السلال صالح علي" عملاق العمل الطبي ونموذج رائع للعامل الصحي
هناك أعمال تتحدث عن فاعلها، فلكل مبدع إنجاز، ولكل شعر قصيدة، ولك مقام مقال، ولكل نجاح شكر وتقدير وثناء وعرفان، والمبدعون هم قليلون في مختلف المجالات العلمية والثقافية والمهنية في زمننا الحاضر، وشيء جميل ورائع عندما يجتمع الإخلاص والتفاني في العمل مع حب المهنة ويمتزج ذلك مع الإبداع والتميز والتفوق المهني في شخص الموظف العام او الخاص، ذلك الإبداع والإخلاص منقطع النظير شاهدناه عند زيارتنا للمستشفى الريفي بمديرية المسيمير محافظة لحج، حيث ادهشنا مستوى العمل والإنضباط والتفاني في تقديم الخدمة لطالبيها من شريحة المرضى ومرتادي المستشفى من مختلف الفئات العمرية.
واعجبنا كثيرا من المستوى العملي الرأقي للدكتور "السلال صالح علي الحوشبي" احد كوادر القطاع الصحي المخضرمين بالمسيمير، الرجل الذي مضى على وجوده في ميدان العمل الطبي عقود طويلة من الزمن، حيث تجسدت فيه كل معاني الإيثار وحب المهنة والوطن من خلال الكفاءة والإخلاص والإبداع في أداء مهامه الوظيفية، حيث رأيناه يعمل بكل جد واجتهاد ومثابرة واخلاص وحيوية ونشاط دؤوب في مختلف الأقسام مساهما بشكل مباشر في تلبية احتياجات المرضى من كافة الجوانب الخدمية الطبية والعلاجية والإسعافية، وتتجلى في شخصية الدكتور "السلال صالح علي" عزيمة وصلابة متناهية لقهر الصعوبات وتجاوز التحديات وإنجاز المهام، تلك المعادلات تترجم دائما حقيقة العزيمة التي تنتصر وتتغلب على المعاناة، إذ استطاع بجهوده الذاتية الى جانب المخلصين ان يجعل المستشفى الريفي في المسيمير من بين نخبة المستشفيات النموذجية على مستوى محافظة لحج من حيث تقديم الخدمات الإستطبابية والعلاجية المتعددة التي يستفيد منها الناس.
بدأ "السلال صالح علي" رحلته في العمل بالقطاع الصحي عام 1980م، متطوعا في مجال معالجة حالات الإصابة بمرض الكوليرا وهو حينها لم يتجاوز ربيعه الـ 15 من العمر، ثم التحق في العام 1981م بدورة تدريبية بمجال التمريض ونظرا لكفاءته استوعب للعمل في القطاع الصحي وتم توظيفه رسميا بالمركز الصحي في عاصمة المديرية، بعد ذلك انتقل الى منطقة الوهط وعمل هناك لفترة من الزمن ثم عاد مرة أخرى الى مدينة المسيمير ليستقر ويعمل فيها، وعند افتتاح الوحدة الصحية بمركز الدريجة عمل هناك لمدة عامين، وبعدها جرى ترشيحه من قبل الحزب الإشتراكي اليمني للإنخراط في الخدمة العسكرية لمدة ثلاث سنوات حتى تخرجه منها في العام 1986م، بعد ذلك عمل في المركز الصحي بعاصمة المديرية، ومن ثم جرى نقله للعمل بالوحدة الصحية في مركز حبيل حنش وخدم هناك لمدة ثلاثة أعوام، وبعدها انتقل الى الوحدة الصحية الواقعة بمركز النخيلة وعمل فيها لفترة من الزمن، لينتقل بعد ذلك للعمل في الوحدة بمركز عهامه عقب افتتاح مبناها، حيث عمل هناك لمدة ثم عاد للعمل في مستشفى المسيمير الريفي ومنها جرى نقله لعام واحد الى الوحدة الصحية بمركز شعثاء ليستقر به المقام مؤخرا في مستشفى المسيمير الريفي الذي مايزال يخدم فيه حتى اللحظة، وتم تعيينه عدة مرات خلال هذه الفترات بمنصب ناظر تمريض، كما رشح خلال فترة حرب 2015م في دورة للضباط الصحيين أقيمت بمدرسة عمر علي بمديرية البريقة في العاصمة عدن، كما حصل طيلة فترة عمله على العديد من الشهادات التقديرية من قبل الكثير من المنظمات الدولية التي اشادت في مجملها بعطاءاته الوفيرة ومنها في شهادات في مجال معالجة أمراض سوء التغذية، لتطرز مسيرته الظافرة والطويلة تلك بسجل مشرف ورصيد نضالي حافل بالعطاءات والمنجزات والتضحيات في مضمار هذا العمل الإنساني النبيل والمقدس.
وخلال العقود الفارطة من الزمن برز أسم "السلال صالح علي" واحدا من الكوادر النزيهة والرموز الرائدة بمجال العمل الصحي في بلاد الحواشب، وارتبط أسمه بتقديم الخدمات الطبية ومد يد العون والمساعدة العلاجية لكافة المرضى بعموم مناطق المديرية، تلك الجهود المضنية والعطاءات المتفانيه استفاد منها المرضى بمختلف فئاتهم وأجناسهم، ولم يمنعه تقدمه بالعمر من مواصلة مشواره العملي المتميز حيث لايزال يقدم خدماته الجليلة لنطاق واسع ويستطيع من خلال خبراته العملية المتراكة التفوق على كثير من أطباء هذا الزمن، فهو من كسر اليأس والقنوط والإحباط وواجه التحديات والعراقيل والمعوقات وتغلب على المثبطات بسلاح الإرادة والعزيمة والإصرار، ورغم حالة التجاهل والجحود والنكران والنسيان وعدم التقدير للإسهامات والبصمات والأعمال الوطنية والإنسانية المشهودة التي يقوم بها إلا ان كل ذلك لم يثنيه عن مواصلة درب مهنته الإنسانية النبيلة والمقدسة وخدمة شرائح المرضى على مدار اليوم، حيث نجده في كثير من الأحيان يذهب لإسداء هذه الخدمة ومساعدة المحتاحين لها الى منازلهم في ساعات عصيبة ومتأخرة من الليل وفي أوقات يكون هو فيها احوج ما يكون للهدوء والإسترخاء واخذ قسط من الراحة بعد يوم مضني وشاق وطويل قضاه في موقع عمله الوظيفي.
ذلك هو "السلال صالح علي"، احد الرجال الأوفياء ومنتسبي مهنة ملائكة الرحمة الذين لايردوا سائلا طلب العون والمساعدة في أشد واحلك الظروف والأوقات حتى وان كان ذلك على حساب راحتهم وإلتزاماتهم الأسرية والعملية، لم يكن هذا الرجل يوما يبحث عن شهرة ولا سمعة بالرغم من أحقيته بها مقارنة بالأخرين، فقد فضل العمل في موطنه وخدمة ابناء بلده المستضعفين والفقراء والمعدمين رغم العروض المالية المغرية التي انهالت عليه للإستفادة من خدماته الواسعة وخبرته وعطاءاته الكبيرة، رجل ناضج ووقور يتمتع بدماثة أخلاق رفيعة وعالية وحسن تعامل وتواضع جم وانسانية متناهية لايميز من خلالها بين مريض وآخر فالجميع عنده سواسية، ناهيك عن تميزه بالدهاء والكفاءة والإيثار على النفس والدقة والإتقان في العمل وهذه صفات لاتتوفر إلا في العباقرة والنجباء والنوابغ والدهاة ممن يتحملون وعثاء العناء والتعب المتواصل والمشقة ويعملون دون كلل او ملل في سبيل أوطانهم ولإيصال الخدمة لمستحقيها حتى وان كان ثمن ذلك هو حياتهم، انه فخر العمل الصحي والنموذج الأروع والأرقى للموظف المثابر والمخلص والمتفاني والرائد في أداء رسالته الإنسانية السامية والعظيمة.