الخراب والهدم لكل أمل يُولد. بدلًا من أن نرى تلاقيًا وتفاهمًا، ظهر هؤلاء بخطابهم الإعلامي والسياسي البالي وكأنهم ما زالوا يعيشون في الستينيات والتسعينيات.
خطابهم متناقض مع الواقع، منفصل عن العالم المتصالح مع مفاهيم الحداثة والتعايش. بينما تتقدم البشرية نحو البناء والبقاء للأفضل، نحن ما زلنا نغرق في صراعات الإلغاء والتخوين، ونرفض أن نصوغ مشروعًا وطنيًا جامعًا يخدم الناس حقًا.