البشير ابن صالح الرجال رمز النضال والمسؤولية والرصيد المرصع بالتضحيات
في الإجتياح الغاشم لبلاد الحواشب، أطلق الحوثيون قذائف هآون وغيرها من المقذوفات المدفعية على منزل الدكتور بشير ابن صالح حسن الرجال المغرمي الحوشبي، ولم يمض الكثير من الوقت حتى خرج البشير الحوشبي بنفسه كالمارد، متحدثاً ومحاربا من بين ركام منزله، لقد ظهر الرجل بكامل قيافته وبملامح غير مكترثة لا تشف عن انفعال أو ارتباك أو وجل منطلقا بإرادة فولاذية صلبة الى ميادين الوغى ملاحقا بين التلال والجبال والسهول والقفار فلول تلك الجحافل الإرهابية.
ينتمي البشير، اسما وهيئة وأسلوبا في الحديث وطريقة في القتال إلى الزمن الحوشبي الفاخر والجيل الذهبي المتألق، وعندما كانت بلاد الحواشب "المسيمير" قاعدة الجنوب العربي، ومرتكز وجوده السياسي، وعمود حضارته العريقة والمتألقه.
يجبرك البشير، بحضوره الملوكي العملاق على أن تتجاوز التحفظ الذي يجب أن يبديه المرء عندما يتحدث عن مناقب ومآثر الأحياء، وما تقوله الحواشب على لسان بشيرها، ومن بغم البنادق في الجبهات، هو انها اكثر من مجرد مديرية حاليا بعد ان كانت سلطنة لها صولجانها في السابق، إنها أرض ميعاد الجنوبيون ومهبط وحي ثورتهم المجيدة ونضالهم المقدس، حيث هيكل حضارة عاد وشعاعها التاريخي المطمور، تلك هي أرض الحواشب الغنية بمعادن الرجال التي لاتصدأ حيث تختزن رمالها وصخورها وقفارها وسهولها وبطون أوديتها وجبالها الشفرة الجينية للحضارات الإنسانية القديمة.
لم تعد بلاد الحواشب اليوم مجرد حفنة من الرمل على أرض جرداء مأهولة بالقليل من الناس، كما كانت قبل مئة عام من الآن، لقد غدت منطقة كبرى ساطعة بالأضواء يؤمها الأحرار وتحتضن الثوار ويترعرع من جنباتها المناضلون الأشداء من مختلف المنابت والمشارب والتوجهات.
في العام 2015م، أطلقت جحافل الرثة الحوثية ممن يخبؤون نجاستهم تحت مايسمى قوات الجيش واللجان الشعبية في العربية اليمنية هجوما كاسحا واعتداء بربريا غاشم استهدف مناطق ومحافظات الجنوب العربي، لتجتاح تلك العصابة الدموية أرض الحضارة والتاريخ والثورة والنضال "المسيمير"، تلك العصابات الإجرامية التي خرجت من كهوف مران حاملة للخرافات جهلت تماما بان المسيمير هي منجم المقاومين الأبطال وعاصمة الحواشب التاريخية التي لايمكن التفريط بها مهما بلغت التضحيات، تلك الشرذمة جهلت دور حاضرة الحواشب المركزي والمحوري في التاريخ السياسي للجنوب والوطن العربي.
انه ليس جديداً على بلاد الحواشب أن تكون مركزا سياسيا واجتماعيا وحضاريا للجنوب، فهذه الخبرة راسخة في طينة المكان وذاكرته وهوائه، وتجري في دم كل حوشبي غيور ومحترم، فمن أرض الحواشب انطلقت أول شرارات الثورة الأكتوبرية لطرد المستعمر البريطاني في العام 1963م.
وعقب ما يسمى بالوحدة اليمنية أفل نجم الحواشب، وعند أفوله أفل نجم الحضارة الجنوبية برمته، وغابت المسيمير عن المشهد قرابة ربع قرن من الزمان وها هي تستأنف ذلك الدور التكويني الرائد للجنوب العربي كأمة وكحضارة بعد انتفاضة العام 2015م المباركة.
وأياً يكن مصير المعركة الراهنة التي يخوضها شعبنا المناضل العظيم التواق لإستعادة دولته، فهذا لن يغير إطلاقاً من حقيقة أن بلاد الحواشب قد أسست ثانيةً لعودتها المجيدة الظافرة إلى صدارة الفعل الثوري والنضالي المركزي في مجريات التاريخ الجنوبي المعاصر والحديث، ذلك التاريخ الذي انسحبت منه قبل عقود تحت ضغط عوامل قاهرة كثيرة سياسية واقتصادية وطبيعية.
وها هي موطن البشير تفتدي بنفسها عدن والجنوب وتضحي في سبيل تحقيق المبادئ والأهداف الثورية والتحررية، انها الأرض المليئة بالطاقة الحيوية للفعل العظيم والجسور، تكتب الآن تاريخا حديثا في مواجهة قوى الظلم والغطرسة والبطش والهيمنة والإرهاب وتؤسس لمصيرا وطنيا جديدا للجنوب العربي بعرق ودماء وأرواح الرجال الشجعان والمخلصين.