بشير الهدياني

من الفشل إلى التقشف الزائف: أين ذهبت أموال الشعب في عهد بن مبارك

وكالة أنباء حضرموت

من الأمور التي لم أستطع فهمها حتى اليوم، وأقف أمامها مذهولًا رغم وضوح الصورة للجميع، هو مشهد ترقية أحمد عوض بن مبارك من وزير للخارجية إلى رئيس للحكومة تحت راية “محاربة الفساد”، رغم أن سجله لا يشهد له بأي نزاهة أو إصلاح،طوال سنوات توليه وزارة الخارجية، لم تعرف وزارته سوى السمعة السيئة، ولم يُسجل له أنه أودع حتى دولارًا واحدًا في خزينة الدولة، فكيف يُكافأ شخص بهذا التاريخ الأسود ليصبح رئيسًا للوزراء،وكيف يُكلف بمهمة محاربة الفساد وهو أحد من مارسوه.

منذ توليه رئاسة الحكومة، لم يشهد الوضع العام إلا مزيدًا من التدهور والانهيار، إذ أعلن حالة التقشف وقطع الموازنات التشغيلية للوزارات والمؤسسات الحكومية تحت ذريعة الحفاظ على المال العام، ومع ذلك ظل البنك المركزي يعاني من شح السيولة النقدية، حتى أصبح وزير المالية نفسه يعتذر عند المطالبة بالمرتبات والمستحقات قائلاً: “لا توجد سيولة”. إذا كانت المصروفات قد أوقفت والموازنات جُمدت، فأين ذهبت أموال الدولة؟ ولماذا تدهورت الأوضاع المالية أكثر؟ ولماذا تواصل الانهيار الاقتصادي بدلًا من التحسن،هذه الأسئلة وحدها كافية لفضح زيف الادعاءات وكشف أن التقشف لم يكن سوى غطاء لاستمرار العبث بالموارد.

طوال هذه الفترة، أثبت أحمد عوض بن مبارك أنه لا يقود معركة إصلاح، بل يقود معركة بقاء شخصي، مستعدًا فيها أن يموت الملايين ليبقى هو،  الرجل يطبق عمليًا مبدأ “ليمُت عشرون مليونًا ليحيا واحد”، وهو ما ظهر جليًا من خلال السياسات التي انتهجها، والتي لم تخدم إلا مصالح ضيقة، على حساب الشعب الذي بات يذبح بطريقة الموت البطيء.

في الحقيقة من يحمي بن مبارك ويوفر له الغطاء اللازم لاستمرار مشروعه التدميري هو ذاته من يقف فعليًا ضد مصالح الشعب، ويعطل أعمال الدولة ومؤسساتها، خدمة لأجندات خفية ظالمة لا تراعي معاناة الناس ولا أوضاعهم الكارثية،ولم يعد السكوت عن هذه الكارثة مقبولًا، بل أصبحت الحاجة ملحة إلى وقفة جادة لاقتلاع هذا المشروع التخريبي ومحاسبة كل من تورط فيه، وكشف الجهة التي تقف خلفه وتحركه لتحقيق أهدافها الظالمة.

وللأسف، لا يزال بعض الإعلاميين والناشطين والسياسيين، طمعًا بمصالح آنية أو جهلًا بحقيقة الكارثة، يطبلون له ويدافعون عن سياساته، غير مدركين أن التاريخ لا يرحم من يشارك في ذبح شعبه أو يسكت عن الظلم،فالأوطان تُبنى بالمواقف الصادقة، لا بالخنوع والتبرير للفساد،يجب أن يدرك الجميع أن ما دون الشعب والوطن قد يُغتفر، أما التفريط بكرامة الناس وحقهم في الحياة الكريمة فلن يغتفر أبدًا، وسيأتي اليوم الذي تتكشف فيه الحقائق وتتغير فيه الأحوال، وسيسقط كل من خانوا أو باعوا أو تواطؤوا تحت محكمة الشعب والتاريخ.

مقالات الكاتب