بقايا أحلام متناثرة
لقد حاولت وأحاول التمسك ببقايا الحلم الّذي عصفت بهِ رياح الحرب في الوطن، وأخفته أمواج البُعد في بلد المهجر.. حاولت التمسك به من خلال كلمات بسيطة تخطّها أناملي الّتي كُبدت بأوجاع الغربة ومرارة العيش وأوصدت بأغلال الموت في منفذ بلدها، إنه الحلم البسيط الّذي تتوق نفسي لمعانقته بعيداً عن ضجيج الغربة وموشحات الإذلال حياة العلم بين رواحة الدرس وريحان الكتاب في ربوع وطن آمن خالي من النكبات.
لقد اخترت موضوع الكتابة لأذهب بالروح المتعبة إلى عالم آخر وما هو إلا وجعاً يكتب بالمفردات ويصاغ بالجمل.. الروح تهوى الإبداع والمحبة والواقع سلطان متجبّر لا يهدي النفس إلى هواها ويسوقها إلى حياةٍ معاكسة لما تهوى.
لجأنا إلى عالم الكتابة ولسنا كتّاباً إنما بسطاء في ذلك العالم الممتد ثقافةً وعلماً، وإنّما وجدنا الحرف هو الصديق الوحيد المؤنس في ظلام الغربة لنتسمك ببصيص نور حلمنا الذي من خلاله نضيء عتمة الليالي المسودّة.
إننا مع البقايا المتطايرة من كل حلم وهدف، أمّا الأشياء المكتملة فقد وزّعت بعيداً عن مناظرنا، فغدينا نركض خلف البقايا لعلّنا نصل إلى المبتقى، وأني أرى الروح تفنى والعمر يذهب والحلم أو بقاياه ما زالت تذهب بها رياح القدر معاكسة لطريقنا.