التراث في الإمارات بين الماضي والحاضر.
التراث ومدى أهميته كمرجع في الإمارات. فلنتحدث عن التراث في الإمارات، لا بد من أن نبدأ بكلمة قالها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه ذات يوم فأصبحت مثلاً دارجاً تتناقله الألسن والأجيال ( من ليس له ماضٍ ، ليس له حاضر ولا مستقبل ).
فعلاً كيف نعيش بلا هوية وبلا أصل فلا خير في إنسان ينسى ماضيه وعاداته وتقاليده ويلبس ثوباً جديداً يستورده من عند الآخرين، من هذا المنطلق كان لدى زايد إيمان راسخ بأن الحضارة والمدنية والثروة ليست سبباً يجعلنا نتخلى عن عادات وتقاليد كنا نؤمن بها وليست عذراً يجعلنا نتخلى عن تراث عريق وماض تليد بناه أجداد سقوا هذه الأرض الطيبة بدمائهم وعرقهم .
زرع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فينا نحن والأجيال الجديدة حب التراث وحب العادات والتقاليد حيث أن للماضي رائحة طيبة عبقة يشتمَها الكبار فيحسون بالحنين له ويشتمها الصغار فيحسون بالنشوة والاعتزاز والفخر ولا أروع من الفخر عند العرب من الفخر بأصولهم وأنسابهم وعاداتهم.
انطلاقاً من الاهتمام بالجمل سيارة الماضي وصديق البدوي الراحل معه في أسفاره ورحلاته كانت الإمارات أول دولة تقيم سباقاً للهجن العربية الأصيلة بل ورصدت لهذه السباقات الجوائز المالية والعينية والتي دفعت الناس إلى اهتمام أكثر بالهجن مما دفعهم إلى اختيار وتنقي السلالات الأصيلة والاهتمام من ناحية الغذاء والصحة والتدريب والمتابعة. وأعطى صاحب السمو الشيخ زايد اهتمامه للسباقات البحرية التراثية ورحلات الغيص وبناء السفن ومسابقات التراث البحرية لتعريف الشباب والجيل الناشىء بمهنة الأجداد في الماضي وهي صيد الأسماك والبحث عن اللؤلؤ في أعماق الخليج خصوصاً بعد أن اندثرت هذه المهنة وصارت جزءاً من الماضي.
لكن وبتوجيهات من صاحب السمو رئيس الدولة أقيمت الأندية البحرية والتراثية والتي صارت تهتم بالسباقات التراثية البحرية وإعادة الحياة لبعض الحرف التي انتهت ولو عن طريق المسابقات والمعارضوغيرها.
فلن ننسى رياضة الصيد بالصقور التي توليها دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً كبيراً وخصوصاً لأنها أحد الرياضات الموجودة في الماضي حتى عادت هذه الرياضة للانتشار من جديد في دولة الإمارات التي زاد الاهتمام فيها بتربية الصقور والمحافظة على السلالات النادرة منها وكذلك من مظاهر الاهتمام بها القرارات الحكيمة للمحافظة على الصقر العربي مثل ضرورة عمل جواز تعريفي لكل صقر وكذلك تركيب أجهزة لتتبع الصقور ومعرفة مسارها وإنشاء مستشفيات خاصة بالصقور واستيراد بعض السلالات النادرة من الخارج .
كما للفروسية رونق خاص في دولة الإمارات حيث أنها صارت من الرياضات الشعبية المحببة للإماراتيين وباقي الجاليات التي تعيش على أرض الدولة، فلقد تم إنشاء أندية لتعليم الفروسية ومضامير سباقات على مستوى عالمي.
ومن مظاهر الاهتمام بالتراث والعادات والتقاليد بعض المباني الحديثة التي تم تصميمها على طراز قديم وكذلك إنشاء المتاحف والبيوت التراثية وإعادة ترميم وبناء وصيانة القلاع والحصون القديمة وكذلك القصور والبيوت التراثية التي مازلت حتى يومنا هذا شاهدة على أصالة الشعب الإماراتي وعلى افتخاره واعتزازه بتراثه وماضيه.
وحرص صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه وبعده أصحاب السمو رئيس الدولة سمو الشيخ خليفة آل نهيان ونائبه سمو الشيخ محمد بن راشد وولي عهده سكو الشيخ محمد بن زايد وأخوانهم على التواجد الدائم مع المواطنين في أغلب البرامج والرياضات التراثية، وحضور الكثير من السباقات البحرية وسباقات القوارب الشراعية وسباقات الخيول وسباقات الهجن العربية الأصيلة .
ولنعرف التراث فهناك انواع متعددة تعنى بالتراث كالشفهي والمقروء والمسموع والمحفوظ، وبين المحاور الأربعة للتراث الشعبي، ففن الرواية : فيه الكثير من التمثيل والتلوين الصوتي، أما الأمثال فهي تقال في العادة في اللحظات الحاسمة، فهي جملة موجزة ومركزة، والموال مقطوعة محدودة الطول ومركزه ومبنية علي الجناس اللفظي والتجربة الشعرية فيه محددة، ويعتبر الموال عماد أغنية الغواصين وصيادي اللؤلؤ في الإمارات والخليج العربي.
كما أن حفظ الأماكن الأثرية والأدوات التي كانت تستخدم منذ القدم والعادات والتقاليد والتاريخ كلها تعنى ومعنية بحفظ التراث مثل مركز التراث الشعبي وغيره من المراكز الثقافية، فلا يوجد إشكالية الاهتمام بالتراث الشعبي في الإمارات فله أهمية كبيرة ولا زالت ليومنا هذا.