أحمد الجعشاني
شور وقول
اختفى اليوم الثمد من سوق السمك . وهو النوع المفضل عند المواطن في عدن. ربما هو ليس افضل الانواع . مثل الديرك والسخله وغيرها من أنواع الفئة الاولى . الا أنه جيد وطيب المذاق و سعره مقبول للمواطن . والسبب في اختفائه من السوق لا أحد يعلم عن السبب . ولكن الارجح من القول انه تم تصديره الى الخارج . لان المواطن لايقدر على سعره بعد أن ارتفع بشكل جنوني وغير مقبول . من ستة الف ريال للكيلوا قبل اسبوع فقط الى اثناعشرالف ريال للكيلوا . اغلب المواطنين في عدن احجموا عن شراء السمك من السوق .
حتى سمك الباغه الذي هو ارخص انواع السمك . حيث ارتفع سعره وصار يباع الحبه بالف ريال . كان يباع المشك عشرحبات بألف ريال . اصبح سوق السمك عندنا مرتبط بسعر الدولار . متى ما ارتفع الدولار ارتفع سعر السمك والبقية تتبع . لم يجد المواطن له مكانا في هذا الوطن . سوى الانزواء والجلوس في البيت . ويأكل من فتات الخبز وشرب الشاى أن وجد . هذا ما شهدت بنفسي وأنا ازور صاحبي وجاري في الحارة . عندما افتقدت وجوده ولم اعد أراه. كان يمضي كل يوم صباحا الى السوق . يشتري السمك وأحيانا كنت التقيه في السوق . مر أسبوع كاملا لم ارى له حس ولا خبر . كأنه اختفى من الحاره . ظننت أنه مريض او سافر . سألت عنه ابنه الصغير في الحاره . فين أبوك ياولد .. أجابني أنه في البيت . عجبت من الامر فذهبت الى داره ودخلت عليه . وجدته جالسا مقبعا وسط الصاله . في حال يرثى لها وكأن هموم الدنيا نزلت عليه . كان من شكله وحاله يدل أنه ضبحان قرفان من كل شئ . بعد السلام عليه والترحاب منه وأن كان لايحب أراه في هذه الحال السيئه .
سالته عن سر غيابه قال لي .. لايوجد شئ يستحق الخروج لاجله . قلت له لم أراك في الحارة أو تذهب الى السوق كعادتك . في البدايه كان يبرر بأنه مشغول شويه ويتملص في كلامه . عرفت انه يحاول الهروب من الاجابه . ولكن استطعت اقناعه بالكلام وهذ ماقاله . قال يا أخي السوق اصبحت ألاسعار فيه مرتفعة ونحن لم نعد نقوى على الشراء . كما تشوف الحال صعب جدا والراتب لايكفي بقية الشهر . وأنا أكتفيت بالجلوس هنا لا حاجة لنا بالسمك او الدجاج اوغيره من مقتضيات السوق . يكفينا الخبز والشاهي والحمدلله على كل حال . خرجت من دار صاحبي وانأ أتحسر واضرب كفا بكف . وأقول لا حول ولاقوة الابالله وهل وصل بنا ألامر أننا . لا نقوى على الشراء أي شئ من السوق . اصبحت قيمة الاسماك او الدجاج وقوتنا اليومي أكبر من دخلنا الشهري. والراتب اصبح ضيف يأتينا الاسبوع الاول من الشهر ويختفي . خرجت من عند جاري وأنا اتحسر وأندم على ما وصلنا له من ضعف وهوان . جاري هذا كان موظف كبيرا في الحكومه وكنا نعتبره من فئة ذوي الدخل العالي . وتقاعد من سنوات قبل الحرب . لم اتخيل يوما ان حالته ستوء وتكون بهذه المأساة . اذا كيف بقية المواطنين او الموظفين الصغار . كيف حالهم وكيف وضعهم الان . لحظتها شعرت بغثيان أصاب معدتي وحاولت الخروج من الحالة التي وضعت نفسي فيها .
الا أن كثير من الاسئلة ظلت تطاردني . لماذا المواطن هو من يدفع ثمن فساد الحكومه . المواطن يئن ويصرخ من المعاناة في كل شئ . الاوضاع المعيشيه تفاقمت الى درجة غير مسبوقة . ارتفاعات صاروخيه في الاسعار . يعجز الناس عن توفير حاجتهم الاساسيه من الغداء. بينما كبار المسؤولين والسياسيون يعيشون في الخارج وفي بروج عاليه . عجزت الحكومه مرارا عن ضبط الاسعار . لم تستطع حماية المواطن من ارتفاع الأسعار وحماية الوضع المعيشي . أن حال المواطن في عدن يعاني ثمان ساعات تحت لسعة الحر الشديد دون كهرباء . ويعاني في قوته ومعيشته بسبب ارتفاع الأسعار. سؤال أخير أوجه الى الحكومه والمسؤولين في الدوله . الى أين أنتم ماضون بنا اتقو الله فينا انكم مسؤلون عنا وستحاسبون أمام الله . يقول عمر بن الخطاب . لو عثرت بغلة في طريق العراق لسألني الله عنها . لما لم تصلح لها الطريق ياعمر .