تفاقم الأزمات فی إيران
في شبكة الحكم المعقدة، غالبًا ما تدخل الديكتاتوريات مرحلة تراجع تتميز بتقاطع الأزمات المتصاعدة. هذه الأزمات تكون عادةً متجذرة في سنوات من القمع والنهب والفساد المستشري وعدم كفاءة الاقتصاد والعزلة الدولية. يُعنى هذا التقرير بفحص التحديات الحالية التي يواجهها نظام إيران الثيوقراطي، مستخلصًا العبر من إخفاقات الديكتاتوريات التاريخية ومُبرزًا الجوانب الفريدة التي تفاقم من تدهوره
في سنوات من القمع والنهب والفساد المستشري وعدم كفاءة الاقتصاد والعزلة الدولية. يُعنى هذا التقرير بفحص التحديات الحالية التي يواجهها نظام إيران الثيوقراطي، مستخلصًا العبر من إخفاقات الديكتاتوريات التاريخية ومُبرزًا الجوانب الفريدة التي تفاقم من تدهوره.
تآزر الأزمات
غالبًا ما يجد الديكتاتورون أنفسهم محاصرين في دائرة من المشكلات التي يبدو الهروب منها مستحيلًا، مما يسرع من انهيار النظام. نظام ولاية الفقيه ليس استثناءً. إذ يعاني من طبيعته المتخلفة التي تجبره على الانخراط في الحروب والتدخلات الإقليمية، وبالتالي تصدير أزماته الداخلية. كما أن النظام يعاني من مستويات فساد غير مسبوقة يُشار إليها داخليًا بـ “الفساد النظامي” أو “أوكار الفساد”، ويتدخل في كل تفاصيل القضايا الاجتماعية والحقوق الأساسية مثل الملبس والتعبير والمعتقدات بسبب ميزته البارزة في “كراهية النساء”.
وسلطت الصحيفة الحكومية “جهان صنعت في 14 نوفمبر 2024 الضوء على مأزق الحكومة في مقال بعنوان “تفكك العمليات”، والذي يصور كيف علقت الإدارة الحالية في مستنقع حيث يؤدي أي حركة إلى تفاقم الانحدار. ويهدف النظام إلى معالجة قضية دعم البنزين بطريقة تعكر صفو أسعار السلع وموارد الطاقة، مما يؤدي إلى المزيد من الفوضى الاقتصادية.
وفي نفس اليوم، تطرقت الصحيفة الحكومية هم ميهن إلى تداخل القضايا تحت عنوان “تشابك مسائل إيران”. ولاحظت الصحيفة التداخل الكبير بين ارتفاع أسعار البنزين في البلاد وانقطاع التيار الكهربائي والقضية العالمية لتغير المناخ. وتفاقم الوضع بسبب السياسات التي لا تتماشى مع المعايير الدولية لتقليل الغازات الدفيئة، والتي تدفع إيران الآن ثمنًا باهظًا. كما أشارت النشرة إلى الانقسام السياسي الداخلي كعامل رئيسي في عجز النظام عن معالجة هذه الأزمات بفعالية.
وتُظهر خصائص النظام الفريدة من نوعها من الكراهية والطمع في السلطة، وهي أمور غير مسبوقة في التاريخ والسياسة، كما لاحظتها “هم ميهن”، والتي من المحتمل أن تكون السبب في تحول جميع أزمات النظام نحو زيادة الاحتجاجات العامة وعدم الرضا. في محاولات لإرضاء الجمهور، يقدم النظام وعودًا متنوعة مثل رفع الرقابة على الإنترنت وإلغاء دوريات الشرطة الأخلاقية، لكن هذه الوعود تفشل بسرعة، مما يزيد من عزلته لدی الجمهور.
وعلاوة على ذلك، أدى استخدام النظام المفرط للمازوت كوقود إلى تلوث الهواء الشديد وارتفاع في القضايا الصحية المرتبطة به، مما يؤدي بدوره إلى تغذية استياء الجمهور والأزمات الاجتماعية. یؤدي النقص اللاحق في إمدادات الوقود إلى تفاقم الشكاوى العامة والمهنية، مضيفة إلى الحالة الثورية التي تتصاعد ضمن مجتمع غير راض.
وتؤدي تكتيكات النظام، بما في ذلك زيادة عمليات الإعدام لبث الخوف، إلى تقوية المقاومة داخل وخارج السجون. المجتمع الإيراني، المحبط من وعود النظام الفارغة وأكاذيبه، مستعد للانفجار في احتجاج. كما ذكرت صحيفة ستاره صبح في 13 نوفمبر، “لدينا مجتمع غير راض لأنه لا يعتقد أن هذه الحكومة تعمل من أجل مصلحة البلاد. إذا بدأت المقاومة في الشوارع، فإن الإنجازات القليلة للحكومة ستزول أيضًا.”
مع تشابك وتعمق الأزمات، يواجه النظام الإيراني ليس فقط تحديًا داخليًا شديدًا ولكن أيضًا موقفًا ثوريًا محتملًا يتحرك بواسطة أي شرارة في الشوارع المتقلبة. يُبرز هذا الموقف الحرج الحالة الخطيرة للشؤون تحت الحكم الثيوقراطي في إيران، مع تعليق مستقبله في الميزان بينما تستمر التوترات في التصاعد داخليًا ودوليًا.